بينما بدأ العد التنازلى لانتخابات رئاسة جمهورية الاتحاد الدولى لكرة القدم " الفيفا " المقررة يوم الجمعة المقبل ، وقع زلزال مدمر هز أركان هذه الجمهورية التى تحيط بها الشبهات والأقاويل من كل مكان . فقد ألقت السلطات السويسرية صباح الأربعاء ( حيث يقع مقر الاتحاد بمدينة زيورخ ) القبض على 6 من مسئولى الاتحاد بتهم الفساد وغسيل الأموال حسب مذكرة توقيف أمريكية، بينما قالت صحيفة نيويورك تايمز الامريكية أن الاتهامات تطول 14 شخصا وليس 6 فقط. وما حدث اليوم ما هو إلا حلقة فى مسلسل طويل من الاتهامات والفضائح التى تثار بين الحين والآخر حول هذه المؤسسة التى تدير أهم لعبة رياضية فى العالم ، حيث يقدر حجم صناعة كرة القدم فى العالم بمئات المليارات من الدولارت وهو ما يفوق ميزانيات العديد من الدول ، حتى أنه جرى العرف فى وسائل الإعلام تسمية هذه المؤسسة ب " جمهورية الفيفا " لما لها من سطوة ونفوذ مالى وسياسى ورياضى كبير. فمنذ سنوات طويلة تدار هذه الجمهورية بشكل ديكتاتورى ، حيث يتمتع رئيسها بصلاحيات وقوة وهيمنة لا توجد فى أعتى جمهوريات الطغاة فى العالم. ويكفى الإشارة الى أن اجيال كثيرة لا تتذكر سوى الرئيس الحالى لهذه الجمهورية السويسرى " جوزيف بلاتر " ، وسلفه البرازيلى " جواو هافيلانج ". فقد ظل هافيلانج رئيسا للفيفا من عام 1974 حتى عام 1998 أى لمدة 24 عاما وهو من مواليد عام 1916 أى أنه تجاوز 99 عاما حاليا. وعندما كان هافيلانج رئيسا للفيفا ، كان الرئيس الحالى بلاتر سكرتيرا عاما للاتحاد ، وقد خلفه فى رئاسة الفيفا عام 1998 ولازال حتى الأن اى منذ 16 عاما . ويخوض بلاتر الانتخابات التى تجرى الجمعة للفوز بفترة رئاسة جديدة تمتد 4 سنوات ، وينافسه فى السباق الأمير الأردنى على بن الحسين. "بلاتر" مستمر ورغم أن فضيحة اليوم وتوقيتها قد تؤثر سلبا على بلاتر الذى أحيطت حوله الكثير من الشبهات فى السنوات الماضية ، إلا أن فرصه مازالت قوية للفوز بفترة رئاسة جديدة ، كون هذه الانتخابات لا تحكمها قواعد النزاهة والمعايير المثلى فى الاختيار بقدر ما تحكمها قواعد التربيطات والمصالح والفساد والبيزنس وهو ما يتفوق فيه بلاتر وجمهوريته. مسلسل قديم وفى عهد هافيلانج أثيرت العديد من قضايا الفساد المالى والإدارى ومع ذلك ظل الرجل متربعا على عرش الجمهورية الرياضية. وقبل عامين من الأن وبالتحديد فى عام 2013 ، كشف الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا”، عن تخلي جواو هافيلانج عن منصبه كرئيس فخري للاتحاد، عقب تحقيق بشأن قضية رشوة تتعلق بشركة “اي.اس.ال” الشريك التسويقي السابق للفيفا، في حين ثبتت براءة الرئيس الحالي للفيفا سيب بلاتر من ارتكاب أي مخالفات، فيما يتصل بالتعاملات مع الشريك السابق عندما كان سكرتيرا عاما للفيفا والتقرير جاء فيه أيضا أنه لا توجد أي نية لاتخاذ أي إجراءات من جانب الفيفا بحق البرازيلي هافيلانج . وقد ظهرت تفاصيل تتعلق بالقضية ،عندما قال مسئول في الادعاء السويسري في وثيقة قانونية: إن هافيلانج وعضو آخر في اللجنة التنفيذية للفيفا هو ريكاردو تيكسييرا تلقيا رشاوى بملايين الدولارات من اي.اس.ال” ضمن صفقات تخص كأس العالم خلال تسعينات القرن الماضي. مؤسسة الفساد وفي السنوات الأخيرة لم يرتبط اسم فيفا بمجرد فرض القوانين في عالم كرة القدم، بل وبتهم انتهاكها أيضا، فالجسم المسؤول عن إدارة اللعبة الشعبية الأولى في العالم يبدو بنظر البعض مجرد مؤسسة فساد بمليارات الدولارات. فقد سبق أن اتهمت الفيفا عدة مرات بقضايا على صلة بالرشوة وبدفع مكافآت، ووصلت تلك المزاعم إلى ذروتها بعد فوز روسيا وقطر بتنظيم كأس العالم لعامي 2018 و2022 على التوالي، وقد قام الاتحاد الدولي نفسه بفتح تحقيق حول القضية لتبرئة نفسه، ولكن المشكلة اليوم تتمثل بأن دولة كبرى بحجم الولاياتالمتحدة قررت ملاحقة مسؤولين بالاتحاد. والحقيقة أن القضية التى تفجرت اليوم ، ذات بعد خاص مرتبط بالولاياتالمتحدةالامريكية ، حيث أن معطم قضايا الفساد التى وقعت ، كانت داخل الأراضى الامريكية أو مرت عبر البنوك الامريكية. مايكل غارسيا فقد طلب الفيفا من مايكل غارسيا، الذي كان في السابق رئيسا للادعاء العام في جنوبنيويورك، قيادة فريق للتحقيق في ملابسات منح حق تنظيم كأس العالم لروسيا وقطر، واستمر الرجل في إجراء تحقيقات لمدة 19 شهرا ليخرج بعد ذلك بخلاصة على شكل تقرير من 350 صفحة. المشكلة أن الفيفا لم تقم بنشر سوى ملخص عن التقرير لا يزيد عن 42 صفحة، قضت بموجبه ببراءتها من التهم الموجهة إلى مسؤولين فيها على خلفية اتهامات بالفساد بسبب تنظيم المونديال بروسيا وقطر، وقد رد غارسيا بغضب على ما نشرته الفيفا، متهما إياها باجتزاء التقرير وعرضه بشكل مغلوط. جيمس كومي ولوريتا لانش وعندما وصل غارسيا إلى منصبه السابق في رئاسة الادعاء العام بجنوبنيويورك، كان سلفه بالمنصب نفسه هو جيمس كومي، الذي أصبح حاليا رئيسا لمكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكي FBI، واللافت أن مذكرات التوقيف الصادرة بحق المسؤولين في الفيفا جاءت بعد تحقيقات استمرت لثلاث سنوات في مكاتب FBI. أما صلة الوصل الثانية للقضية بمدينة نيويورك فتتعلق بلوريتا لانش، المدعية العامة للمدينة، وقد ساعدت بدورها على التحقيق في القضية، خاصة بعد تعاون مسؤول أمريكي سابق في الفيفا يدعى تشاك بليزر، والذي قام بتقديم الكثير من الوثائق التي يمكن أن تكشف الأفعال غير القانونية داخل فيفا لقاء عدم سجنه بسبب تهربه من دفع الضرائب لسنوات طويلة. كونكاكاف والولاياتالمتحدة هي جزء من اتحاد كرة القدم الخاص بالقارة الأمريكية كونكاكاف، وقد كان بليزر الرجل الثاني في ذلك الاتحاد الذي يقوده جيفري ويب أحد المتهمين، وهو أيضا نائب بلاتر، ولن تتضح طبيعة الاتهامات الموجهة لويب حتى الأن. غير أن التقارير الأولية الصادرة من سويسرا تشير إلى أن المبالغ التي يطالها التحقيق قد تصل إلى مائة مليون دولار، وهي على صلة بدورات رياضية جرى تنظيمها في القارتين الأمريكيتين الشماليةوالجنوبية. الأمير على بن الحسين ومن المؤكد أن الأمير على بن الحسين سيسعى جاهدا خلال اليومين المقبلين للستفادة بشكل أو بأخر من التطورات الأخيرة لكسب مزيد من الأصوات المترددة . ويحمل الأمير، بنظر الكثيرين، أولوية التغيير وتحسين صورة الفيفا، أما السبب الآخر الذى يدعم موقف الأمير فهو احتكار الرئيس الحالي للاتحاد، سيب بلاتر، المنصب منذ 16 عاما، وبالتالي يرغب الكثيرون في رؤية التغيير. وخلال الأيام الماضية، وبالتحديد مع بدء هذا الأسبوع، نشط المغردون على موقع " تويتر" في حشد الدعم للأمير علي بن الحسين، برغم أن التصويت يتم داخل أروقة الاتحاد الدولي لكرة القدم، ويشارك فيه رؤوساء الاتحادات الوطنية لكرة القدم الممثلة لجميع الدول الأعضاء في الفيفا ولم يقتصر الأمر على جماهير الكرة العرب الراغبين في رؤية أميرهم الشاب يتولى المنصب، ليكون بذلك أول عربي يفوز في هذه الانتخابات، بل شارك في التغريد الداعم للمرشح العربي عدد من الشخصيات الرياضية والإعلامية والفنية العربية والعالمية. .