حصلت ، بوابة الوفد ، على كلمة المستشار جمال ندا ، رئيس مجلس الدولة ، التى ألقاها ، اليوم ، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية أثناء زيارته لمجلس الدولة وكانت كالتالى. فخامة السيد الرئيس" عبدالفتاح السيسي" ، رئيس الجمهورية السادة الحضور الكريم. يسعدني ويشرفني وقضاةَ مجلس الدولة الترحيبُ بسيادتكم في حصن مكين من حصون العدالة وقلعة شامخة من قلاعها في "مجلس الدولة المصري" وإنه ولئن كانت المناسبة الطيبة التى تجمعنا اليوم تتطلب، حسب المتعارف عليه، أن يُستهل الحديثُ بالإشارة إليها والتحدثِ عنها، إلا أن حدثاً هاماً وخَطباً جللاً يفرض نفسه على واقع الأحداث فى وطننا الحبيب يدفعنا إلى أن نبدأ به حديثَنا، ألا وهو رثاءُ وعزاءُ شهيدي الواجب والوطن والقضاء: المستشار الدكتور/ عمر حماد، وكيل مجلس الدولة والسيد وكيل النائب العام/ عمرو مصطفى، اللذين اغتالتهما يد الإرهاب الآثم أثناء أدائهما لواجبهما المقدس. أرحب بكم فى هذه المناسبة الغالية التى تشهد افتتاحَ قصرِ من قصور العدالة فى مجلس الدولة المصرى، وإنشاءَ كيانٍ جديد من كيانات التجمع العربي فى مجال القضاء الإدارى. واليوم ونحن نلتئم في قصر الأميرة فوقية، ابنة الملك فؤاد الأول، وهو قصر العدالة الأصلى الذى كان مقراً لمجلس الدولة، نستلهم السيرة العطرة لرجال القضاء المصرى، الذين اُشرِبُوا الحيدة والإستقلال بحكم تكوينهم القضائى الرفيع ووقفوا مواقف وطنية وجليلة حتى ارتقوا بهذا القضاء ورفعوا من شأنه وأعلوا من قدره، وأنه وإن تأثر ولا ريب بما عَصف بمصر عبر تاريخها من محن، إلا أنه ظل - كمصر- مرفوع الرأس، لم يَخفضِ جبينَه إلا لله عز وجل، ولحكم الحق والعدل، لأنه قضاءُ حر ومستقل وهو قد كان وما زال وسيظل كذلك، لن ينال منه إرهاب غادر وآثم يسعى إلى هدم كيان الدولة المصرية ومؤسساتها، وأنّى له ذلك؟! ونشير إلى أنه وإذا كان عالمُنا العربى منذ تأسست جامعة الدول العربية عام 1945 إستجابة للرأي العام العربى يتجه نحو التعاون والتآلف، فإننا نذكر أن التعاون في المجال القانوني والتشريعى والقضائى بين الدول العربية هو الأساس الفعال والمؤثر لتحقيق العدالة وإقرار مبادئ العدل والإنصاف وإحترام الحقوق والحريات. ولا شك أن ذلك لن يتحقق إلا إذا طال هذا التوحد المنشود مجالس الدولة والمحاكم الإدارية العليا التي تتولى مهمة القضاء الإدارى في الدول العربية عبر كيان ينتظمها وإطار يضمُها، قََوامُه إتحادُ عربى للقضاء الإدارى. لذا فقد سعينا مع الدول العربية إلى إنشاء هذا الإتحاد، دعماً للروابط والصلات بين مجالس الدولة والمحاكم الإدارية العليا في هذه الدول، ولتحقيق التقارب بين الأنظمة القضائية المطبقة فيها والتشريعات ذات الصلة المعمول بها، وتيسير سبل تبادل الخبرات والتعريف بالمبادئ المتعلقة بالقضاء الإدارى وتوحيد المصطلحات القانونية التي تتضمنها هذه الأنظمة وتلك التشريعات، وذلك هو ما سيُعنى به كيانُ وتنظيم قضائى عربى مشترك ومتخصص، يمارس دوره البناء والخلاق ويؤكد على مبدأ إستقلال القضاء وحصانتِه ومُثلِه وقيمِه العليا، سعياً لتحقيق وحدة العدالة الإدارية المنشودة والتكامل القضائى في الدول العربية جمعاء. هذا وقد وافقت مجالسُ الدولة والمحاكمُ الإدارية العليا في الدول العربية على تأسيس هذا الإتحاد العربى تحقيقاً لهذه الغايات وفقاً للأسس والأحكام الواردة بمشروع النظام الأساسي المقدم من رئيس مجلس الدولة المصرى. وتتجه الرؤية المستقبلية للاتحاد إلى أن يكون له مركز متكامل لتدريب القضاة العرب وصقل خبراتهم، على نحو يرقى بالعمل القضائى العربى، ويهدف إلى توحيد المبادئ القانونية والقضائية المعمول بها في الدول العربية. ومما تجدر الإشارة إليه أن الدور المنوط بالإتحاد سيكون له أثرهُ بشأن المنازعات التي تكون الجهات الإدارية بالدول العربية طرفاً فيها، حيث سييسر وجودُ هذا الإتحاد تنفيذَ الأحكام القضائية في وقتها، بل ووأدَ المنازعات في مهدها، لأنه سيوجِد ثقافة قانونية عربية بين أرباب العمل والعمال، وكذا بين جماعات المستثمرين، حيثَ يشجع وجود الإتحاد فرص الإستثمار في الدول العربية بما يوفره من مناخ آمن وجاذب للمستثمر، يمنع إصطدامه بأى قوانين لم يعرفها ولم يطّلع عليها، فالمأمول أن يكون من ثمار هذا الإتحاد وجودُ قانونٍ موحد للإستثمار في الدول العربية يشجع المستثمرين العرب على إيثار الدول العربية بأموالهم وإستثماراتهم، وكذا وجودُ قانونٍ موحد للخدمة المدنية "قانون الخدمة المدنية العربي الموحد" وقانونٍ موحَد للعملَ العربى "قانون العمل العربى الموحد" وغير ذلك من القوانين النوعية الأخرى كقانون الشهر العقارى والتوثيق العربى الموحد وقانون الرسوم والضرائب والجمارك العربى الموحد وغيرها من القوانين التي تنظم المجالات المشتركة التي سيطالها التوحيد. السيد الرئيس، السادة الحضور؛ لقد وُلِدنا ونشأنا جميعاً على حٌلمِ الوحدة العربية باعتبارنا أمة واحدة، وإذا كان الدكتور/ محمد كامل مرسى، أول رئيس لمجلس الدولة قد خاطب الملك في إفتتاح مقر مجلس الدولة عام 1946 قائلاً: "إن هذا المجلس الذى تتجشمون جميعاً الخُطى الكريمة لإفتتاحه، لا يزال يوجد من لم يظفر بمثله بين البلاد التي لها في أساليب الحكم عرق قديم، بل التي لها بين عظمى الدول مقامُ معلوم" فإننا نقول: إنكم اليوم تشهدون وضع لبنةٍ كبيرة في بنيان العمل العربى المشترك أفرزت كياناً قضائياً تشريعياً عربياً مشتركاً، نأمل أن تكون نواة لوحدة عربية شاملة على جميع المستويات الثقافية والإجتماعية والسياسية. هذا وقد أُختيرت القاهرة بمجدها وحضارتها لتكون مقراً لهذا الإتحاد بما لها من تأثير ثقافى ومعرفى جعلها حاضنة للعرب جميعاً، شعوباً ومؤسسات. وختاماً نسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك في رجال القضاء العربى وأن يلهمهم الرشد والسداد لإحقاق الحق وإقامة العدل، وندعوه سبحانه أن يرحم شهداءنا وأن يشفى جرحانا، وأن يُنزل السكينة والأمان في قلوبنا وأن ينشرها في ربوع بلادنا. وأزجى الشكر لفخامتكم وللوفود العربية على تشريفكم لنا، والشكر والثناء متصلٌ لكل من أسهم وأعد لهذا اليوم العظيم. ومع خالص الرجاء وأطيب التمنيات لمصرنا الغالية ولوطننا العربى الحبيب بدوام التقدم والرقى والرفعه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ونستأذن فخامة السيد رئيس الجمهورية والحضور الكريم ببدء مراسم توقيع النظام الأساسى للاتحاد العربى للقضاء الإدارى