فصول الفخ الأمريكي لا تتوقف عند التغرير بثوار التحرير، أو هكذا يخيل لواشنطن التي نقلت عملياتها الى مسرح الاحداث الحقيقي من وجهة نظر مستشاريها وحلفائها، ألا وهو مسرح «حدود الدم» كما يحلو للمخابرات الامريكية أن تسميه وتعربد فيه، وما الشرق الاوسط الجديد إلا جنين مشوه لحدود الدم المزعومة، تلك الحدود التي فرضت قبل أشهر على السودان ويرسمها الناتو حاليا في ليبيا، في الوقت الذي تجهز فيه إسرائيل المسرح جيدا لالتهام سيناء بإشعال النيران على الحدود ومحاولة خداع المجتمع الدولى بأن سيناء أصبحت مرتعا لمنظمات جهادية أو إرهابية. الاعتذار الإسرائيلي المطلوب عن قتل الضباط والجنود المصريين يجب ألا نقف عنده طويلا لأنه في عرف جنرالات تل ابيب وواشنطن أشبه بحقنة التخدير التي تسبق الجراحات الاستئصالية للمريض، ولنا في سيناريو العراق والسودان عظة يا أولي الألباب، وكيف لنا لا نحتكم الى التصريحات الامريكية والاسرائيلية الأخيرة التي سبقت واقعة قصف الحدود، بل والتي سبقت اندلاع الثورة المصرية وجميعها يؤكد أن النية مبيتة لجر مصر الى حرب جديدة تنتهي بفرض أمر واقع مفاده توطين الفلسطينيين في سيناء عبر بوابة « حدود الدم» الامريكية، وحتى لا ننسى أو نختذل كل جهدنا فقط في مسألة الاعتذار تعالوا نتعرف كيف يجري التحضير الإسرائيلي والأمريكي لسيناريو سيناء: قبل العدوان الجوي الاسرائيلي على الحدود بساعات معدودة زعم كل من رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو والرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز، استخدام أرض سيناء وتآمر بعض المصريين فى مساعدة منفذى الاعتداءات الإرهابية التى شنها مسلحون فى مدينة إيلات. كما زعم نتنياهو وبيريز فى كلمة ألقاها كل منهما، فى مؤتمرين صحفيين منفصلين، أن الأنظار اتجهت إلى مصر بمجرد وقوع الاعتداء الإرهابى فى إيلات، نظراً لتوافر معلومات لدى الأجهزة الأمنية بإسرائيل تفيد بتنفيذ هجوم إرهابى وشيك على إسرائيل عن طريق مسلحين يتسللون عبر المنطقة الحدودية الواقعة بين البلدين فى سيناء. وفى خطوة إسرائيلية استفزازية اخرى، دعا مسئول عسكرى رفيع بالجيش الإسرائيلى مساء الخميس الماضي للقيام بعمليات عسكرية إسرائيلية داخل شبه جزيرة سيناء للقضاء على العناصر الإرهابية التى تهدد أمن إسرائيل، على حد زعمه هو الآخر. وقال العميد احتياط بالجيش الإسرائيلى «عوزي ديان»، والذى يشغل أيضا منصب رئيس مجلس الأمن القومى الإسرائيلى، فى تصريحات خاصة للقناة السابعة بالتليفزيون الإسرائيلى: «لقد حان الوقت ليعيد الجيش الإسرائيلى قدرته للعمل بقوة». وكشف قائلا: «قبل حوالى أسبوع اجتمعت برئيس هيئة أركان حرب الجيش الإسرائيلى بينى جانتس، وتحدثنا عن الوضع فى جنوب إسرائيل وشبه جزيرة سيناء، وأنا لن أستطيع أن أدلى بتفاصيل المحادثة التى دارت مع جانتس، ولكننى أستطيع أن أؤكد أنه يجب للذراع الأمنية والعسكرية الإسرائيلية أن تستعد لفترة تختلف عن السنوات الماضية». في الوقت ذاته أذاع التليفزيون الإسرائيلي تقريرا مساء الجمعة الماضية، عما قال إنه خطة من جانب تنظيم القاعدة، للاستيلاء على منطقة شمال سيناء، مدعيا أن التحقيقات مع الناشطين، كشفت أن نحو 0051 ناشط تسللوا من قطاع غزة إلى سيناء، وتلقوا تدريبات بالأسلحة النارية، وأن حوالى 005 ناشط مصري انضموا إلى هذا التنظيم، بهدف طرد قوات الأمن المصرية من سيناء، و أن النية لديهم كانت تتجه إلى إعلان سيناء كإمارة إسلامية تحت سيطرة القاعدة وجيش الإسلام الفلسطيني فى قطاع غزة. وبدورها جاءت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون لتشارك في تهيئة المجتمع الدولي لمسرح المعركة الجديد، مطالبة مصر الوفاء بوعدها لجهة ضمان الأمن فى سيناء إثر الهجمات التى نفذت فى الجانب الآخر من الحدود مع إسرائيل، مضيفة أن هذا العنف سيعزز قلقنا الكبير حول الأمن في سيناء. والحقيقة ان ما يحدث على الحدود مع اسرائيل الآن يجب ان نضعه في سياقه الطبيعي وألا نتعامل معه على انه حادث عرضي، ولعلنا نتذكر جميعا ما كشفته صحيفة «جلاسكو هيرالد» الأسكتلندية قبل عامين في تقرير لأحد الباحثين المهتمين بشئون الشرق الأوسط عن خطة بعيدة المدي نسجت خيوطها داخل وكالة الاستخبارات الأمريكية «CIA» ووزارة الدفاع الأمريكية تهدف إلي حصار مصر ثم التهامها عسكريًا، وذلك بإثارة الفوضي في مناطق الحكم الذاتي في فلسطين وإقناع المجتمع الدولي بإقامة قاعدة عسكرية جديدة لتطويق الدولة المصرية التي يعتبرها الأمريكيون الدولة العربية التي يجب الحذر منها تحسبًا لأي طارئ يحدث في العلاقات المصرية الأمريكية أو المصرية الإسرائيلية. ويؤكد ما ذكره الباحث الأسكتلندي مقال آخر كتبه العميد رالف بيترز في مجلة القوات المسلحة الأمريكية عام 2006 بعنوان «حدود الدم» لإعادة تصحيح الحدود الدولية سواء بتوافق إرادات الشعوب او بسفك الدماء للوصول إلي هذه الغاية. ويوضح الكاتب تفاصيل خريطة الدم التي تحدد معالم الشرق الأوسط الجديد ونصيب مصر منها بأن يتم تجميع الفلسطينيين في كيان مستقل، واليهود في كيان آخر، حيث ستنشأ دولة جديدة تضم الأردن القديم وأراضي من السعودية وربما من فلسطينالمحتلة تضم كل فلسطينيي الداخل وفلسطينيي الشتات وتسمي الأردن الكبير ويستولي الكيان الصهيوني علي باقي أراضي فلسطين، أما غزة فسيتم ضم أجزاء كبيرة إليها من الاراضي المصرية قد تصل إلي نصف سيناء. [email protected]