تأتي قمة مجلس التعاون الخليجي اليوم تزامنا مع ظروف استثنائية تحيط بالعالم عامًا وبالمنطقة العربية على وجه الخصوص، حيث تتزايد التهديدات الأمنية التي تواجه منطقة الخليج إثر التطورات في العراق واليمن وسوريا، كما تأتي القمة بعد إتمام المصالحة الخليجية وعودة سفراء كل من السعودية والإماراتوالبحرين إلى قطر، بموجب اتفاق الرياض التكميلي 16 نوفمبر الماضي، ومحاولات رأب الصدع بين قطر وبعض الدول العربية الأخرى. تنطلق اليوم الثلاثاء بالدوحة أعمال القمة الخليجية ال35، بمشاركة 3 من قادة دول الخليج الست، وسط تأكيد غياب سلطان عمان "قابوس بن سعيد" عن ترؤس وفد بلاده، وغياب ملك السعودية "عبد الله بن عبد العزيز" ورئيس الإمارات "خليفة بن زايد آل نهيان" لظروفهم الصحية عن ترؤس وفد بلديهما، ويتقدم أمير قطر "تميم بن حمد آل ثاني" مستقبلي قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لدى وصولهم البلاد، ويرأس الوفد السعودي في القمة الأمير "سلمان بن عبد العزيز" ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، والوفد الكويتي "صباح الأحمد الجابر الصباح" أمير الكويت، والوفد الإماراتي "محمد بن راشد آل مكتوم"، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس الوزراء حاكم دبي، والوفد البحريني "حمد بن عيسى آل خليفة" ملك البحرين، والوفد العماني "فهد بن محمود آل سعيد"، نائب رئيس الوزراء لشئون مجلس الوزراء. لقاء اليوم يأتي بعد فترة عصيبة كادت تعصف باستقرار العواصم الخليجية الست التي تجمعها روابط عدة، حيث يزدحم جدول أعمال القمة بالكثير من الموضوعات والقضايا والأزمات محل النقاش التي يأمل القادة التوصل بشأنها إلى قرارات بناءة تمثل إضافة في مسيرة العمل المشترك لمجلس التعاون، حيث سيسبق القمة الافتتاحية، عقد اجتماع لوزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي، تحضيراً لأعمال القمة التي سيصدر عنها بيان ختامي، ووفق تقاليد بقية القمم الخليجية، تجتمع لجنة من كبار المسئولين الخليجيين تتولى صياغة البيان الختامي الذي يعتمده القادة قبل إعلانه، وذلك عبر جلستين بروتوكوليتين معلنتين للافتتاح والختام، وواحدة أو اثنتين مغلقتين. يأتي على رأس جدول أعمال القمة، البحث حول إبعاد التهديد الأمني عن دول الخليج من خلال إقامة حلف عسكري خليجي قادر على التصدي عسكريًا لأي تهديدات عسكرية خارجية على غرار حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وفي هذا الصدد سترفع للقمة القرارات التي كان وزراء دفاع دول الخليج قد أعدوها لمشروع إنشاء القيادة العسكرية المشتركة التي من المقرر أن تقود الحلف العسكري الخليجي الموحد، والتي سيكون مركزها ومقر غرفة عملياتها المركزية في الرياض، وكانت دول الخليج انتهت بالفعل من إنشاء قوة بحرية موحدة، وبدأت هذا العام بتوحيد قواتها الجوية بعد أن انتهى مشروع توحيد شبكات الرقابة والإنذار الجوي والصاروخي المبكر الذي مركز عملياته في الرياض. وسيتم الاحتفاظ بقوات درع الجزيرة الحالية والتي ستكون قوة ضاربة للتدخل السريع، والتي تتواجد في مدينة "حفر الباطن" شمال شرقي السعودية، بالقرب من مثلث الحدود السعودية – الكويتية – العراقية، ولا يستبعد ضم دول عربية أخرى للحلف الخليجي مثل مصر والأردن والمغرب، دون أن تكون هذه الدول أعضاء في مجلس التعاون الخليجي، ولكن ستكون لها وضعية الشريك الاستراتيجي. كما تم الاتفاق على إنشاء "الشرطة الخليجية الموحدة"، التي تسهم في تعزيز التعاون الأمني المشترك بين دول المجلس، وزيادة مجالات التعاون والتنسيق المشترك بين الأجهزة الأمنية بدول المجلس، والتي تعادل "إنتربول" خاصًا بهذه الدول، بعد أن أعد فريق عمل متخصص من وزارات الداخلية بدول المجلس دراسة عن الجوانب التنظيمية والمالية والإدارية للمشروع، وسيتخذ المشروع من الإمارات مقراً له. يبرز في الجانب السياسي العلاقة مع مصر التي كان الموقف منها من أبرز نقاط الخلاف بين الدول الخليجية وقطر، تنفيذاً لنداء العاهل السعودي عبر قمة الرياض، لكل من صناع القرار والإعلاميين في قطر ومصر بالتوقف عن التحريض والحملات المضادة بين جميع الأقطاب، ويرى متابعون أن موقفاً واضحاً إزاء مصر سيصدر عن القمة في بيانها الختامي. وفيما يتعلق بالتحديات الإقليمية، يرى سياسيون أن إيران حاضرة في مداولات القمة، خاصة بعد تمديد المفاوضات النووية بينها ودول مجموعة خمسة زائد واحد، إلى جانب سوريا التي تشير توقعات إلى أن القمة ستركز على دعم المعارضة المسلحة والعملية السياسية الانتقالية المتمثلة في جنيف 1 و2، بالإضافة إلى اليمن وليبيا والأردن، وأيضاً القضية الفلسطينية لاسيما أن مجلس الأمن سيتناول القضية من منطلق جديد بمساعٍ أردنية وفرنسية.