سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الدكتور هانى صبرى أستاذ الاجتماع يعرض «فهم الذات» أمام المعسكر التدريبى لشباب الوفد: كل إنسان يمتلك مهارات تميزه عن الآخرين
وإصلاح المواطن لنفسه بداية إصلاح المجتمع
انطلقت الفعالية الثانية فى المعسكر التدريبى الذى تنظمه اللجنة النوعية للشباب بالتعاون مع لجنة الوفد ببورسعيد برئاسة البرلمانى السابق محمد جاد ويرعاه الدكتور السيد البدوى شحاتة رئيس حزب الوفد والمنعقد ببورسعيد فى السابعة من مساء أمس الأول بمحاضرة ألقاها الدكتور هاني صبري أستاذ علم الاجتماع بجامعة السويس، ومدرب التنمية البشرية تحت عنوان «فهم الذات والآخر» وذلك في إطار خطة اللجنة النوعية للشباب لبناء قدرات الشباب المصري في ضوء خطط التنمية التي تستهدف تكوين قاعدة شبابية قادرة على تحمل مسئولياتها في بناء الوطن وتحقيق غاياته الرامية لتحقيق أهداف ثورتي 25 يناير و30 يونية، وهى الحرية والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية. وقد بدأ الدكتور هاني صبري لقاءه بعرض مفهوم الشخصية، مركزاً على «فردية» كل شخص وامتلاكه مهارات وقدرات خاصة ينفرد بها عن الآخرين، مما يمنحه الفرصة ليمارس دوره بفاعلية في بناء نفسه والمجتمع، كما أن محاولة فهم الآخرين يجب أن تبدأ بفهم الذات أولاً، فلا ينبغي أن يهتم كل فرد بانتقاد أفكار وسلوكيات الآخرين تاركاً ذاته بلا رقيب أو متابعة، ودعم فكرته بمقولة «تولستوي»: «الجميع يبحث عن إصلاح العالم ولا أحد يبحث عن إصلاح نفسه».. وهنا نقطة البدء، أن يبدأ كل مواطن بنفسه في محاولة منه لإصلاح المجتمع.. فيجب أن تكون مبادراً. ثم عرض الدكتور هاني صبري، لمفهوم «الآخر» وكيف أن الله سبحانه وتعالي قد خلقنا مختلفين، ولهذا الاختلاف حكمة، وهي «اختلاف من أجل الائتلاف» أي أن الهدف من الاختلاف ليس الصراع وتطبيق سياسة البقاء للأقوى، بل أن الهدف الأسمي أن نكمل بعضنا بعضاً، فالإنسان كائن اجتماعي بالفطرة ومدني وبالطبع – كما يؤكد ابن خلدون مؤسس علم العمران البشري - ولا يستطيع أن يعيش منعزلاً، بل يعيش في جماعات ومجتمعات يتعايش ويتكيف ويتكامل مع الآخرين، وهذا ما أكدته الآية الكريمة: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم» (سورة الحجرات: الآية 13). فالإنسان مخلوق اجتماعي يختلف عن غيره، ولكنه يكملهم ويتكامل معهم. ثم انتقل «صبري» للحديث عن المهارات التي ينبغي أن يتحلى بها الفرد كي يستطيع أن ينتقل من موقف المشاهد المتفرج السلبي إلى المشارك الفعال القادر على إحداث التغيير، وعلى رأس تلك المهارات مهارات الاتصال، التي يقع في مقدمتها مهارة الإنصات، أي توجيه الذهن والحواس نحو الآخرين بغرض فهم أفكارهم ومشاعرهم واتجاهاتهم، وكما قال ستيفن كوفي – صاحب كتاب العادات السبع للناس الأكثر فاعلية 1989م - «يجب أن تفهم قبل أن تُفهم»، ولكي تفهم الآخرين ينبغي أن تنصت إليهم باهتمام وتمنحهم هذا الحق. وقد أكد بعض الشباب المشاركين في اللقاء على أن المشكلة تكمن في اعتقاد البعض أن الحوار هو حالة حرب لابد لها من منتصر ومهزوم، وهذا هو السبب في عدم الوصول إلى نتيجة لأي حوار.. وهنا أكد الدكتور هاني صبري أن ذلك يرجع إلي عدم الوعي بمفهوم الاتصال الذي يرجع معناه اللغوي إلى كلمة «الشيء المشترك»، فالهدف من أية حوار لابد أن يكون الوصول إلى نقطة مشتركة يمكن الانطلاق منها، وليس الوصول إلى الاتفاق الكامل، فهذا أمر شبه محال في جميع الأحوال. وقد حذر الدكتور هاني صبري، الشباب من الوقوع في فخ الاغتراب، الذي يمثل انفصالاً للفرد عن بيئته المحيطة، وعادة ما يتخذ الاغتراب خمس صور، الأولى «انعدام القوة» أي شعور الفرد بأنه غير مؤثر في مجرى الأحداث، مجرد ترس صغير في آلة المجتمع الكبير، والثانية «انعدام المعني» أي شعور الفرد بعدم القدرة على الاختيار بين البدائل المتاحة أمامه، فيعجز عن الاختيار الصحيح في الوقت المناسب، والثالثة «انعدام المعايير» أو الفساد الصغير، والمتمثل في قيام الفرد بتحقيق أهدافه بطرق غير مشروعة واعتبار هذا الأمر عادياً دون أن يشعر بأنه أخطأ في حق نفسه أو المجتمع (كالغش في الامتحانات والرشوة والمحسوبية وعدم إتقان العمل)، والرابعة «العزلة الاجتماعية» أي امتلاك الفرد ثقافة مغايرة مناقضة لثقافة المجتمع فيشعر بالانفصال عن المجتمع، أما الصورة الخامسة والأخيرة، «الغربة الذاتية» أي شعور الفرد بسطحية الحياة وإنها بلا هدف يستحق أن يسعى لتحقيقه. وقد دعا الشباب إلى ضرورة الربط بين المجتمع الحقيقي المعاش والمجتمع الافتراضي الذي يعيشونه على صفحات الإنترنت ووسائط التواصل الاجتماعي ك (الفيس بوك وتويتر وغيرهما) وذلك حتى يمكنهم المشاركة الحقيقية الفعالة في مواجهة الازمات التي يمر بها المجتمع المصري، فالتواصل الاجتماعي الحقيقي يبدأ من الشارع ومع الناس وبمعرفة مشاكلهم وحياتهم وما يعانونه من قضايا وفهم أحلامهم وطموحاتهم المستقبلية. وفي نهاية اللقاء نصح الدكتور هاني صبري، الشباب المشاركين بضرورة التزود بالمعارف والمعلومات عبر القراءة الواعية، وذلك لتكوين قاعدة معرفية حقيقية تساعد كل شاب وفتاة على فهم الواقع المحيط وطبيعة المجتمع الذي يعيشون فيه، مع ضرورة عدم الاقتصار على المعلومات الواردة في وسائل الإعلام سواء المقروءة أو المسموعة أو المرئية، فوسائل الإعلام تقدم لك الخبر، وعليك التعقل والتفكير والتحليل للوصول للنتائج التي تعبر عن وجهة نظرك الخاصة، التي قد تخالف وجهات نظر الآخرين، وهذا ليس عيباً بل ميزة تمتاز بها المجتمعات المتقدمة، كما دعا الشباب إلى ضرورة فهم طبيعة المشكلات القائمة في المجتمع المصري ومحاولة المشاركة في مواجهتها. إن الدور الحقيقي للشباب يكمن في أنه القوة المستقبلية القادرة على إحداث التغيير المطلوب، التغيير الإيجابي، فالثورة مهما اختلفنا حول معناها، فإنها تكمن في «تغيير طريقة التفكير والحياة» ووقتها يمكن أن نعلن أن الثورة قد بدأت في تحقيق أهدافها، وقت أن يتغير الناس في طريقة حياتهم وطريقة تفكيرهم ونظرتهم لمجتمعهم ووطنهم.. إنه الهدف الأسمى للمجتمع.. إننا نستطيع أن نتغير ويمكننا أن نصنع مستقبلنا بعون الله وبعزيمتنا وعقولنا وأيادينا وقدراتنا.