كثيرة هى الكتب التى رصدت قراءات العُظماء ورسمت من خلالها استكشاف واضح لأساليب تفكيرهم وكيفية تعاطيهم مع الآخرين. كان هتلر مثلا لديه مكتبة ضخمة تضم 16 ألف كتاب وكان يحب مسرحيات شكسبير ويهيم بروايات «دون كيشوت» و«روبنسون كروز» وقد تتبع كثير من مؤلفى الكُتب قراءاته ليجدوه مهتما بقراءة قصص الشخصيات الأسطورية الخارقة، وسير الملوك والساسة. أما ستالين فقد وجدوا أهم قراءاته تنحصر فى كتابات داروين ونظرية النشوء والارتقاء، فضلاً عن دراسات عديدة فى تاريخ العالم. جمال عبدالناصر هو الآخر كان محط اهتمام كثير من الباحثين فيما يخص تشكيل ثقافته، وقد عرضت كريمته الدكتورة هدى على موقع خاص أنشأته باسمه قائمة تضم نحو مائة كتاب قرأها والدها كان معظمهم عن حياة نابليون بونابرت والثورة الفرنسية وبسمارك والإسكندر الأكبر وقناة السويس. وهذا ما فعلته الكاتبة المتميزة حنان ابو الضياء عندما حاورت مؤسسة بيل جيتس لتتعرف على أهم الكتب التى قرأها خلال عام والتى يوصى الآخرون بقراءتها. إنها ترى إمكانية قراءة دماغ هذا الرجل، ومتابعة أهم ما يدخلها من أفكار وتصورات يمكن أن تسهم فى تلك العبقرية التى يتمتع بها، وذلك النجاح الذى يحققه. من هُنا حمل كتابها الجديد «دماغ بيل جيتس» قراءة لأهم قراءات الرجل وقياس لكيفية الاستفادة من تلك القراءات. ولد بيل جيتس فى سياتل بالولاياتالمتحدة عام 1955، ثم أسس عام 1975 شركة «مايكروسوفت» بعد سلسلة تجارب ناجحة فى مجال الحاسب الآلى، ثم صار أغنى رجل فى العالم بثروة تتجاوز ال70 مليار دولاراً. وربما لن نتعجب أن نعرف أن أول كتاب يختاره بيل جيتس ضمن أهم الكتب التى قرأها فى العام الماضى هو كتاب « أفضل الملائكة فى الطبيعة « للكاتب ستيفن بينكر وهو الذى يرصد تطور التحضر فى البشرية وتراجع العنف والقسوة. ويستعين المؤلف بإحصاءات فى مختلف دول العالم تُبرهن على تراجع عمليات القتل منذ توقف الحرب العالمية الثانية عام 1945. أما ثانى الكُتب التى اختارها «جيتس» فكان كتاب عن سيرة دنج شياو بنج وتحول دولة الصين للكاتب عزرا فوغل. وهو كتاب رائع يسرد قصة صعود «بينج» وإصلاحاته التى حولت دولة الصين إلى قوة اقتصادية كبيرة تقوم على آليات السوق. أما الكتاب الثالث فكان كتاب «مستقبل الطاقة وإعادة تشكيل العالم الحديث» للكاتب دانيال يرجين. وهو كتاب يسعى للإجابة عن مجموعة من الأسئلة المرتبطة بالطاقة وعلاقتها بالسياسة، مؤكداً أن جميع التوقعات بنضوب النفط أثبتت خطأها، وينتقد الكاتب الذين ينفون أي تأثير لمصادر الطاقة التقليدية على التغير المناخي في ظل المعطيات العلمية التي تثبت ضرر انبعاث ثاني أكسيد الكربون على البيئة، ويدعو إلى تدخل الدول في هذا المجال. ونجد أيضا ضمن اختيارات الرجل كتاب «نزهة على القمر مع أينشتاين» للكاتب جوشوا فوير الذى يكشف أن لكل إنسان ذاكرة فوتوغرافية تُمكنه من تذكر أى شىء بشرط التدريب الدائم.ويشرح الطريقة التي يتبعها في ذلك فيقول إن دماغ الإنسان مجهز لحفظ ذكريات الأشياء المادية. وهكذا عن طريق ربط الأفكار المجردة بصور حية. أما الكتاب الخامس كان «ما وراء الجمال.. الحياة والموت والأمل فى مومباى» للكاتبة كاثرين بو وهو كتاب عن أكثر المناطق فقرا وعشوائية فى العالم. ويطرح الكتاب تساؤلات عديدة حول مستقبل الديمقراطية فى ظل نمو الفقر والثروات. ويلفت أنظارنا عنوان آخر هو «مليار جائع.. هل نستطيع إطعام العالم» للكاتب جوردون كونواى، وهو كتاب يؤكد أن الفقر، والتغيرات المناخية، والزيادة السكانية، وارتفاع أسعار الطعام؛ هي معوقات تقف في وجه الأمن الغذائي العالمي، وكأنها جبال الهيمالايا. وضمن الكتب التي توجد في ثنايا الكتاب «ثمانية قرون من الحماقة المالية» وهو الذى يتحدث عن النظم المالية ويرى أن القواعد القديمة للتقييم المالى لم تعد قابلة للتطبيق وأن الوضع الجديد لا يتشابه إلا قليلاً مع الكوارث السابقة. وتلخص لنا المؤلفة كتاباً آخر من مختارات جيتس وهو «المدينة التى أصبحت آمنة» للكاتب فرانك زيمرنج الذى يتناول تطور الجريمة فى العالم خلال العقدين الأخيرين، والذى يرصد الكتاب الارتباط بين التطور التكنولوجى وتراجع معدلات الجريمة خاصة فى ظل تطور أجهزة المراقبة والمحاسبة. فضلاً عن كتاب «تعليم بمستوى عالمى» للكاتبة فيفيان ستيوارت والتى تطرح قواعد العالمية للتعليم فى خمس دول هى: سنغافورة وكندا وفنلنداوالصين وأستراليا، حيث الطلاب يحصلون على أفضل التقديرات العالمية عن الطلاب في الولاياتالمتحدة على الرغم من الاختلافات في النظم السياسية والسياقات الثقافية من هذه البلدان. ويؤكد الكتاب أن مفتاح النجاح فى فنلندا كان صدور قرار في عام 1979 بضرورة الحصول على درجة الماجستير لمدة سنتين لجميع المعلمين، حتى فى المدرسة الابتدائية وفى سنغافورة فإن النموذج المطبق عبارة عن «تعليم أقل، وتعلم أكثر» مستهدفاً تشجيع المناهج المبتكرة واستخدام أكثر من وقت للتدريس.