يالها من رفعة وبهاء وحسن وجمال!. الجمال ليس في كنز ولا بنز ، وليس في الخدود والعيون السود ...! . آراء الإنسان وجهات نظر من بشر إلى بشر تقرأ. إن من يعيش مشبوب الفؤاد ؛ محروق الجوى ملذوع النفس ؛ أرق وأصفى من أن يعيش بارد المشاعر فاتر الهمة خامد النفس !. فمعاناة الكاتب تخرج نتاجا حيا جذابا ؛ يمور بالعبر والصور ؛ فمطارق التجارب أنفع من ألف واعظ . لقد أرضينا غرورنا ؛ بمدح أنفسنا ؛ حتى سكر القلب بخمر المديح على مذهب جرير. فكلما جمحت نفسي عن الطلب سايستها ؛ حتى تعود إلى رشدها ؛ فلا أنا آسفة ؛ لأن رب سهم من سهام الأقدار أخرجت مني درن الأرجاس ، ورب عاصفة من عواصف الدهر حملت بذرة فنبتت في القلب وأخرجت شذا الأزهار . أعظم معاني الجمال ؛ هي التفكر في ذي الجلال ، وإسعاد الناس والإنسانية أراه في بذل الندى وكف الأذى . الجمال هو في الخلال والخصال والأخلاق ، هو محاسن ، ومناقب أورثن حمدا للكمال والجلال . الجمال في الإيمان لأنه رافد إلهي ؛ يصب على هضاب الروح ، وروابي النفس بعد قحط المصيبة ؛ وظمأ المخالفة ، وجدب الإنحراف ، من موت ومفارقة وجفاء وخيانة وهجر وغدر فيبقى الإيمان عوضا وخلفا . يذهب البصر وتتردى الصحة ، ويهرم الجسم ، وتضعف القوة ؛ فيأتي الإيمان ؛ عزاءا وسلوة وتركة باقية . الجمال في الليل إذا عسعس ، وأقبل في هدوء يتوجس ؛ يقبل برداءه الأسود وشعره المجعد ؛ فيستر الأحياء بثيابه ، ويضع الأشياء تحت جلبابه ؛ فيملأ بجيشه المساكن في كل متحرك و ساكن . الجمال في الصبح إذا تنفس ؛ فسبحان من صوره وتقدس ؛ في الصبح يوم يتوضأ الفكر في عباب نوره ؛ يغتسل القلب في بحر سروره ، وتسرح النفس في مهرجان عرسه ، وترقص الروح لهمسه وجرسه . وأراه في الشمس حينما تفاجئ العالم ؛ بحسنها وضيائها وبهائها ؛ فتكشف ركام الظلام . وأراه في القمر بهالته الفضية ، وطلعته الرضية ؛ في هيبته وصمته ، في سكون مشيه ، وارتفاع محله وسمو مكانه ، وجمال منظره آية لكل ذي عقل . أرى الجمال في الحمام ، وأراه في الليل إذا عسعس وفي الصبح إذا تنفس ، وفي الطيور تلقي قصائد الحب والحنان ؛ على منابر الأغصان ، وماء يسكب ، ونسيم يكتب ، ومسك يفوح ؛ وفي الكتاب لأنه صامت ما أنطقه ، وساكت ما أنصحه ؛ فيه الآية والقصة والمثل والشاهد والنادرة والنكته ؛ يقدح الفكرة ، ويجدد العبرة ، وينير البصيرة . فيظهر فيه الإلهام في الحسن الباهي والإبداع الإلهي .