تشي جولة نائب وزير الخارجية الروسي ومسؤول ملف الشرق الأوسط في القيادة الروسية ميخائيل بوغدانوف إلى المنطقة ولقاؤه الرئيس السوري بشار الأسد، بعد أن زار لبنان والتقى مسؤولين لبنانيين، كما زار تركيا، حيث التقى مسؤولين أتراكاً، إضافة إلى أعضاء في الائتلاف السوري المعارض وممثلين عن الفصائل المسلحة، أن هناك مبادرة روسية جادة للتوصل إلى حل سلمي للأزمة السورية، تحظى بدعم غربي وتركي، مثلما تحظى بدعم جهات سورية عدة في السلطة والمعارضة في آن . تزامن المبادرة الروسية، مع خطة المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا تجميد القتال في حلب، ومن ثم نقل التجربة إلى مدن أخرى، ومع زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أنقرة ومباحثاته الطويلة مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، وزيارة عدد من المعارضين على رأسهم الرئيس الأسبق للائتلاف المعارض أحمد معاذ الخطيب إلى موسكو، كلها تصب في سلة حل واحدة للأزمة السورية التي طال أمدها، ولا بد من حل سلمي لها، بعد تقريب وجهات النظر في كلا الطرفين المتناقضين، تمهيداً لمؤتمر حوار شامل بينهما في موسكو . يبدو أن النظام والمعارضة باتا مقتنعين تماماً، وخاصة بعد التهديد الكبير الذي تشكله التنظيمات الإرهابية وتمددها على الأرض السورية على حساب الطرفين، بضرورة إيجاد حل سلمي للأزمة، وخاصة بعد تصريح الأسد بأن سوريا تتعامل بإيجابية مع المساعي الروسية، وتصريح بوغدانوف بأن بلاده على اتصال مع الشريك الأمريكي، وكذلك إعلان زهران علوش زعيم "الجبهة الإسلامية" و"جيش الإسلام" في الغوطة الشرقية، أنه من الأفضل التوجه نحو حل سياسي مع الدولة السورية وقتال "داعش" . المبادرة الروسية هذه تحتاج إلى بعض الوقت، بعد أن تم جس نبض الطرفين السوريين، كي تتبلور ملامحها بشكل جيد وتنال مزيداً من الدعم الدولي وضرورة ممارسة الضغوط وإقناع النظام والمعارضة بتقديم بعض التنازلات، للوصول إلى هدنة أولاً، ومن ثم الجلوس إلى طاولة حوار شامل لا تستثني أحداً من السوريين، تمهيداً لتوحيد الجهود لمجابهة تنظيم "داعش" الذي بات يسيطر على جزء كبير من الجغرافيتين السورية والعراقية . يستشف من التحركات الروسية بأن حل الأزمة السورية في موسكو وليس في أي عاصمة أخرى، خاصة، أن الغرب منشغل إلى حد كبير بوضع حد لتجاوزات التنظيمات المتطرفة، فضلاً عن غياب أي تصريح غربي عن تحركات بوغدانوف، الأمر الذي يؤكد أن قواعد اللعبة قد تغيرت تماماً، خاصة مع تفاقم الخلافات التركية الأمريكية على المشاركة في الحرب على الإرهاب، وظهور تهديدات للمتطرفين في أكثر من مدينة غربية . إن أي حل سياسي للأزمة القائمة في سوريا، لن يكون ناجعاً، ما لم يقم على وحدة أراضيها وعدم التدخل الخارجي في شؤونها واقتناع طرفي الأزمة بضرورة الاحتكام إلى العقل، وتقديم التنازلات، وصولاً إلى نقطة التقاء كفيلة بإنقاذ ما يمكن إنقاذه من سوريا، ومن ثم الانطلاق لتحرير الأراضي التي تستولي عليها التنظيمات المتطرفة بعد التغلب على شياطين التفاصيل التي لا بد أن تظهر في مرحلة من المراحل المتقدمة . نقلا عن صحيفة الخليج