يحتفل العالم الإسلامي كل عام بعيد الأضحي المبارك، حيث تذبح الأضاحي، اقتداء بسيدنا إبراهيم، حين أمره الله –عز وجل- بذبح ابنه، وعندما استجاب فداه بكبش عظيم. ترجع أحداث قصة «الأضحية» التي أصبحت عادة للمسلمين، إلى رؤية سيدنا إبراهيم الخليل –عليه السلام- في المنام أنه يذبح ابنه إسماعيل، الأمر الذي يعد أمراً من الله عز وجل لنبيه. وعلى الرغم من أن إبراهيم حُرم من الإنجاب لأعوام طويلة، وعندما سأل الله – عز وجل - أن يهبه ولدا صالحا، بشره الله بغلام حليم هو سيدنا إسماعيل، وهو في السادسة والثمانين من عمره، إلا أنه لم يتردد لحظة في تنفيذ أوامر الله. وعندما أخبر سيدنا إبراهيم، ابنه إسماعيل برؤياه، فاستجاب له، قائلا: «يا أبت أفعل ما تؤتمر به ستجدني إن شاء الله من الصابرين». وعزم سيدنا إبراهيم -عليه السلام- على ذبح ابنه انقياداً لأمر الله -عز وجل- فأضجعه على الأرض والتصق جبين إسماعيل -عليه السلام- بالأرض, وهم إبراهيم أن يذبح ابنه، إلا أن الله –سبحانه وتعالى- أبدله بكبش عظيم من الجنة أبيض الصوف ذي قرنين كبيرين. وأصبحت الأضحية سنة سيدنا إبراهيم -عليه السلام-، وسنّة للمسلمين كافة، يؤدونها أيام الحج إلى البيت العتيق. والاحتفال بعيد الأضحى يختلف من دولة إلى أخرى فهناك من يقبلون على أكل أمعاء وكروش الأضحية أول أيام العيد، ومن يقبل على تزيين أضحية العيد قبل ذبحها بشهر كامل، وآخرون يقومون بحموم الأضحية أسبوعيًا بالصابون، فيما يقدم آخرون على تقديم اللحوم والحلويات للموتى أمام القبور. ففي المملكة المغربية، إن لم تقم بالأضحية فتصبح سخرية أنت وعائلتك بين الجيران والأصدقاء، إذ يقبل بعض المواطنين لشراء الأضحية بالقسط، وآخرون يقدمون على بيع التلفاز أو أساسات المنزل من أجل شراء الأضحية. وفي دولتي موريتانيا والسنغال يتفاخر أبناء الدولتين المتجاورتين باقتناء الأكباش في عيد الأضحى، إذ يقبلون على شراء الأضحية الضخمة طويلة القرون باللون الأبيض، وبذلك يكون لصاحبها مكانة عظيمة يوم العيد وسط الأهل والأقارب. فيما يقبل آخرون على شراء خروف صغير يتولون تربيته على مدار العام بعناية والسهر على تسمينه وربطه داخل المنزل إلى يوم العيد، حيث يسود الاعتقاد بأن وجود الكبش بالمنزل يحفظ العائلة من الحسد. والغريب أنهم يحددون للأضحية حمامًا أسبوعيًا بالصابون، كما يقبل البعض على تعطيره قبل الذبح. ولكي يصبح بدنك قويًا طيلة العمر عليك أن تأكل الأمعاء والكروش فيمنع أكلها قبل اليوم الثاني للعيد، هكذا يعتقد الموريتانيون. كما أنهم يفطرون على قطعة من الكبد؛ ويؤكد الفقهاء أن صوم هذه الفترة القليلة من صبيحة يوم العيد يعادل صيام ستة آلاف سنة. وفي ليبيا على سيدات المنزل القيام بتكحيل العين بالقلم الأسود، أو الكحل العربي، ثم تشعل البخور وتنتشر أصوات التهليل والتكبير بالمنزل ليبدأ بعد ذلك ذبح الأضحية. فيما اعتاد الفلسطينيون تقديم أطباق اللحم والحلويات على حافة المقابر لموتاهم، قبل الصلاة على أرواحهم، معللًا ذلك بأنه تقديرًا لهم ولمقامهم. «مصارعة الكباش» هكذا تنتشر عادة في الجزائر منذ مئات السنين، حيث يقبل الجزائريون قبل حلول عيد الأضحى، وتحضيرًا لهذه المناسبة السعيدة بتنظيم مصارعة الكباش وسط حشود من المشاهدين. وقبل حلول العيد بيوم واحد واجتماع العائلة من دون الأم، بزيارة حمامات البخار الشعبية تحضيرًا لعيد الأضحى! يطبق المسلمون لعبة «خطف الخروف» حيث يركب الرجال الخيول مسرعين نحو الخروف! ومن يلتقطه قبل الآخر يكون هو الفائز بلعبة «خطف الخروف»! ويقبل الأردنيون على توزيع «كعك العيد» بعد صلاة العيد مباشرة، وقبل توزيع لحوم الأضحية، كما يقبل الأردنيون على توزيع الكعك طوال أيام العيد، ويفضلون صنعه بمنازلهم، وتنتشر التكبير والتهليل بالمنزل. «حية بيه راحت حية ويات حية على درب لحنينية عشيناك وغديناك وقطيناك لا تدعين على حلليني يا حيتي» هي أنشودة يرددها أطفال البحرين بعد إلقاء أضحيتهم الصغيرة في البحر. والحية بية عبارة عن حصيرة صغيرة الحجم مصنوعة من سعف النخيل، ويتم زرعها بالحبوب مثل القمح والشعير، يعلقونها في منازلهم حتى تكبر وترتفع حتى يلقونها في البحر يوم وقفة عرفات تكون وجبة الغداء عبارة عن «الغوزي». أما باكستان فلابد من تزيين الأضحية قبل العيد بشهر كامل، إذ يقدمون على تناول «لحم النحر» وهو الطبق الرئيسي في وجبة الغذاء على مدار أيام العيد، كما يمنع تناول الحلوى. يمتد احتفال الكويتيون بالعيد أسبوعًا كاملًا، حيث يجتمع الرجال في البيت الكبير بأسرهم وأبنائهم، وبعد ذلك يتم ذبح الأضحية ثم يجتمع الرجال في الديوان لتناول غداء العيد المكون من اللحم والخبز، كما يتناولون حلوى شعر البنات، وهكذا طوال الأسبوع.