اشتعلت الحرب بين التيارات الاسلامية والتيارات الليبرالية منذ قيام ثورة 25 يناير وقد اتخذت هذه الحرب عدة اشكال بدأت ب"غزوة الصناديق" التي اعتبرها الاسلاميون انتصارا للدين الاسلامي حيث صوت فيها المصريين بنعم للتعديلات الدستورية ، بينما لم يرضخ التيار الليبرالي لهذه النتيجة وقرر اعلان حرب "الدستور اولا" من خلال جمع 15 مليون توقيع والدعوة لمليونية 8 يوليو/حزيران لتأجيل الانتخابات البرلمانية القادمة في سبتمبر/أيلول القادم ووضع دستور يرسي قواعد الدولة المدنية قبل اجراء الانتخابات، فيما اعلن الجانب الآخر حالة الاستعداد القصوى لمواجهة حرب "الدستور اولا" بفكرة "الانتخابات اولا". وتسود حالة من الاستنفار داخل الساحة السياسية في مصر حيث انقسمت القوى الوطنية والتيارات الحزبية إلى فريقين يمتلك كلا منهما مبرراته وأدواته للتأكيد على صحة رؤيته لما ستكون عليه مصر في المستقبل،وبمنتهى الحيادية قامت شبكة الاعلام العربية "محيط" برصد أراء كلا الفريقيين المؤيد لل"الدستور اولا" والمعارض له. تعديل الدستور وأكد نائب رئيس حزب التجمع ابو العز الحديدي على اهمية وضع الدستور قبل اجراء الانتخابات البرلمانية من اجل توفير آلية لمحاسبة الحكومة المقبلة والرئيس القادم ،بالاضافة الى اهمية تغيير صلاحيات الرئيس وتفعيل آليات الرقابة على مؤسسات الدولة،موضحا ان الدولة يجب ان تبنى على أسس واضحة من البداية. واستنكر بعض المبررات التي ساقاها الجانب الاخر المؤيد لفكرة "الانتخابات اولا" ،ومنها ان الانتخابات ستدعم الاستقرار في مصر ،موضحا ان مصر بها حكومة تدير أمور البلاد وتحاول تحسين الاوضاع ،بينما ما يدعو اليه فريق "الدستور اولا" هو اعادة لبناء دولة ووطن. واضاف ان نواب مجلس الشعب المصري القادم غير موثوق في قدرتهم على تعديل الدستور بالشكل المرجو ،لان البرلماني المصري غير مؤهل لوضع تشريعات وقوانين تقوم عليها الدولة المدنية. واوضح ان طبيعة الهيئة التأسيسية التي ستضع الدستور المصري مختلفة من حيث الكفاءة القانونية عن كفاءة البرلماني مما يعني انه سيكون خلل رئيسي بالدستور في حالة اجراء الانتخابات التشريعية قبل وضع الدستور. وأضاف "لا يمكن بناء عمارة دون وضع الأسس التي ستقوم عليها" في اشارة الى الدستور. ورفض فكرة الضمانات الدستورية التي وضعها التحالف الوطني من أجل مصر ،قائلا" انها مسالة عبثية ،ولابد ان تقوم لجنة تأسيسية تعمل على وضع الدستور الجديد وازالة كل السلبيات الموجودة به". ورفض اعتبار دعوة "الدستور اولا" انقلاب على الديمقراطية وعلى خيارات الشعب في الاستفتاء السابق على التعديلات الدستورية،موضحا ان الاستفتاء تم في اجواء غير ديمقراطية حيث تم استخدام الشعارات الدينية بعيدا عن المناخ الانتخابي الصحيح حيث اطلق عليها البعض "غزوة الصناديق". وفي سياق متصل ،اتهم السلفيين والاخوان المسلمين بالسعي لاجراء الانتخابات البرلمانية بشكل سريع للانقضاض على السلطة. وحول تعهدات الإخوان بالعمل على الحصول على نسبة لا تتجاوز 35% ،علق قائلا "ده كلام فنجرة ،لا يوجد في السياسة ما يعني قدرة الحزب في الحصول على 80%من المقاعد البرلمانية في الوقت الذي يعلن الحزب عن الاستحواذ على 35% فقط". وحذر"المجلس القادم سيكون أكثر المجالس حرية في الاختيار والاسوا في المحصلة"لانه لن يأتي بنواب بالمعنى الصحيح حيث ان الاخوان والسلفيين وفلول الحزب الوطني هم الاكثر قدرة على الفوز في هذه الانتخابات. ضمانات غير ملزمة وبدوره ، يرى وائل نواره القيادي بحزب الجبهة ان فكرة وضع ضمانات دستورية متفق عليها مثل حرية العقيدة والعبادة ومدنية الدولة وتحديد مدة الرئاسة خمسة سنوات لا يتم تجديدها الا مرة واحدة هي فكرة لا بأس بها،الا انه هذه الضمانات ليس ملزمة لمجلس الشعب القادم او ملزمة لاي تيار سياسي مصري حتى لو وافق عليها المجلس العسكري الحاكم. وطالب بفتح حوار وطني بين القوى الوطنية المصرية من أجل الوصول الى اتفاق عام حول مسالة الدستور القادم. وأكد على ان الشعب المصري لم يتم استطلاع رايه في فكرة الدستور اولا ام الانتخابات اولا،قائلا "ان نتيجة الاستفتاء لا تعبر باي حال من الاحوال عن رفض المصرييين لوضع الدستور قبل اجراء الانتخابات بينما تم استفتاء الشعب في تعديلات بنود بعض المواد في دستور 71". وأضاف أن"اللجنة التي وضعت هذه التعديلات ودت البلد في داهية لانها ادت الى اشتعال الازمة الحالية في مصر". الشعب سيد قراره وعلى صعيد الجانب المؤيد لفكرة "الانتخابات اولا" ،أكد امين عام حزب الحرية والعدالة والقيادي بجماعة الاخوان المسلمين سعد الكتاتني ان "الشعب هو سيد قراره ولا يجوز لاي قوى سياسية ان تعطي ضمانات باسم الشعب ،ولا يجب ان تدعي القوى السياسية انها تملك الدستور المصري وتملك تعديله منفردة برايها". واضاف "الشعب هو مصدر السلطات وهو الذي يمنح الضمانة للدستور"،موضحا ان لجنة المائة المخول لها وضع الدستور عقب الانتخابات البرلمانية لن تقوم بوضعه الا بعد استطلاع اراء كافة طوائف الشعب في كافة المواد التي سيتم طرحها داخل الدستور ثم يتم مناقشتها في مجلس الشعب لطرح التصويت عليها". وانتقد كل من يدعو الى وضع الدستور بحجة ان نواب مجلس الشعب القادم ليسوا على قدر من الكفاءة لوضع مثل هذا الدستور ،قائلا "ده كلام سخيف لا يجب اصدار حكم مطلق على نواب البرلمان القادم".