تواجه الصناعة المحلية مُشكلات مُتعددة كان من أهمها تفضيل المنتجات الأجنبية عليها فى السوق المحلى من قبل الهيئات والمؤسسات العامة. كان كثير من الوزارات والهيئات تضع مواصفاتها لتُناسب المنتجات المستوردة، مُستبعدة الإنتاج المحلى من مُشترياتها، وهو ما كان سببا فى تراجع سمعة الصناعة المحلية فى الأسواق العالمية المختلفة. وأخيراً صدر قانون تفضيل المنتج المحلى بالقرار الجمهورى رقم 5 لسنة 2015 ونُشر بالجريدة الرسمية الأسبوع الماضى. بعد صدور قانون تفضيل المنتج المحلى سيختلف الأمر - بحسب كثير من الصناعيين - ليصبح شراء المُنتج المحلى إلزامياً من جانب هيئات ومؤسسات الحكومة المختلفة. لذا فقد اعتبر رجال الصناعة صدور القانون بمثابة تصحيح مسار للمشتريات الحكومية. وأكدوا أن ذلك القانون سيكون له مردود إيجابى على الصناعة الوطنية والإنتاج المحلى بعد زيادة مبيعات الشركات المصرية داخل السوق المحلى على حساب المنتجات المستوردة المنافسة. نص القانون فى مادته الأولى على أن المنتج الصناعي كل ما ينتج عن عملية التحويل المادي أو الكيميائي للمادة الخام، وكل منتج تجري عليه عمليات تغيير، بما في ذلك التجميع أو التصنيف، أو التعبئة أو الفرز، أو إعادة التدوير، أو غير ذلك من العمليات وفقًا للمعايير والضوابط التي يصدر بها قرار من الوزير المختص بشئون الصناعة. ومادام يتم إنتاجه فى مصر فهو يكتسب صفة المنتج المصرى. واشترط ان تتجاوز نسبة المكون المحلى فى ذلك المنتج ال40 %. ونصت المادة الثانية على سريان القانون على عقود الشراء وعقود المشروعات التي تبرمها وحدات الجهاز الإداري للدولة –من وزارات ومصالح وأجهزة لها موازنات خاصة– وعلى وحدات الإدارة المحلية وعلى الهيئات العامة خدمية كانت أو اقتصادية. فضلاً عن الشركات المملوكة بالكامل للدولة أو شركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام والشركات التى يكون للدولة حصة حاكمة فيها، وتم استثناء العقود التى تقتضى اعتبارات الأمن القومى، وعقود القطاع الخاص. ونص القانون صراحة على عدم جواز إبرام عقود لشراء منتجات صناعية إلا من الإنتاج المحلى إلا فى حال عدم توافر إنتاجها محلياً، أو كان سعر المنتج المصرى يزيد على مثيله المنافس بنسبة تتجاوز 15%. وحددت المادة الخامسة من القانون استيفاء نسبة المكون الصناعى المصرى من اتحاد الصناعات واعتماد ذلك من هيئة التنمية الصناعية، كما نصت المادة السادسة على عدم تضمين المواصفات الفنية وشروط الطرح فى العقود ما يعد تمييزاً ضد المنتجات المصرية، والمساواة فى أسلوب سداد ثمن المنتجات الصناعية مع غيرها من المنتجات غير المصرية. وألزمت المادة الثامنة جميع الجهات العامة بالإعلان عن تفاصيل تعاقداتها على بوابة المشتريات الحكومية، بما فيها شروط التعاقد وقواعد التقييم الفنى والمالى ونتائج قبول أو استبعاد أى من العروض. كما تم إنشاء لجنة بمجلس الوزراء لتفضيل المنتج الصناعى المصرى تهدف إلى ضمان إتاحة المزايا التنافسية والتفضيلية للمنتجات الصناعية المصرية المطابقة للمواصفات في العقود التي تسري عليها أحكام هذا القانون، وتُشكل هذه اللجنة برئاسة الوزير المختص بشئون الصناعة. ويرى رجال الصناعة أن القانون الجديد يُمثل خطوة ضرورية لتعظيم وتعميق الصناعة المحلية. ويقول المهندس محمد السويدى رئيس اتحاد الصناعات إن القانون الجديد يحقق مصالح الصناعة بداية من الصناعات متناهية الصغر وإدخالها فى المنظومة كشريك فى عملية التنمية والحفاظ على شركات قطاع الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة وتشجيع التعاون والتكامل بين القطاعات المختلفة التى لديها الإمكانيات والإدارة. ويشير «السويدى» إلى أن الفرصة كانت لا تتاح للصناعات المصرية الخاصة والعامة بأن تكون ممثلة فى المناقصات الحكومية بسبب عدم توحيد المواصفات المصرية وعدم إعطاء الفرصة الحقيقية للصناعة المصرية ووقوفها على أرض صلبة. ويرى أن تطبيق قانون أفضلية المنتج المحلى يعد دافعاً قوياً لإرجاع القيمة الفعلية لتعميق الصناعة بشكل إيجابى، وحدوث عملية تكامل وترابط بين الصناعات المختلفة، مضافة للمنتج المصرى، الأمر الذى سيؤدى إلى زيادة عدد العمالة وزيادة موارد الدولة من العملة الأجنبية، بالإضافة إلى جذب استثمارات عربية وأجنبية جديدة إلى مصر. ويرى «السويدى» أن التعميق الصناعى الحقيقى سيؤدى بدوره إلى خلق فرص عمل متنوعة ومتاحة على مستوى الجمهورية، وكل ذلك سيؤدى إلى بداية بناء المنظومة الاقتصادية المتوسطة، والتى هى أساس بناء أى منظومة اقتصادية واستقرارها، موضحاً أن تطبيق نسبة ال 40% يعمل على مساعدة الشركات المصرية على تطبيق ثقافة التكامل والتعاون مع الشركات الأخرى من مصانع قطاع خاص أو مصانع شركات قابضة لا تعمل، أو مصانع تابعة للقوات المسلحة والتى تتمتع بإمكانيات متطورة جداً، فالمصانع المصرية التى لا تقوم بتطبيق هذه النسبة يكون عليها أن تتعامل مع الشركات والمصانع الأخرى فى صورة صناعات مغذية وإحداث نوع من التكامل والتعاون بين الشركات المصرية وبعضها. ويرى المهندس حمدى عبدالعزيز، رئيس غرفة الصناعات الهندسية، أن القانون الذى تأخر كثيرا خطوة جيدة لاستعادة دور الصناعة الوطنية فى المشروعات الكبرى، وتحقيق انتعاش حقيقى لها فى ظل معاناة المصانع المصرية من مشكلات لا حصر لها، للدرجة التى دفعت بعض المصانع إلى التوقف الجزئى. ويؤكد المهندس طارق توفيق، وكيل اتحاد الصناعات المصرية أن استجابة الحكومة لمطالب الصناعيين فيما يخص مناقصات الدولة يعنى أن الحكومة مخلصة فى دعمها مساندتها للقطاع الصناعى، ولا تدخر جهداً فى توفير جميع الإمكانات لمساندته. ويقول إن مصر مُقبلة على مرحلة بناء وتطوير وتحديث حقيقى، ولا شك أن ذلك التطوير يبدأ من المناخ التشريعى.