بقلم د. عادل عامر إذا كان الهجوم الإسرائيلى بغزة عسكريا،فعلى مصر كان إعلاميا، لتخرج تسيبى ليفنى، زعيمة المعارضة الإسرائيلية، لتصفالحدود معنا بأنها لم تعد حدود سلام، قائلة «علينا أن نغير مفهومنا تجاه الحدود،المسلحون لم يكونوا باحثين عن العمل، بل راغبين فى القضاء علينا، حزبنا كاديماسيشن حربا على الإرهاب»، آفى ديختر، البرلمانى بنفس الحزب، حمل القاهرة ما سماه «بالمسؤولية عن الهجمات» . «السلام مع مصر مريض مصاب مثل مبارك الراقد على نقالته»،هكذا وصف أمير أورين، محرر «هآرتس»، العلاقات بين الجانبين، قائلا «مبارك لم يستطعالسيطرة على سيناء، والآن القاهرة تتهرب من الأمر».أورين لا يتوقع حربا جديدة بينالاثنين، لكنه يرى أنه «ما زالت هناك حالة عداء مصرى، وتوجد عمليات تنفذ من أراضىمصر السيادية»، مضيفا «تل أبيب أخطأت بانسحابها من القطاع، لقد تآكل هكذا البند الأمنى بكامب دافيد، القاضى بتأمين المنطقة، التى تشكل خطرا على تل أبيب غربحدودها».أن الاعتداء على المجندين المصريين هو حالة من الاستفزاز الصهيوني غيرالمستجد للسلطة المصرية، وخاصة للمجلس العسكري المتولي شئون البلاد في المرحلةالانتقالية، بعد سقوط الحليف الإستراتيجي الأقوى لهم في المنطقة العربية. أنه منذأن تم فتح معبر رفح من قِبَل السلطات المصرية بعد نجاح ثورة يناير ضربت بأوامرالصهاينة بعدم إعادة فتح المعبر المغلق منذ فوز حركة حماس بالانتخابات التشريعية عرض الحائط، وبعد المصالحة الفلسطينية التي تمت أيضًا على يد مصر الثورة كان لابدَّ من الرد غير العادي على كل هذه التحركات المصرية لدعم الشعب الفلسطيني وإعادةوحدة الصف الداخلي؛ فكانت تفجيرات العريش والانتهاك الأمني في سيناء، ما دفع الحكومة المصرية لإدخال 1000 جندي مصري إلى جانب المعدات الحربية الثقيلة لملاحقة العابثين على أرض سيناء، وهو ما اعتبرته الدولة العبرية خطرًا كبيرًا على أمن دولتها المغتصبة، ما دفعها دون تردد إلى قتل 4 مجندين وضابط من قوات حرس الحدودالمصرية أن هذه الاعتداءات المسلحة لا يمكن أن تمرَّ دون ردٍّ واضحٍ من السلطاتالمصرية، إن الاعتداء على الجنود المصريين من قبل الصهاينة لم يأتِ من فراغ، وإنماهو نتاج عمل النظام البائد الذي قضى ثلاثة عقود تحت رحمة الصهاينة ينفذ أوامرهمدون تردد أو تفكير، وكان يفعل كل ما يريده الأمريكان والصهاينة دون أن يكون هناكأي نوع من الاعتراض. أن دخول القوات المسلحة سيناء عقب تفجيرات العريش والشيخزويد، وبخاصة ضرب قسم ثاني العريش وحالة الانفلات الأمني بها أدى إلى حالة استنفارغير عادي واهتزاز لهيبة الكيان، فضلاً عن مساندة الحكومة المصرية للفلسطينيين للحصول على اعتراف دولي، فكان لا بدَّ من وجهة نظر الصهاينة للقضاء على آثارالثورة المصرية الخارجية، والوقوف حائلاً أمام وصول مصر إلى القيام بدور عربيوإقليمي يهدد أمن وسلامة الكيان؛ أن يكون هناك عمليات استفزازية لشغل الجانب المصري. أن يكون هناك رد فعلي من الجانب المصري؛ لإنهاء حالة التبعية التي رسخهاالنظام البائد في أذهان الصهاينة؛ ليعلموا أن في مصر ثورة أطاحت بالنظام الذي طأطأالرأس لهم ليعبثوا بأمن وسلامة مصر وقتما أرادو وكيفما شاءوا، أن الثورة المصريةقد قامت لتحقيق العزة والرفعة واستعادة كرامة المصريين، وأن هناك رجالاً في مصرأفرزتهم ثورة يناير التي ستعيد لمصر مكانتها الإقليمية والدولية، فليس لأحد سلطةعلى السيادة المصرية سوى الشعب، ان أهمية تنمية سيناء التي تُعدُّ شريان الحياةالشرقي للمصريين وبوابة مصر للقارة الآسيوية، فضلاً عن وجود ثروات ومعادن في باطنالأرض وأراضٍ صحراوية شاسعة يمكن استصلاحها وزراعتها لتحقيق الاكتفاء الغذائي،وتعميرها لتكون صمام أمان للأمن القومي المصري وحائط سد لأي غدر من الكيانالصهيوني، ونطالب بتمليك أرض سيناء للبدوبدلاً من اعتقالهم وتشريدهم؛ ما يجعل بعضهم يضطر آسفًا للتعامل واللجوء إلى الصهاينة. ونطالب بتعديل بنود اتفاقية السلام مع الصهاينة فورًا ودون تردد ونشرالجيش المصري على كل حدودنا؛ لتأمينها من أي عناصر خارجية كما فعل الكيان ووضعجيشه على الحدود مع مصر أنه ليس من المعقول أن يكون هناك حدود في أي دولة بالعالممنزوعة السلاح حتى لو لم يكن هناك توترات أمنية، وأن التوتر الأمني موجود بضراوةولم ينته مع الصهاينة المعتقدين أن سيناء جزء من دولتهم العبرية المزعومة. أن الصهاينة يسعون بقوة إلى إجهاض الثورة المصرية وتفريق شمل المصريين الذي لم يتحققإلا في ثورة يناير، أن الهجوم على السيادة المصرية وقتل 5 من جنود مصر يعد انتهاكًا واضحًا لهيبة الدول المصرية والذي لم يسمح به المصريون إطلاقًا لأن زمنالتبعية لواشنطن وتل أبيب قد ولى ولن يعود. وضرورة زيادة القوات المصرية خاصة فيالمنطقة "ج" التي بها 3000 فرد أمن شرطة فقط، استنادًا إلى المادة 4 مناتفاقية كامب ديفيد التي تعطينا حق تعديل الاتفاقية كل 5 سنوات. أن الانفلات الأمني في سيناء والهجوم على قسم شرطة العريش أتى عن طريق عناصر إرهابية تابعةللكيان قادمة من قطاع غزة حتى يظن المصريون أن الخطر قادم من قطاع غزة المحاصر،ويطالبوا بإعادة غلق معبر رفح، قائلاً إن الوضع في سيناء لا يمكن السكوت عنه، وأنالانتهاكات الصهيونية لا يمكن أن تمر مرور الكرام، وعلى القيادة المصرية الرد بقوةمع العقلانية في المطالبة بالحقوق الشرعية، وعدم تهييج الرأي العام دون وجود ردفعل قوي من جانب السلطات. أن السلطات المصرية لم تستأذن الصهاينة لدخول الجنودالمصريين والمعدات الحربية الثقيلة لإعادة ضبط الأمن في سيناء، وأن سيناء ليستمنزوعة السلاح؛ حيث يوجد بالخط الأول "أ" 22 ألفًا و500 جندي وضابطللقوات المسلحة إلى جانب 230 دبابة، مطالبًا القوات المسلحة بزيادة المعداتوالقوات بشكل أكثر. إن الجانب الصهيوني على علم تام بأن مصر قد تغيرت، ولم تعد تحترحمة الكيان، وأن القائمين على الحكومة المصرية أتوا عن طريق الشعب المصري الذي لايقبل أي انتهاك كرامته من أي دولة مهما كانت، أنهم يظنون أن الثورة المصرية تشكل تهديدًا مباشرًا للأمن العبري، وهو ما دفعهم إلى عمل إرهاب على الحدود المصريةمستغلين الأوضاع الداخلية للدولة المصرية، خاصة بعد حالة الفراغ الأمني في سيناء خلال الأيام الماضية أن السلطات المصرية قد استأذنت الصهاينة في دخول 800 جنديسيناء أثناء الفراغ الأمني أيام الثورة المصرية، واستأذنت أيضًا عند إدخال 1000جندي في الأيام الأخيرة، ما يعد احترامًا كاملاً لاتفاقية كامب ديفيد المبرمة بينمصر والكيان، وأن الشعب المصري يعترض بشدة على أخذ أمر دخول قوات مصرية على أرضمصرية، ما يعد استخفافًا واضحًا بما قدمته الثورة المصرية، داعيًا المجلس العسكريإلى ضرورة تعديل الاتفاقية بما يحقق السيادة الكاملة لمصر على أرض سيناء، وتأمين حدودها كيفما أرادت وبالشكل الذي تحدده السلطات المصرية. أن السبب الحقيقي وراءالانتهاكات الصهيونية هو دخول القوات المسلحة المصرية أرض سيناء، على الرغم منعلمها مسبقًّا، كما أن الوضع الصهيوني الداخلي على المستوى الشعبي وداخل أروقةالكنيست يدعو منذ قيام ثورة يناير إلى إحكام القبضة الأمنية على حدودها مع مصر؛لأن مصر لم تعد تحت رحمة الصهاينة، وسياسات وأوامر الكيان لم تنفذ من قبل السلطاتالمصرية الجديدة أن وجود وفد من حركة حماس المعادية للصهاينة بالقاهرة لإتمامالمصالحة بينها وبين حركة فتح، والاتفاق مع الجانب المصري على الخطوات النهائيةلإنهاء المفاوضات بشأن تبادل الأسرى الفلسطينيين بالجندي الصهيوني جلعاد شاليطوالاهتمام المصري غير العادي بالاعتراف الدولي بفلسطين جعل الكيان يستشيط غضبًا،ويقوم بعمليات عسكرية على قطاع غزة الواقع تحت حكم حركة حماس، إلى جانب سيناء التيتحت قيادة سلطة مصرية جديدة، أن ذلك يُعدُّ استفزازًا واضحًا يتسم بخبث شديد منجانب الصهاينة. أن الرد المصري تحت الضغط الشعبي لانتهاك السيادة المصرية لن يكتفيبالتنديد والشجب، فضلاً عن أن القوات المصرية لن تخرج بعد هذه الأحداث من سيناء،وستقوم القوات المسلحة بزيادة قواتها في سيناء، متوقعًا قيام الصهاينة بحملةعسكرية شاملة في قطاع غزة على غرار الحملة الأخيرة في نهاية عام 2008م بعد إعلان الجيش الصهيوني حالةالاستنفار القصوى عقب الاعتداءات المسلحة بالقرب من الحدود المصرية الصهيونية،ا لتي أدت إلى مقتل 5 ضباط من الوحدات الخاصة "الكوماندوز" وإصابةالعديد، عقد وزير الحرب الصهيوني "باراك" جلسة طارئة مع رؤساء الأجهزةالأمنية؛ لبحث التطورات الأمنية على الحدود المصرية وحدوث غارات صهيونية علىالجانبين الغزاوي والمصري ومقتل 5 جنود مصريين على أرض سيناء. وانتقلت حالة التوترمن وسط سيناء إلى الحدود المصرية، واستشهد الجنود المصريون بنيران طائرة أباتشيصهيونية أثناء مطاردتها لمن وصفتهم بمنفذي هجوم إيلات، في الوقت الذي كانت فيهالقوات المصرية تواصل حملتها الموسعة لضبط العناصر الخارجة عن القانون بشبه جزيرةسيناء، والحكومة المصرية مشغولة بوضع خطط جديدة لتنمية سيناء، جاء حادث استشهادالجنود المصريين برصاص الكيان ليعيد الأمور في سيناء إلى المربع رقم صفر، خاصة معحالة الغموض التي فرضت نفسها على ملابسات الحادث. أثارت هذه الجريمة غضب الشارعالمصري ودعته إلى التظاهر والاعتصام أمام السفارة الصهيونية بالقاهرة، والمطالبةالفورية بطرد السفير والرد المماثل على الكيان، خاصة أنها لم تكن المرة الأولى بعدحرب أكتوبر ومنذ توقيع اتفاقية "كامب ديفيد"؛ حيث قتل ما يقرب من 60جنديًّا أن الحادث يفتح الباب لإعادةترتيب الأوراق الداخلية، وهو حجة من الدرجة الأولى لتهدئة الشعب الصهيوني الذييستشيط غضبًا منذ أكثر من أسبوعين احتجاجًا على سوء المعيشة وازدراء الأوضاع،واعتراضًا على السياسة التي تتبعها حكومة نتنياهو. -- الدكتور عادل عامر خبير في القانون العام ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية ورئيس تحرير جريدة صوت المصريين الالكترونية وعضو الاتحاد العربي للصحافة الالكترونية