"قمة الدوحة.. مصرية".. كان عنوان مقالي السابق قبل أيام.. توقعنا أنها ستكون نقطة تحول مهمة في المسيرة الخليجية الإقليمية، خصوصًا ما سيصدر عنها من "مواقف واضحة" إزاء مصر ودعمها اقتصاديًا وسياسيًا، وعدم السماح لأي "أصوات" تغرد خارج السرب. جاء البيان الختامي للقمة الخليجية الخامسة والثلاثين، بالدوحة، متوافقًا مع رؤيتنا من خلال "تجديد موقف المجلس الأعلى الثابت من دعم مصر وبرنامج الرئيس السيسي المتمثل في خارطة الطريق، والمساندة الكاملة والوقوف التام مع مصر حكومة وشعباً، في كل ما يحقق استقرارها وازدهارها، وتأكيد دورها العربي والإقليمي لما فيه خير الأمتين العربية والإسلامية". إن أجواء التفاهم التي سادت بين "القادة" أكد بما لا يدع مجالًا للشك، أن دول الخليج اتفقت على القرارات والتوصيات، قبل انعقاد القمة، بعدما نجحت قمة "الرياض" الاستثنائية، منتصف نوفمبر الماضي، في تحقيق المصالحة الخليجية، ولذلك تم اختصار اجتماع "الدوحة" إلى يوم واحد بدلًا من يومين، كما كان مقررًا. لقد شهدت المنظومة الخليجية خلال الفترة الماضية، بدءًا من ثورات "الربيع العربي"، انقسامًا واضحًا، في ظل عدم اعتماد بوصلة واحدة، لمواجهة التحديات، خصوصًا بعد ظهور الاستقطاب والتدخل المباشر للدول الكبرى في الأحداث الجارية بالمنطقة، والتي أدت إلى مزيد من التأزم السياسي داخل البيت الخليجي. إن التوصيات التي خرجت بها القمة، جاءت في معظمها روتينية ومكررة، ولم تحمل أي جديد، باستثناء الموقف الموحد من مصر، ولم تخرج بأية قرارات حاسمة في ما يتعلق بالملفات الإقليمية الشائكة، المتعلقة بالملف النووي الإيراني و"احتلال جزر الإمارات"، أو الأزمة اليمنية، أو الأحداث في ليبيا. جُمَل الإدانة لانتهاكات "إسرائيل" ضد الفلسطينيين والمقدسات، لم تتغير تقريبًا، نفس الجُمَل الإنشائية في كافة توصيات القمم السابقة منذ القمة الأولى بالرياض عام 1981، كما أن الموقف الخليجي من الأزمة في سورية لم يطرأ عليه أي جديد، وهو تأييد الحل السياسي وفقًا لمقررات مؤتمر "جنيف 1" التي تكفل تطلعات الشعب السوري! البيان الختامي أدان الإرهاب والتطرف، كما اعتمد قرارات عدة، تأجلت كثيرًا من قمم سابقة، مثل إنشاء قوات بحرية موحدة، وبدء العمل بجهاز الشرطة الخليجي "الإنتربول" ومقره أبوظبي، إضافة إلى إنجاز مشروع سكة حديد الخليج بحلول عام 2018. ما نتوقعه خلال الأيام والأسابيع القليلة القادمة بعد التوافق الخليجي حول مصر هو أن تتولى السعودية مبادرة لتحقيق مصالحة مصرية قطرية، قبل نهاية الشهر الجاري، وعقد اجتماع ثلاثي في الرياض، يضم وزيري خارجية مصر وقطر برعاية "الفيصل". وعلى رغم "التشدد" المصري، وأجواء التسخين والشحن الإعلامي، إلا أن جهود المصالحة "الهادئة" بين قطر ومصر تسير بشكل إيجابي، ونعتقد أنها سوف تتحقق قريبًا، وستشهد الأيام المقبلة "بوادر" متبادلة، إثباتًا لحسن النوايا.