مصرع 3 أشقاء ونجل أحدهم في معركة على قطعة أرض بأسيوط    ارتفاع الناتج الصناعي لكوريا الجنوبية في أغسطس لأول مرة في 4 شهور    الاحتلال يستهدف العاصمة اللبنانية بيروت    البيت الأبيض: قمنا بتأمين قوات طوارئ إضافية في الشرق الأوسط    الحوثيون باليمن: مقتل وإصابة 37شخصا في قصف إسرائيلي بالحديدة    كولر يرفض تعيين مديراً للكرة بالنادي الأهلي بعد رحيل خالد بيبو    ناصر ماهر: ربنا عوضني وكرمني بنادي الزمالك.. والسوبر الأفريقي أغلى بطولة    أستاذ اقتصاد: بعض حراس العقارات يتجاوز راتبهم 10 آلاف جنيه ويطالبون بالدعم    «شغلوا الكشافات».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الاثنين: 4 ظواهر جوية مؤثرة    «القاهرة الإخبارية»: أنباء تتردد عن اغتيال أحد قادة الجماعة الإسلامية بلبنان    لبنان: استشهاد 53 شخصا وإصابة العشرات في أحدث الهجمات الإسرائيلية    سعر الذهب في مصر اليوم الاثنين 30-9-2024 مع بداية التعاملات    «لو كنتب موجود مكنش هياخد هداف الدوري».. سيف الجزيري يتحدى وسام أبوعلى    بعد الهزيمة أمام الزمالك.. 4 أسماء مرشحة لمنصب مدير الكرة ب النادي الأهلي    شراكة استراتيجية مع «الصحة العالمية» لتعزيز نظام الرقابة على الأدوية في مصر    محمد أسامة: جوميز من أفضل المدربين الذين مروا على الزمالك.. والونش سيعود قريبًا    موعد مباريات اليوم الإثنين 30 سبتمبر 2024.. إنفوجراف    نقيب الفلاحين: الطماطم ب 50جنيها.. واللي يشتريها ب "أكثر من كدا غلطان"    التعليم تزف بشرى سارة ل "معلمي الحصة"    إصابه 4 أشخاص إثر اصطدام دراجتين ناريتين في المنوفية    العثور على جثة حارس مهشم الرأس في أرض زراعية بالبحيرة    أحلام هاني فرحات بين القاهرة ولندن    10 تغييرات في نمط الحياة لتجعل قلبك أقوى    5 علامات للتعرف على نقص الفيتامينات والمعادن في الجسم    مستقبل وطن البحيرة يطلق مبادرة للقضاء على قوائم الانتظار    السعودية تعرب عن قلقها البالغ إزاء الأوضاع الأمنية في لبنان    أسعار شقق جنة مصر المنصورة الجديدة.. التفاصيل كاملة    سعر استمارة الرقم القومي يصل ل 800 جنيه.. إجراءات جديدة لاستخراج البطاقة في دقائق    انطلاق أولى ندوات صالون المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي    من خلال برنامج القائد| 300 ألف يورو لاستكمال المركز الثقافي بالقسطنطينية    مفاجآت سارة ل3 أبراج خلال الأسبوع المقبل.. هل أنت منهم؟    المفتي: الإلحاد نشأ من أفهام مغلوطة نتيجة خوض العقل في غير ميدانه    «الإفتاء» توضح حكم تناول مأكولات أو مشروبات بعد الوضوء.. هل يبطلها؟ (فيديو)    أجواء حماسية طلابية في الأنشطة المتنوعة باليوم الثاني لمهرجان استقبال الطلاب - (صور)    صالون التنسيقية يفتح نقاشا موسعا حول ملف التحول إلى الدعم النقدي    طبيب الزمالك يكشف آخر تطورات علاج أحمد حمدي    مكون في مطبخك يقوي المناعة ضد البرد.. واظبي عليه في الشتاء    جامعة المنيا تقرر عزل عضو هيئة تدريس لإخلاله بالواجبات الوظيفية    سقوط غامض لفتاة يثير لغزًا في أكتوبر    الفرح بقى جنازة، مصرع شاب وإصابة آخر في حادث تصادم جنوب الأقصر    السفيرة الأمريكية لدى مصر تشارك في فعاليات برنامج "هى الفنون" بالقاهرة    نابولي يفوز على مونزا 0/2 ويتصدر الدوري الإيطالي مؤقتا    محافظ جنوب سيناء: 15% زيادة متوقعة بحجم الإقبال السياحي في أكتوبر ونوفمبر المقبلين    د.حماد عبدالله يكتب: فى سبيلنا للتنمية المستدامة فى مصر !!    زوج أمام محكمة الأسرة: «كوافير مراتي سبب خراب البيت» (تفاصيل)    نسرين طافش أنيقة وفيفي عبده بملابس شعبية.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    حدث بالفن| اعتذار شيرين لشقيقها وموعد عزاء زوجة فنان وانطلاق مهرجان الجونة السينمائي    تامر عبدالمنعم بعد رئاسة "الفنون الشعبية": طالما لدي شباك تذاكر فالمسرح يهدف للربح    4 شهداء ومصابون في قصف للاحتلال وسط وجنوب قطاع غزة    فصائل عراقية مسلحة تعلن تنفيذ هجوم على هدفين في إسرائيل    الأنبا باسيليوس يترأس قداس المناولة الاحتفالية بكاتدرائية يسوع الملك    "الحماية المدنية" تسيطر على حريق هائل في سيارة تريلا محملة بالتبن بإسنا جنوب الأقصر    جثة أسفل عقار مواجهة لسوبر ماركت شهير بالهرم    عميد معهد القلب يكشف تفاصيل إنقاذ حياة شاب بعملية الأولى من نوعها    هل يجوز أن أترك عملي لأتابع مباراة أحبها؟.. رد صادم من أمين الفتوى لعشاق كرة القدم (فيديو)    إبراهيم رضا: الزوج الذي لا يعول أولاده خان علاقته بالله.. فيديو    مفاجأة حول المتسبب في واقعة سحر مؤمن زكريا.. عالم أزهري يوضح    الموت يفجع الشيخ أحمد عمر هاشم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لبابة السر الوجع البابلي..رواية شوقي كريم حسن ..دراسة :اياد خضير
نشر في الزمان المصري يوم 15 - 11 - 2020

العتبة الرئيسية للرواية لبابة السر، هو الوجه الآخر للمؤلف، نص آخر له دلالته الضمنية في الخطاب الروائي، معناه من وظيفته لان عنوان الشيء دليله وضع في البداية لأنه خير من يساعدنا في كشف عرض المؤلف، يقال لبابة اسم يكنى به سيد القوم، واللبابة : قلب الثمرة وما في جوفها، اسم لبابة تحمل الكثير من الصفات الجميلة، شخصية قوية تسيطر على كل الامور في حياتها وتتحمل جميع الظروف، شخصية مميزة وذات عقل ناضج، عامل الزمن يعود الى فترات زمنية طويلة تحكي التاريخ البابلي عن طريق الراوي العليم الذي يسرد الاحداث مع تعدد الرواة نقرأ التفاصيل التي يعرضها السارد للمتلقي، العتبات الفرعية تنتهي ( الرقيم الحادي عشر 17 ) بعد المقدمة جاءت عتبات العناوين رقمية وهي بمثابة الاشارات الدالة القائمة بإرشاد المتلقي وتوجيهه ابتدأت بالرقيم الاول يتحدث الراوي عن المعابد في المدن والكهنة الذين يستغلون الناس الفقراء ذاكراً بابل التي يوما ما كانت تزهو اما الآن فغدت مجرد انقاض وركام، سرد جميل وحبكة متراصة بعدها ينتقل بنا الى الرقيم الثاني قائلاً: ( بابل احرقت وجودها بالخوف وها هي ثانية تذر رمادها في امتداد السماء علها تنسى وجع اللحظة التي أيقظت كهانها ارتباك الخطو وصهيل الخيول ونداءات الحزن الشديدة الوطأة، كيف يمكن لقلب
ملكوم نسيان هذيان محنة وثم ما يذكره دوماً بان الطرقات ما عادت غير وهم مسحور وضحكات تلوم الانهزام ) ص9
اغلب العتبات الفرعية فيها الكثير من المعاني والحوارات والاساطير ذكرها السارد ابتداءً من الرقيم الثالث، ذكر ديموزي الذي تزوج الالهة عشتار حبيبها لم يكن الهاً مقدساً بل كان مجرد راعي بسيط احبته عشتار .
حوار مع شوقياً ومعلمه البابلي الحكيم، يستعرض الكثير من الامور ويتطرق الى جلجامش، أورنمو: أقدم مكتشف لحد الان قبله قانون حمورابي في مدينة اور، واتوحيكال : اول حاكم سومري حكم سومر قام بأول ثورة في التاريخ كانت تحالفا بين شعبين في بلاد الرافدين، في الحوار ذكر نبونيد : ملك بلاد بابل تزوج من ابنة نبوخذ نصر ، كما ذكر وشبي ايرا: اول ملك ايسن في جنوب العراق في محافظة القادسية وهو من الامويين الذين كانوا جنوب العراق.
اسلوب الرواية.. يميز الكاتب عمله عن عمل كاتب آخر، ومن خلاله نستطيع ان نحكم على جمالية الاعمال ودقتها، الاسلوب آذن هو مبدأ الاختيار ضمن أمكانية اللغة والالفاظ ومن خلال قراءتي بعض روايات وقصص شوقي كريم أستطيع ان اميز كتاباته عن كتابة الاخرين، تحمل في طياتها بعضها العامية فهو ابن الجنوب الساكن وسط اناس بسطاء فقراء، اي بمعنى الاسلوب هو الكاشف عن فكر صاحبه ونفسيته يقول ( افلاطون) كما تكون طبائع الشخص يكون اسلوبه، ويقول ( بوفون ) الاسلوب هو الانسان نفسه، رواية لبابة السر اسلوبها بسيط او سهل واقعي فيه الكثير من صور المعيشة، صور بسيطة لعوائل فقيرة الغارقة في الحرمان والفشل تحت سطوة الكهنة .. العاطفة هي الاخرى متعثرة في ظل الظلم الاجتماعي لبعض الملوك الذين ينتهكون الاعراض، أغلب عتبانها تجسد المعاناة فهي تذكرنا بتراثنا القديم وتحكي اور وانكيدو، السارد يأخذنا الى ثنايا الزمن الماضي يحرك الرماد يتحرك الجمر.. يتطاير فنشمه، يدخل انفاسنا ويأخذنا بعيداً عن واقعنا الى واقع كان مخبأ بعيداً او غارقاً في النسيان
نحن ابناء الفقراء.
( وكيف يمكن ان نصنع لنا مجداً بعد ان ارتشفت عيوننا غبار الخشب المحترق وشذر المباخر التي استحالت الى كتل من صمت كيف يكمن لنا اعادة ترتيب الشيء ولا شيء يشدنا سوى
ماضٍ كان ذات يوم حاضراً له طعم عسل التمر وبرودة ماء القرابين ؟!! ) ص12
هناك اصوات او ما تسمى بالراوي المشارك او الممسرح اسهمت في اثراء النص وتلوين مساراته مثل : شوقيا و نودعس …
تستكمل صوغ الخطاب ضمن دائرة السرد الموزعة على متن الرواية، لقد فتحت اصوات النص سرد الرواية شكلاً حوارياً استنطق اشكالات الوعي المغيب والمعلن الذي تتمتع به الشخصيات . ( كان الفجر قد أنطر، وبدأت سحب العتمة تتوارى خلف حمرة شفيفة ما لبثت ان تبرجت بمفاتن زرق، حين وقف شوقيا يتأمل البوابة الغارقة بصمت مهين، قانات جردتها رياح الزمن فجعلتها مجرد خواء منخور، كان نودعس يرى بخوف مترقباً لحظة البدء حاسا ان اعماقه تمور بأجوبة الفسل ) ص350
الرواية تحمل في طياتها صوراً كثيرة ممتعة ومؤلمة رسمت بالكلمات أجاد السارد في رسمها مثل : ( كنت ارى من خلال اعمدة جدران المعبد الواقفة مثل خيول تنتظر رغباتي وهي تتناثر مطشوشة في غفوة الاحلام، سن يلاحق رغبتي وأنليل يزحف الايام لي ) ص90
حوارات كثيرة وسرد طويل يحمل في طياته الكثير من الحكم والمعاني، حديث نبونيد مع الرب استقطع بعضاً منه:
( سن ايها الرب الجليل، اريد لبابل جسداً متماسكاً، واقراناً يحمون وجودها.. ورفعة توكد حضورها بين الحواضر!!
لك كل هذا نبونيد .. لك كل هذا!!
اريد لسن غطاس بابل باجمعها في طاسة العلوم !!
لك هذا نيونيد,, لك هذا!!
اريد لنسوة بابل خصباً دائماً ولا ولادها طفولة آمنة.. ولرجالها وفرة رزق ونماء!!
لك هذا نبونيد!! ) ص91
وبين نبونيد والحكيم جدال فلسفي يدور بينهما جول بابل والعرش ومع امرأة مانونيد نقاش طويل فيه الكثير من الحب والحكمة ، حوار داخلي منولوجي، فلاش باك للزمن والمكان، كذلك توظيف النص الشعري الذي يضيف للسرد الجمالية استقطع جزأ منه .
( من ينزع من ذاكرتي حلماً
من يقدر ان يقلع وشماً يتربع فوق عقودي الاربع؟
يغرس وسط كياني جذراً
كالنخلة تخترق الارض!!
تفتح نحو الرب القلب
تتهدل بين سنين العمر جدائلها .. تنمو.. تتطاول
من يقلع تلك السيدة الازلية من فلبي؟!!
من ينسيني صوتي؟
من يقطع نفسي
لا احد يكسر جدران القفص الصدري
فهناك تنام اميرة احلامي
تغفو عيناها الناعستان
تحلم.. تحلم.. تفتح باب القصر الوردي ) ص433
الرواية احداث زمان ومكان وشخصيات وتداخل الازمنة عن تاريخ بابل، اشتغال السارد شوقي كريم حسن روايته لبابة بأسلوب فلسفي شيق أستطاع أفضاح ما يقوم به الكهنة من ممارسات لا اخلاقية، سيطرة كهنة بابل وانغماسهم بالفساد وكذاك الملك الذي يقوم باغتصاب النساء، جهد قيم تطرق فيه الى الكثير من الامور الى سومر واوروك .. لكش، وكيش، تاريخ بابل القديم بكل مآسيه وآثاره النفسية.
زمن الكتابة ذكره الكاتب في آخر الرواية، بدأ كتلتها عام 2000 واصدرها عام 2020 عشرون عاما اكتملت صياغتها، وهو الزمن المكتوب الذي يعرض الراوي فيه لتلك الحوادث تقرأ في فترة زمنية قصيرة فلكتابة غير القراءة .
( الزمن الذي استغرقته الحوادث في رواية الحرب والسلام لتولستوي يقارب المئة عام، ولا يعقل ان يقضي القارئ مئة عام ليقرأ تلك الحوادث او يجلس تولستوي مئة عام في مكتبه يروي لنا بالدقة الحرفية ما وقع في تلك المدة لهذا يلجأ كل من الكاتب والقارئ على السواء لاختزال الوقت والتلاعب بالزمن وحذف غير الضروري لسرد الحوادث سردا قابلا للاستيعاب في فترة قصيرة من الزمن ) *1
أخيراً
الكتابة السردية تحتاج موهبة والى ثقافة جمالية وحرفيه وتحتاج الى خبرة وجودية وخبره مهنية ولغة رصينة كل تلك الاشياء نجدها عند السارد شوقي كريم حسن فهو قادر على التحكم في لغته، واللعب بألفاظها اي متمسكاً من صناعة الكلام، قدم الكثير للثقافة العراقية والعربية وأضاف الى المكتبات الكثير من الكتب في مجالات كثيرة.. كتب رصينة وغنى اللغة طوبى له.
يذكر ان الرواية من اصدارات دار الشؤون الثقافية العامة / وزارة الثقافة بواقع 464 من الحجم المتوسط.
*1 بنية النص الروائي ابراهيم خليل ص101


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.