الثورة ما بين التعامل مع الأزمات والاستفادة من الكوارث من المؤكد إننا نحتاج إلى تعلم ثقافة التعامل مع الأزمات والاستفادة من الكوارث بشكل عام، والتعامل مع الآثار النفسية والاجتماعية الناتجة عنهما بشكل خاص,خاصة بعد ثورة 25 يناير. فالأزمة تعني موقف ينتج عن تغيرات بيئية مولدة للأزمات و يتضمن قدرًا من الخطورة و التهديد و ضيق الوقت و المفاجأة و يتطلب استخدام أساليب إدارية مبتكرة و سريعة. ويعد التخطيط مطلب أساسي مهم في عملية إدارة الأزمات،حيث تكون أفعالنا ما هي إلا رد فعل و شتّان ما بين رد الفعل العشوائي و رد الفعل المُخطط له،فمعظم الأزمات تتأزم لأنها أخطاء بشرية و إدارية وقعت بسبب غياب القاعدة التنظيمية للتخطيط،فيتيح لفريق عمل إدارة الأزمات القدرة على إجراء رد فعل منظم وفعّال لمواجهة الأزمة بكفاءة عالية الاستعداد لمواجهة المواقف الطارئة غير المخطط لها التي قد تصاحب الأزمة. وهناك نوعان من اساليب حل الأزمات والتعامل مع الكوارث الأول معروف متداول،ويصطلح عليه بالطرق التقليدية،والثاني عبارة عن طرق لا تزال في معظمها،قيد التجريب ويصطلح عليها بالطرق غير التقليدية. ومن أهم الطرق التقليدية: إنكار الأزمة: حيث تتم ممارسة تعتيم إعلامي على الأزمة،وإنكار حدوثها,وإظهار صلابة الموقف،وان الأحوال على أحسن ما يرام،وذلك لتدمير الأزمة والسيطرة عليها. وتستخدم هذه الطريقة غالبا في ظل الأنظمة الدكتاتورية والتي ترفض الاعتراف بوجود أي خلل في كيانها الإداري،كإنكار التعرض للوباء أو أي مرض صحي وما إلى ذلك. كبت الأزمة: وتعني تأجيل ظهور الأزمة،وهو نوع من التعامل المباشر مع الأزمة بقصد تدميرها. إخماد الأزمة: وهي طريقة بالغة العنف تقوم على الصدام العلني العنيف بغض النظر عن المشاعر والقيم الإنسانية. بخس الأزمة: بالتقليل من شأن الأزمة( من تأثيرها ونتائجها )،وهنا يتم الاعتراف بوجود الأزمة ولكن باعتبارها أزمة غير هامة. تنفيس الأزمة: وتسمى طريقة تنفيس البركان حيث نلجأ إلى تنفيس الضغوط داخل البركان للتخفيف من حالة الغليان والغضب والحيلولة دون الانفجار. تفريغ الأزمة: بالبحث عن مسارات بديلة ومتعددة أمام قوة الدفع الرئيسية والفرعية المولدة لتيار الأزمة ليتحول إلى مسارات عديدة تستوعب جهده وتقلل من خطورته،ويتم ذلك من خلال: أ. مرحلة الصدام:لمعرفة مدى قوة الأزمة ومدى تماسك القوى التي أنشأتها. ب. مرحلة وضع البدائل:بوضع مجموعة من الأهداف البديلة لكل اتجاه أو فرقة انبثقت عن الصدام. ج. مرحلة التفاوض مع أصحاب كل فرع أو بديل وتسمى بمرحلة الاستقطاب أو الامتصاص. عزل قوى الأزمة: برصد وتحديد القوى الصانعة للأزمة وعزلها عن مسار الأزمة وعن مؤيديها وذلك من اجل منع انتشارها وتوسعها وبالتالي سهولة التعامل معها ومن ثم حلها أو القضاء عليها. الطرق غير التقليدية: وهي طرق مناسبة لروح العصر ومتوافقة مع متغيراته واهم هذه الطرق ما يلي: طريقة فرق العمل: وهي من أكثر الطرق استخداما في الوقت الحالي حيث يتطلب الأمر وجود أكثر من خبير ومتخصص في مجالات مختلفة حتى يتم حساب كل عامل من العوامل و تحديد التصرف المطلوب مع كل عامل. وهذه الطرق إما أن تكون طرق مؤقتة أو تكون طرق عمل دائمة من الكوادر المتخصصة التي يتم تشكيلها،وتهيئتها لمواجهة الأزمات وأوقات الطوارئ. طريقة الاحتياطي التعبوي للتعامل مع الأزمات: حيث يتم تحديد مواطن الضعف ومصادر الأزمات فيتم تكوين احتياطي تعبوي وقائي يمكن استخدامه إذا حصلت الأزمة،وتستخدم هذه الطريقة غالبا في المنظمات الصناعية عند حدوث أزمة في المواد الخام. طريقة المشاركة الديمقراطية للتعامل مع الأزمات: وهي أكثر الطرق تأثيرا وتستخدم عندما تتعلق الأزمة بالأفراد أو يكون محورها عنصر بشري. وتعني هذه الطريقة الإفصاح عن الأزمة وعن خطورتها وكيفية التعامل معها بين الرئيس والمرؤوسين بشكل شفاف وديمقراطي. طريقة الاحتواء: أي محاصرة الأزمة في نطاق ضيق ومحدود ومن الأمثلة على ذلك الأزمات العمالية حيث يتم استخدام طريقة الحوار والتفاهم مع قيادات تلك الأزمات. طريقة تصعيد الأزمة: وتستخدم عندما تكون الأزمة غير واضحة المعالم وعندما يكون هناك تكتل عند مرحلة تكوين الأزمة فيعمد المتعامل مع الموقف،إلى تصعيد الأزمة لفك هذا التكتل،وتقليل ضغط الأزمة،كما حدث بعد مباراة مصر والجزائر بأم درمان. طريقة تفريغ الأزمة من مضمونها: وهي من انجح الطرق المستخدمة حيث يكون لكل أزمة مضمون معين قد يكون سياسيا أو اجتماعيا أو دينيا أو اقتصاديا أو ثقافيا أو إداريا وغيرها. طريقة تفتيت الأزمات: وهي الأفضل إذا كانت الأزمات شديدة وخطرة وتعتمد هذه الطريقة على دراسة جميع جوانب الأزمة لمعرفة القوى المشكلة لتحالفات الأزمة،وتحديد إطار المصالح المتضاربة،والمنافع المحتملة لأعضاء هذه التحالفات،ومن ثم ضربها من خلال إيجاد زعامات مفتعلة،وهكذا تتحول الأزمة الكبرى إلى أزمات صغيرة مفتتة. طريقة تدمير الأزمة ذاتيا وتفجيرها من الداخل: وهي من أصعب الطرق غير التقليدية للتعامل مع الأزمات ويطلق عليها طريقة (المواجهة العنيفة ) أو الصدام المباشر وغالبا ما تستخدم في حالة عدم توفر المعلومات وهذا مكمن خطورتها وتستخدم في حالة التيقن من عدم وجود البديل،كما حدث مع شباب الثورة في البداية. طريقة الوفرة الوهمية: وهي تستخدم الأسلوب النفسي للتغطية على الأزمة كما في حالات،فقدان المواد التموينية حيث يراعي متخذ القرار توفر هذه المواد للسيطرة على الأزمة ولو مؤقتا. احتواء وتحويل مسار الأزمة: وتستخدم مع الأزمات بالغة العنف والتي لا يمكن وقف تصاعدها وهنا يتم تحويل الأزمة إلى مسارات بديلة،ويتم احتواء الأزمة عن طريق استيعاب نتائجها والرضوخ لها والاعتراف بأسبابها،ثم التغلب عليها ومعالجة افرازاتها ونتائجها،بالشكل الذي يؤدي إلى التقليل من إخطارها. المسببات الخارجية أما إذا كانت الأزمة ناتجة عن مسبب خارجي فيمكن عندئذ استخدام الأساليب التالية: أ- أسلوب الخيارات الضاغطة: مثل التشدد وعدم الإذعان والتهديد المباشر. ب- الخيارات التوفيقية: حيث يقوم أحد الأطراف بإبداء الرغبة في تخفيف الأزمة ومحاولة إيجاد تسوية عادلة للأطراف. ج- الخيارات التنسيقية: باستخدام كلا الأسلوبين الأخيرين،أي التفاوض مع استخدام القوة. ختاما يجب أن نتعلم ومن الآن فن إدارة الكوارث والتعامل مع الأزمات،بل كيفية الاستفادة منها،ليبحث كل منا بداخله عن نصيحة عملية يقدمها للآخرين لتشكل في النهاية مادة ثرية تكون بمثابة أسس يستوعبها الصغير قبل الكبير وتتيح أيضا للجميع فرصة التصرف السليم في مثل هذه الظروف،بدلا من البحث عن تبريرات واهية على شاكلة عناصر مندسة،وثورة مضادة،حتى لا نفاجأ بان مصر معروضة للبيع على إنها خردة!!!!. إلى اللقاء في المقال السادس والستون مع تحيات فيلسوف الثورة سينارست وائل مصباح عبد المحسن [email protected]