للأزهر احترامه وتقديره وتوقير رجاله على ما بذلوه من دور فى نشر الإسلام والتعمق فى دراساته، لكن ذلك لا يعنى أنهم معصومون أو أن الأزهر صرحٌ مُقدس لا يأتيه الباطل ولا يزوره الظلام ولا تعبث به الفئران. إنه مؤسسة بشرية مهما كان مبتغاها وتاريخها، ورجالها خطآون وليس كلهم توابون لذا فقد نثر الصرح العظيم فى العقدين الماضيين كثيراً من الشرور والجهل والإرهاب وغرس العديد من شجيرات الشوك فى طريق الدعوة. أقول هذا الكلام بعد ساعات من بيان الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر الجليل باعلان مُبادرة لمواجهة الغلو والتطرف بأشكاله وأنواعه. وقال الرجل إن شباب الامة يتعرضون لعملية «غسل أدمغة» من خلال الترويج لأفهام مغلوطة لنصوص مُجتزأة من القرآن والسنة. لاشك أن الرجل صادق فى مُبادرته، مُخلص فى توجهه لإزالة الغبش عن صورة الاسلام الواضحة، لكن أليس الأولى به أن يبدأ ببيته، ويغسل أدمغة طُلاب العلم بالأزهر من التخلف والتطرف والبداوة ؟ ألا يلتفت الرجل لمناهج الأزهر المتحفية التى تدفع المُتعلمين دفعا إلى الاتكالية والخواء والذكورية والعنف؟ إن الباحث والمفكر احمد عبده ماهر جمع عددا من القنابل الموقوتة التى يدرسها طلبة الأزهر باعتبارها الاسلام، ومَن يطالعها يعرف كيف نشر الأزهر كثيرا من الجهل والإرهاب فى ربوع مصر. يدرس طلبة الأزهر فى مناهجهم كتابا باسم «الإقناع فى حل ألفاظ أبى شجاع» يبيح أكل الانسان الميت إذا لم يكن هناك غيره، لكنه يُحرم أكل غير المسلم للمسلم اذا كان مُضطرا، ويقول إنه يجوز قتل المرتد أو الكافر وأكله سدا للجوع. وفى نفس الكتاب نقرأ فتوى الكراهية التى تقول: «وتعطى الجزية من الكتابى على وصف الذل والصِغَار ويقولون له «أعط الجزية يا عدو الله»، وليس هذا فقط، بل يكون المسلم الجابى جالسًا والذمى واقفًا ويأخذ بتلابيبه ويهزه هزًا ويقول: أعط الجزية يا عدو الله». وفى موضع آخر نقرأ «تميز نساء المسيحيين بلبس طوق الحديد حول رقابهن ويلبسون إزارًا مخالفًا لإزار المسلمات، وتميز دورهم بعلامات حتى لا يمر السائل عليهم فيدعو لهم بالمغفرة». وفى كتاب «الروض المربع فى زاد المستقنع» يفتينا الفقهاء بأن دم المرأة وحياتها أرخص من دم الرجل وحياته لذا فإن دية المرأة نصف دية الرجل، بل نجد أن النفقة تسقط عن الزوج لزوجته إن تعرضت للاغتصاب أو مرضت. وفى كتاب باسم «الشرح الصغير» يدرسه طلاب الثانوية الأزهرية نجد النص التالى: وله - أى للمسلم - قتل الزانى المحصن، والمحارب، وتارك الصلاة، ومن له عليه قصاص، وإن لم يأذن الإمام فى القتل، لأن قتلهم مستحق، ثم بعد ذلك يأكل منه ما يشاء». ويتعلم الصبية بالصف الثالث الثانوى درس البُغض باعتباره صحيح الدين إذ يقول كتاب الفقه: «قتال الكفار واجب على كل رجل عاقل صحيح حر قادر، ويجوز قتال الكفار بغير إنذار وبغير دعوتهم لدين الإسلام، لأن شيوع الإسلام قام مقام الدعوة إليه، فإن أبوا استعانوا بالله تعالى عليهم وحاربوهم، ونصبوا عليهم المجانيق، وأفسدوا زروعهم وأشجارهم حرّقوهم ورموهم وإن تترسوا بالمسلمين». ليس هذا هو الأزهر الذى أنجب على عبد الرازق وعبد الحليم محمود ومحمد الغزالى ومحمد أبو زهرة وقبلهم جميعا الامام الجليل محمد عبده. كيف تردى إلى هذه الهوة؟ وكيف ينشر جهلا وغثاء باسم الاسلام؟ وكيف سيواجه الأزهر العنف والتطرف ورجاله يتعلمونهما ويعلمونهما ويعبدون نصوصا بدوية انتهت صلاحيتها إلى الأبد. إن الرجل الطيب الدكتور أحمد الطيب مُطالب بإحالة كتب الفقه جميعا إلى الاستيداع وتنقية الاحاديث مما يصدم العقل ويزرع الفتن. أبدأ ببيتك يا شيخ طيب