أخيراً طرح المخرج داوود عبدالسيد فيلمه «قدرات غير عادية» بعد سلسلة طويلة من التأجيلات، والفيلم يعتبر عودة قوية للمخرج الكبير بعد آخر أفلامه «رسائل البحر» الذى قدمه منذ سنوات، عبدالسيد صاحب رؤية مغايرة للفن دائماً ما تكون لديه رسالة يريد إيصالها لجمهوره، وفى الوقت نفسه فهو لا يقدم إجابة لأى سؤال يطرحه فى أعماله كى يتيح الحرية لجمهوره ليفهم ما يريد، ويبحث فى مناطق بعيدة عن المعتاد، اختار لفيلمه قصة غريبة، وترك جمهوره يبحث من صاحب القدرات غير العادية بين أبطال أفلامه. قال «داوود» إن فيلمه «قدرات غير عادية» يبحث فى إطار تفاصيل الطبقة المتوسطة للمجتمع المصرى، فى قصة بسيطة لكنها تطرح فكرة أن جميع أفراد المجتمع لديهم قدرات غير عادية، لكن كل منهم يفكر فى قدراته برؤية خاصة. وأضاف: اخترت هذا السيناريو لأننى شعرت بأننى أريد أن أصل بالجمهور لمنطقة بعينها، خرج المشاهدون من الفيلم يسألون من هو صاحب هذه القدرات: هل هو الشاب يحيى «خالد أبوالنجا» الذى هرب من مجتمعه فى الأساس للبحث عن ذاته أم هى «حياة» المرأة التى تسقط فى فخ الصراع بين الحب والخوف على ابنتها وتبحث أيضاً عن مستقبلها وتصدم الجمهور فى النهاية بأعمالها أم هى الطفلة الصغيرة «فريدة» التى تمثل الحياة وهى المعلنة أن قدراتها غير عادية. «داوود» قال إن المخرج الذى يتيح الفرصة للجمهور أن يشاهد الرسالة واضحة يقلل من مستوى نفسه مضيفاً: أنا لا أميل فى أسلوبى الإخراجى إلى المباشرة فأنا عندما أقدم عملاً لا أريد أن يفقد معناه لأن أدوات المخرج تساعده أن يصل بالجمهور فى أن يبحث عن ذاته فى العمل وهذا ما أردته. وعن اختياره لشخصيات العمل، قال: وأنا أكتب السيناريو أضع شخصياتى وأرصد خلالها الأحداث، اخترت نجلاء بدر لأننى أردت شخصية فتاة فى سن ال35 لديها طفلة وفى الوقت نفسه جميلة ولديها قدرة على الحب والفكر واخترت خالد أبوالنجا لأنه الأنسب فى شخصية يحيى فهو امتداد للشخصيات التى قدمتها فى أفلامى السابقة، وخالد من الفنانين المميزين تابعت تطوره منذ ظهوره معى فى فيلم «مواطن ومخبر وحرامى» حتى الآن، ووجدت أنه الأنسب، واخترت الطفلة التى جسدت دور فريدة ومعها الشخصيات الثانوية فى العمل وكان أبرزهم عباس أبوالحسن الذى تخيلته منذ اللحظة الأولى فى دور الضابط، كل شخصياتى اخترتها منذ اللحظة الأولى ووضعتها فى مكانها لأننى أرى شخصياتى أمامى. وعن الانتقادات التى وجهت للفيلم فور طرح البرومو قال «عبدالسيد» لا أفهم معنى لكلمة السينما النظيفة، فهل هناك سينما نظيفة وأخرى غير نظيفة، ما أفهمه كمخرج أن هناك سيناريو مكتوباً ورؤية معينة للمخرج، وللجمهور أن يتقبلها أو يرفضها لأنها رؤيتى فى النهاية، وصلت كمخرج لمرحلة أكبر من أن أعلن سبب استخدامى للمايوه وللقبلات وأرى أنه من العيب أن نتحدث فى هذا الأمر، الحياة تتقدم والرسالة أصبحت أكبر من أن نتحدث فى تلك التفاصيل، العالم يتغير من حولنا والجمهور نفسه أصبح متفهم للمشاهدة التى يراها لأنه لا يجدها فى حياته العامة، لذلك أتمنى ان تتخطى نظرة المجتمع لهذا الأمر. وعن مشاركة الفيلم فى مهرجان قرطاج، قال داوود عبدالسيد: الفيلم منذ قدمته شارك فى العديد من المهرجانات وتأجيل عرضه أكثر من مرة لم يكن أمراً صادماً لى لأننى أسعى من أفلامى أن يشاهدها جماهير كثيرة، ولا أسعى للكسب المادى فقط، وعندما عرض فى تونس، الجمهور التونسى والعربى تفاعل مع الفيلم وحظى بنسبة مشاهدة جيدة وعرض مرتان، وهو نفس ما حدث فى مهرجان دبى فى دورته ال11 يهمنى كثيراً أن يرى أفلامى الجميع. وعن مشروعاته القادمة، قال «داوود»: لا أعمل على فيلم إلا إذا استفزنى شىء ما، فأنا أكتب أعمالى لأننى لا أجد سيناريو يستفزنى أو يخرج ما أريد من طاقات فنية، ولهذا يجعلنى أتجه لتقديم أعمال فنية من تأليفى ولدى سيناريوهات أخرى لكن هناك أزمة إنتاج قائمة فى السينما، ولابد أن نعترف بأنها أزمة حقيقية تواجه كل السينمائيين فى مصر الآن وهذا ما يفسر غيابنا. يذكر أن الفيلم عرض فى دار العرض يوم الأربعاء الماضى، وتدور قصته حول يحيى الذى يفشل بحثه العلمى عن القدرات غير العادية فى البشر، ويُجبر على أخذ إجازة من عمله وحياته المعتادة، سارحاً بلا هدف، يستقر فى بنسيون على البحر تسكنه مجموعة من الشخصيات الطريفة، حيث تنمو علاقة حميمية بينه وبين صاحبة البنسيون، ويتقرب من ابنتها الصغيرة ذات الكاريزما القوية، ويعتقد يحيى أنه قد عثر على السحر الذى طالما بحث عنه، حيث يبدو أنه يوجد شىء غير عادى بداخل كل منهم، وربما بداخله هو أيضاً.