الفتاوى الدينية خلال الفترة الأخيرة أصبحت مثيرة ومستفزة، حيث أوجدت حالة من التخبط والتداخل بين الدين والسياسة والفن. خلال الأشهر الماضية وما قبلها، لم تعد الفتاوى محصورة على رجال الدين، الذي أصبح "ساحة اجتهاد" للفنانين والصحفيين، وبالطبع السياسيين، وبالتالي تفرغ بعض علماء الدين للعمل السياسي والإعلامي، مما يجعلهم شركاء في عملية "تغييب" الوعي و"تسطيح" العقول. فتاوى المفتي السابق علي جمعة ويوسف القرضاوي والإعلامي مظهر شاهين ومحمد حسان وياسر برهامي وخالد الجندي وعبدالمنعم الشحات وأبوإسحاق الحويني ومحمد حسين يعقوب ومبروك عطية ومحمود شعبان "هاتولي راجل".. وغيرهم، أصبحت محل اهتمام بالغ لنشطاء مواقع التواصل الاجتماعي وترصد لزلاتهم. أثارت التصريحات التلفزيونية للفنانة انتصار عن مشاهدة الأفلام الإباحية وإقرارها بمشاهدتها، لأنها تعد بمهارة وفي سياق درامي، حالة سخط وجدل واسع، خصوصًا وأنها دعت الشباب لمشاهدتها، رافضة قول ضيفتها أن "يلجأوا للصيام"! مؤخرًا، أجابت الدكتورة سعاد صالح أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، على إحدى المتصلات "التي تشعر بالوحدة"، وأفتت لها بمشاهدة المسلسلات في وقت الفراغ، للترويح عن النفس، وقبلها أفتت "صالح" "بأن "أسرى الحرب من النساء ملك يمين"، مما تسبب في حرب ضروس ضدها مع كثير من العلماء. الدكتور سعد الدين الهلالى أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، وصاحب الفتاوى المثيرة و"الساخنة" أجاز ذبح الفقراء للطيور كالدجاجة مثلًا كأضحية فى عيد الأضحى المبارك، لعدم تمكنهم من ذبح المواشي فى العيد، وذلك من أجل الحصول على ثواب الأضاحي. دائمًا ما تثير الفتاوى الدينية (خصوصًا تلك التي يطلقها شيوخ السلفية البارزين)، اهتمامات مختلف وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي. ولعل من أبرز تلك الفتاوى "الشاذة" جواز أن "يتخلَّى" الرجل عن زوجته، في حال تعرضها للاغتصاب أمام عينيه، لينجو بنفسه وبحياته! بالطبع لم تكن هذه الفتوى، هي الأخيرة في سلسلة الغرائب والعجائب، لفتاوى صادمة ومتناقضة ظهرت خلال السنوات الأخيرة، وأحدثت بلبلة في المجتمع، بعد أن سبقتها بعض "الشطحات" الفكرية، مثل حرمة "التعرى خلال المعاشرة بين الزوجين"، و"إرضاع الكبير"، و"وجوب التفريق بين الزوجين إذا كان أحدهما إخوانيًا"، أو تلك الفتوى التي لا يمكن فهمها أو حتى التعليق عليها، وتقضي بحرمة لمس المرأة لفاكهة وخضروات بعينها إلا بعد تقطيعها. هذه الفتاوى، سبقتها أخرى "تجيز سبي النساء والاستمتاع بهن"، حيث أفتى عضو هيئة الإفتاء العليا في السعودية، صالح الفوزان"، بأن "الإسلام لم يحرم سبي النساء"، وآخرون أفتوا بأن "السيلفي" داخل الحرم من الشرك الأصغر، والتي سبقتها فتوى تحريم "الحناء" وحظر كافة أنواع الوشم. الشيخ محمد عبدالله نصر الشهير ب"ميزو"، أثارت تصريحاته بشأن اعتبار ممارسة الجنس بين الرجل والمرأة غير المتزوجين لا يعتبر زنا، ولكن يعد بغاء. وهناك فتاوى أخرى، يلجأ إليها الخصوم السياسيون، لتسجيل هدف في مرمى خصومهم، خصوصًا إذا كانوا على اختلاف أيديولوجي، حيث ظهرت فتاوى بشأن تحريم فوائد قناة السويس الجديدة، وقبلها تحريم شراء شهادات الاستثمار للمشروع. كما استخدم بعض مشايخ التيارات الإسلامية الفتوى في مواجهة خصومهم في السياسة، مما جعل الدين كرة قدم يركلها أصحاب الأغراض السياسية، حيث أفتى الشيخ محمد عبد المقصود، الداعية السلفي الموالي لجماعة الإخوان بعدم جواز الإفطار مع مؤيدي الرئيس عبدالفتاح السيسي، بعد فتواه بتحريم صلاة التراويح خلف أئمة حزب النور والدعوة السلفية. الفترة الأخيرة شهدت تواجدًا مكثفًا من جانب الفنانين والإعلاميين للتصدي للفتاوى وأمور الدين، حيث اعتبرت منى هلا علاقتها مع حبيبها حرية شخصية، وعلاقة شرعية كونها تستند على مبدأ الإشهار والإعلان، الذي يعتبر من أهم شروط الزواج في الإسلام. وبالطبع لا يفوت الإعلامي توفيق عكاشة حلقة من برنامجه الممتد لساعات، إلا ويستشهد بالقرآن رغم أنه يخطىء في الآية الواحدة أكثر من مرة. الفنانة "مايا دياب"، حاولت الاستشهاد بالقرآن الكريم في لقاء تليفزيوني لها، قائلة "اللهم لا شماتة" وذكرت أنها آية قرانية، ولم تكن هي الوحيدة التي تخطئ، فقد سبقها الملحن عمرو مصطفى عندما أخطأ أثناء استشهاده بآية من سورة "الرعد". سمية الخشاب في برنامج العاشرة مساء مع وائل الابراشى أخطأت بشكل صارخ في قراءة "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين"، وكانت قد سبقتها الفنانة صابرين، عندما حاولت الاستشهاد بآية قرآنية في حوار تلفزيوني، فلم تتذكر سوى ("طلع البدر علينا" صدق الله العظيم). أما الفنانة إلهام شاهين فلها تصريحات و"فتاوى" بالجملة، لا حصر لها، خصوصًا وأنها بحسب قولها سوف تعلم الإسلاميين والمسلمين أجمعين، الإسلام الوسطي الجميل. الفنان فاروق الفشاوي أفتى خلال لقائه في برنامج تلفزيوني أن الحشيش ليس حرامًا وإن الحشيش لم يُذكر أنه من المحرمات، وتجاهل فتاوى كل علماء الأمة بتحريمه قياسًا بتحريم الخمر. المخرجة إيناس الدغيديى قالت إن ممارسة الجنس قبل الزواج حلال، مؤكدة أن هناك أشخاصًا ترى ممارسة الجنس قبل الزواج حرامًا، ولا تستطيع أن تستوعب أنها حلال". وهناك "فتاوى" قديمة لبعض الفنانات، حيث اعتبرت الراقصة نجوى فؤاد أن الرقص الهادف في رمضان حلال، "طالما الدور يأتي في سياق العمل والهدف سياق درامي". أما الإعلاميين والصحفيين، فكانت أبرز الآراء والفتاوى لابراهيم عيسى الذي قال إنه لا يوجد شيء في الدين الإسلامي يسمى «عذاب القبر»، أو «الثعبان الأقرع»، مضيفًا أن «الغرض من ذلك هو تهديد وتخويف الناس، ومفيش لا ثعبان أقرع ولا بشعر". وكان الكاتب الصحفي شريف الشوباشي، دعا نساء مصر إلى خلع الحجاب، تعبيرا منهن عن "رفضهن للإسلام السياسي"، وكتب في تدوينة له على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، "نداء عاجل إلى نساء مصر: (اخلعوا الحجاب).. فهذه خير وسيلة للإعراب عن رفضكن للإسلام السياسي.