بعد عام واحد من حرب الخامس من يونيو عام 1967 افتتح الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مشروع السد العالي الذي خاضت مصر من أجله حروبًا عدة انتهت بتحالف صهيوني غربي استهدف ضرب المشروع النهضوي الذي دشنه عبد الناصر والذي كان السد واحدًا من محطاته. اليوم تمر ذكرى "النكسة" في وقت تحتفل فيه مصر بانهيار نظام مثل على مدى ثلاثين عاما عائقا أمام الرقي والتقدم. ولأن الأمل يولد من رحم اليأس والانكسارات أحيانا ما تدفع إلى الانتصارات جاء السد العالي ليؤكد للعالم أن النكسة ما هي إلا عرض لن يوقف حلم التقدم لدى شعب مصر الذي عليه الآن أن يحصر ثرواته ويحسن الاستفادة منها من أجل مواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية ومن أهمها الثروة الهائلة التي يجسدها السد العالي. حلم قديم في الماضي كان بناء السد العالي حلما يراود جميع المصريين حكومة وشعبا، قيل إنه الحلم الذي تأجل أكثر من ألف عام، حيث حلم به الحسن بن الهيثم في القرن العاشر الميلادي، حيث روى عنه في ذلك الوقت أنه قال: "لو كنت بمصر لعملت بنيلها عملا يحصل النفع في كل حالة من حالاته من زيادة ونقصان". بقي الحلم محضا من الخيال حتى جاء جمال عبد الناصر وفعلها فهو الوحيد الذي استطاع أن يتحدى الغرب ويثبت لهم أن مصر قادرة على بناء السد العالي والاستغناء عن مساعدتهم بعد تأميمه لقناة السويس 1956حتى يخصص العائد منها لتمويل المشروع وذلك بعد أن سحب البنك الدولي للإنشاء والتعمير عرضه بخصوص التمويل تحت تأثير الضغوط الاستعمارية من بريطانيا والولاياتالمتحدةالأمريكية، هكذا تصبح قيمة مشروع السد العالي نابعة من كونه مشروعاً سياسياً واجتماعياً ناجحاً لاسيما وأنه ليس أقدم السدود ولا أكبرها حيث يأتي ترتيبه الثامن والعشرين بين سدود العالم الكبرى. واجهت مصر بقيادة زعيمها الراحل جمال عبد الناصر ضغوطاً قوية للتخلي عن حلم بناء السد ووقفت القوى العظمى في العالم ضد مصر وإرادة رئيسها لبناء السد لكن عبد الناصر صمد وقاتل حتى اكتمل الحلم ونجح في بناء السد، أما من الناحية الاجتماعية فكان السد العالي بمثابة المشروع القومي الذي وحد المصريين الذين التفوا حول الحلم فصنعوا المعجزات وأقاموا أعظم المشاريع، هكذا أصبح السد العالي إعجازا لمصر تحدث عنه العالم أجمع بعد أن كان تحقيقه على أرض الواقع من رابع المستحيلات. وإذا نظرنا إلى أهمية السد العالي اقتصاديا لوجدناه من المشروعات ذات العائد الاقتصادي المرتفع جدا إذا ما قورن بمثيله من المشروعات العالمية الأخرى إذ بلغ العائد خلال عشر سنوات منذ بداية إنشائه ما لا يقل عن عشرين ضعفا مما أنفق عليه. لقد أكد الكثير من الخبراء على وجود أخطاء هندسية بتصميم السد العالي وأهمها عدم تصميم قنوات لتصريف الطمي من وراء السد إلى نهر النيل مما أدى إلى نقص مساحة الرقعة الزراعية الصالحة للزراعة، بالإضافة إلى تقليل استفادة المصريين من الثروة السمكية، حيث أصبح ما يستخرج منها هو ثمانية آلاف طن فقط بعد أن كانت تقدر بخمسين ألف طن سنويا، إلا أن ذلك الخطأ الهندسي كان من شأنه أيضا جلب الحظ للمصريين، وكأن السد العالي تميمة لمصر، ذلك أن تجمع الطمي كان سببا في ترسيب المعادن وعلى رأسها الذهب والبلاتين حسبما أكد د. أحمد عبد الجواد رئيس فريق الأبحاث بمعهد الكويت للأبحاث العلمية ومؤسس المجموعة الاستشارية الصناعية بجامعة جورج تاون في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وما يؤكد ذلك الحقيقة العلمية التي تثبت أن كل أنهار الأرض زاخرة بالذهب والبلاتين والمعادن النفيسة والعناصر المشعة. هذا بالإضافة إلى أن الأمر لا يقتصر على الذهب والبلاتين فقط حيث يحتوي السد العالي على أربعة ملايين فدان بارتفاع متر تكفي لخصوبة أربعين مليون فدان بالصحراء. منجم الذهب حسب دراسة الجدوى التي تم وضعها لاستخراج كميات الذهب والبلاتين من الطمي المتجمع، فإن تكلفة المشروع لن تزيد على 50 مليون دولار وبعدها يمكن لمصر حصد أطنان من الذهب تكفي لبناء عشرة محافظات جديدة وزرع أربعين مليون فدان وتمويل كل مشروعات البناء والتنمية في مصر، كما سبق وأن فعلت أمريكا عند استخراجها الذهب من نهر الميسسبي فكان سر بناءها وسببا في تقدمها. سد أسوان العالي أو السدّ العالي هو سد مائي على نهر النيل في جنوب مصر، أنشئ في عهد جمال عبد الناصر وساهم السوفييت في بنائه ، ساعد كثيرا في التحكم في تدفق المياه والتخفيف من آثار فيضان النيل، كما يستخدم لتوليد الكهرباء في مصر. بدأ بناءه في عام 1960 وتم الانتهاء منه عام 1968 وقد قدرت التكلفة الإجمالية بمليار دولار.