اعتبرهم العالم عبئًا وحملًا ثقيلًا عليهم، حتى بات تشريدهم في الدول أمرًا اعتياديًا، أو موتهم وغرق الكثير منهم هو نصيب لا بد منه، فهم شعب اشتعلت أوطانه بعدما تمسك حكامهم بتلابيب السلطة، فغادروه تاركين ورائهم الأهل والأرض، حتى نبذهم العالم أجمع. "اللاجئون السوريين" هم شعب شكلوا وطن داخل وطنهم، ورغم ذلك بإمكانهم تقديم ما يفيد العالم والأجيال المتعاقبة وتغيير معالم البشرية، فقد أنجبوا مخترعين وعلماء، أبدعوا أفكارا واختراعات عالمية، استفادت منها كل الأقطار، وغيروا تكنولوجيا الاتصال والهواتف المحمولة. فلم يكُن المهاجر السوري للولايات المتحدةالأمريكية آنذاك "عبدالفتاح الجندلي"، يُدرك أنه سينجب ابن يُغير وجه العالم باختراع لم يسبق له مثيل، هو "ستيف جوبز"، الذي دفعت الظروف والده إيداعه لدى أحد الأسر الأمريكية لتبنيه، وذلك عقب ارتباطه بقصة مع زميلة دراسته "جوان شبيل" لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية، ذلك الحب الذي أسفر عن ميلاد "جوبز"، ورفضت وقتها أسرة شيبل زواجهما بحجة أن والده عربي وليس مسيحيا كاثوليكيا. "ستيفن جوبز" مخترع وأحد أقطاب الأعمال في الولاياتالمتحدة، عُرف بأنه المؤسس والمدير التنفيذي السابق ثم رئيس مجلس إدارة شركة "آبل"، وهو أيضًا الرئيس التنفيذي لشركة "بيكسار" ثم عضوًا في مجلس إدارة شركة "والت ديزني". ولد "ستيف بول جوبز" في سان فرانسيسكو عام 24 فبراير 1955 لأبوين غير متزوجين كانا حينها طالبين في الجامعة، كان أبوه مختفيًا دائمًا عن وسائل الإعلام، وكذلك ابنه "ستيف جوبز" نفسه كان يساهم بدوره في إخفاء هوية والده الحقيقي وإخفاء شخصية شقيقته "منى". استطاع "جوبز" تحطيم أسطورة أن اللاجىء السوري هو عبئًا على العالم، فاستطاع في أواخر السبعينيات مع شريكيه "ستيف وزنياك، ومايك ماركيولا"، تصميم وتطوير وتسويق واحد من أوائل خطوط الهواتف المحمول بنظام متطور وهي سلسلة "آبل". وفي مطلع الثمانينات كان "جوبز" من أوائل من أدركوا الامكانيات المتطورة للحاسب الآلي التجاري؛ الأمر الذي أدى إلى قيام آبل بصناعة سلسلة حواسيب عالمية تحت إشراف "جوبز". وعقب صراعات عديدة مع مجلس الإدارة استقال "جوبز" عام 1985، واستطاع تأسيس شركة "نكست" التي تعمل على تطوير منصات الحواسيب في التعليم العالي والأسواق التجارية، ثم قامت "آبل" بالاستحواذ على نكست في عام 1996 وعاد جوبز إلى شركته الأولى وأصبح المدير التنفيذي لها في 1997. عانى جوبز وقبيل عدة سنوات من وفاته من مشاكل صحية بعدما أصيب عام 2004 بنوع نادر من سرطان البنكرياس، وخضع في 2009 لعملية لزراعة كبد، ومنذ يناير وحتى وفاته عام 2011 كان جوبز في عطلة مرضية أعلن خلالها عن استقالته من منصبه كمدير تنفيذي لشركة أبل مع انتقاله للعمل كرئيس لمجلس الإدارة. تلك الأسطورة التي حطمها "جوبز"، عاد إحيائها حالات وفاة الكثير من اللاجئين السوريين، الذين اعتبرهم البعض عبء على البشرية، وأعاد "دايفيد غالبرايث" الذي يعمل في حقل التكنولوجيا، تذكيرنا بقصة المخترع من أصل سوري "ستيف جوبز". قرر "غالبريث" تقريب الفكرة للعالم حول مأساة الطفل السوري "إيلان الكردي"، الذي غرق أول أمس، في البحر المتوسط خلال محاولة عائلته الفرار إلى أوروبا، من خلال تغريدة له على موقع "تويتر". وقال "غالبريث" فيها: "ماذا كان يمكن لهذا الطفل أن يصبح، لو أعطيت له الفرصة ليعيش؟، فأنا أكتب هذه التغريدة من هاتف اخترعه ابن مهاجر سوري، إنه "ستيف جوبز"، فوالد "ستيف جوبز" مؤسس شركة "آبل"، وأشهر الرجال على الإطلاق في عالم التكنولوجيا، كان مهاجرًا سوريًا، وصل إلى الولاياتالمتحدة في خمسينيات القرن الماضي".