لا أعرف القليل ولا الكثير عن عائلة وزير العدل ولا عن ثقافته، ولا كيفية دخوله إلى سلك القضاء، لكن ما اعرفه جيدا ان تصريحاته عن ابن عامل النظافة تنم عن هنجهية وطبقية فارغة، وأظن ان وزير العدل لو جلس مع الأسر العريقة التي تربت فى قصور حكم الملكية، سيعلم جيدا أن هذه الأسر لم تعد تتبنى هذه النظرة الطبقية، فالثقافة تغيرت، وسيعلم كذلك ان الذين يتمسكون بهذه النظرة الطبقية هم فقط الذين صعدوا من أسفل السلم الاجتماعي، بعض أبناء الفلاحين والموظفين الذين لم يكونوا يحلمون بتوليهم مراكز قيادية أو رفيعة. وزير العدل صرح لقناة «تن» بأن ابن عامل النظافة لن يصبح قاضيًا، لماذا يا باشا؟، لأن القاضي لا بد أن يكون قد نشأ في وسط مناسب لهذا العمل، مع احترامنا لعامل النظافة. وزير العدل كان يجب ان يوضح لنا ما هو الوسط المناسب الذى يقصده، ماهى أهم ملامحه وثقافته وطبقته، ربما وزير العدل يعنى بكلامه ضرورة أن يكون والد القاضي قاضيا، وأن تورث المهنة وتغلق على أبناء القضاة، ربما.. لكن معالى وزير العدل لم يوضح لنا بل استكمل رؤيته بقوله: «ان ابن عامل النظافة لو أصبح قاضيًا سيتعرض لأزمات عدة، ولن يستمر في هذه المهنة»، متابعًا: «كتر خير عامل النظافة إنه ربى ابنه وساعده للحصول على شهادة، لكن هناك وظائف أخرى تناسبه». الباشا وزير العدل لم يوضح كعادته ما هى الأزمات العدة التى سيتعرض لها ابن عامل النظافة عندما يصبح قاضيا؟، هل يقصد أنه سيتلقى رشوة؟، هل سيسعى للعمل كمستشار تحت رئاسة احد المديرين فى هيئة حكومية مقابل 80% من راتبه؟، يا معالى الباشا وزير العدل أنت تعلم أكثر منا أن بعض القضاة، من غير أبناء عمال النظافة، قد تورطوا فى قضايا رشوة وتمت إدانتهم، وتعلم أكثر منا كلنا أن الدستور الحالى سمح بندب القضاة، وارتضى أن يكون القاضى موظفا فى هيئة تحت رئاسة أحد المديرين مقابل 80% من راتبه، فما هو الجديد؟، وما هى المبررات الحقيقية لرؤية معاليك الكارهة أو المتعالية على أبناء عمال النظافة. ربما معاليه يقصد من الأزمات التى ستواجه ابن عامل النظافة فى سلك القضاة أن يختلف مع أحد زملائه ويعايره بأن والده عامل نظافة، يا معالى وزير العدل نعتقد ان الناقص قليل التربية فقط هو الذى سيعيب على مواطن شريف بوظيفة والده، ونظن أنك لو عدت بذاكرتك وقرأت بعض الصحف فستكتشف أن أحد ماسحي الأحذية فى البرازيل انتخب رئيسا لبلاده، والطريف أن الذين صوتوا له كانوا من أساتذة الجامعة والعمال والفلاحين والمهندسين والأطباء والقضاة ورجال الأعمال وأبناء الطبقة الراقية، اسمه: لولا داسيلفا، والبلد اسمه البرازيل، «لولا» بدأ حياته بائع خضار، ووالده كان شيالاً، وعندما تولى رئاسة البرازيل لم يعايره أحد بانه يمسح الأحذية، ولم يخجل ممن مسح لهم أحذيتهم، ولا ممن حمل والده لهم حقائبهم أو أمتعتهم. الرئيس عبدالفتاح السيسى والمهندس إبرهيم محلب رئيس الحكومة مطالبان بأن يوضحا لنا: هل رؤية معالي وزير العدل وثقافته هى التى ستحدد لنا من سيصبح القاضى؟.