الإعاقة السمعية تحد كبير قد تواجهه الأسرة في بداية حياة طفلها أو مع السنوات الأولي لنموه.. وقد يصاب به الإنسان في أي مرحلة سنية، فالصمم ليس له عمر محدد.. وقد تجد إنسانا أصم لكنه يتكلم وهذه هي الحالة من الصمم التي يصاب بها الشخص في مرحلة ما بعد تكوين مخزون لغوي مكن من النطق، وفضلا عن كونها إعاقة تمنع صاحبها من التواصل مع الآخر خاصة مع ضعف الوعي المجتمعي بلغة الإشارة فإن فقدان السمع أو ضعفه يعد تحديا تجد الأسرة نفسها أمامه بسبب ارتفاع تكاليف الجلسات التأهيلية مع عجز الكثيرين عن تحمل نفقات العلاج خاصة زراعة القوقعة التي قد تصل الي 140 ألف جنيه. مع تحمل التأمين الصحي جزءا من تكاليف العلاج إلا أن عمليات زراعة القوقعة تفوق كاهل الأسر التي ترغب في علاج أبنائها لذا يصبح السؤال الأهم في هذه القضية: هل يمكن تجنب هذه الإعاقة.. وكيف يمكن اكتشافها؟ بداية يشرح لنا الدكتور أحمد عبدالكريم استشاري الأنف والأذن والحنجرة كيفية حدوث الإعاقة، فمن المعروف أن أي صوت يمر عبر القناة الخارجية للأذن فيتحول الي اهتزازات فيما يسمي بطبلة الأذن لتتولاها بعد ذلك ثلاث عظام في الأذن الوسطي لتنقلها الي القوقعة والتي تعد بمثابة حجرة السمع في الأذن الداخلية وبحركة العظام الثلاث ترسل موجات تحفز ما يزيد علي 16 ألف خلية سمعية في منتهي الدقة وينتج عن حركتها تيار كهربائي بالعصب السمعي ينقل من خلالها توصيلات داخلية الي المخ الذي يستقبلها كأصوات فإذا أصيب الشخص بانسداد بالأذن الخارجية أو الوسطي فيترتب علي ذلك ضعف أو تلف «السمع التوصيلي» ويمكن هنا العلاج الدوائي أو الجراحي، وقد تسبب مشكلة ما بالأذن الداخلية تلفا بالسمع الحسي العصبي أو صمما بالعصب السمعي وعندما تتلف لا تقوم بوظيفتها وقد تكون أنسجة العصب السمعي سليمة وترسل الذبذبات الكهربية الي المخ إلي أنه لا تحدث استجابة ويرجع ذلك لتلف في الخلية السمعية نفسها. ويضيف الدكتور عبدالكريم: ولا يمكن تصحيح تلف السمع الحسي الحاد دوائيا وتصبح هنا زراعة القوقعة هي الحل الوحيد بتحويل الكلام والأصوات الي إشارات كهربائية وترسلها الي العصب السمعي عن طريق جهاز الكتروني يزرع خلف الأذن تحت الجلد وكذلك جهاز استقبال خارجي موصول بحزام يضعه الشخصي في جيبه كذلك يوجد ميكروفون خارجي يوضع خلف الأذن لاستقبال الأصوات التي تدخل اليه، أما جهاز استقبال الكلمات فيقوم بترجمة الصوت الي إشارات كهربائية لتمر من خلال كابل الي الأقطاب المزروعة بالقوقعة وتحث أنسجة العصب السمعي لترسل المعلومات الي المخ فتتحول الي كلمات لها دلالة ومعني. حالات وحالات هل كل حالات الصمم تنفع معها الوقعة؟ تجيب عن هذا السؤال الدكتورة هالة لطفي أستاذ الأنف والأذن مشيرة الي أن الفحص وتقييم الحالة ضرورة قبل إجراء الجراحة وهنا يتم استشارة خبراء السمع والكلام وغالبا فإن هذه الجراحة تكون حلا أخيرا في حالة فشل كل الحلول العلاجية كما انها تكون فعالة أكثر للأطفال بعد سن الثالثة أو لهؤلاء الذين فقدوا السمع في سن 10 أو11 سنة ليكون لديهم مخزون من الكلمات وقبل كل شيء يتم تحديد درجة السمع بواسطة عوامل مساعدة وبدونها وأهم شيء أن يعلم المريض أن قدرة القوقعة علي مساعدة الشخص الأصم مختلفة من حالة لأخري فهي في الغالب تساعد علي خلق أفضل فرصة للتواصل عن طريق قراءة حركة الشفاة، ونسبة كبيرة من المرضي يمكنهم تمييز الكلام دون استخدام الإشارات المرئية كل ذلك يعود الي قدرة المريض نفسه علي تعلم كيف يسمع وحجم الأنسجة السمعية السليمة والمدة التي قضاها فاقدا للسمع. الوقاية سألت الدكتورة هالة: هل يمكن تجنب الإصابة بالصمم وإلي أي حد يعتبر فقد السمع إعاقة موروثة؟! - الوراثة تلعب دورا كبيرا في ضعف وفقدان السمع ويتم تركيز الصفات الوراثية المسببة لهذه الإعاقة لذا يجب تجنب زواج الأقارب خاصة إذا كان هناك تاريخ للمرض في العائلة سواء من ناحية الشاب أو الفتاة. ثانيا: إهمال علاج أي التهاب يصيب الأذن خاصة في الأطفال الصغار حيث بعد الارتشاح خلف طبلة الأذن هناك مرض منتشر بين الأطفال ولو أن معظم الحالات ستشفي نهائياً بتناول العلاج الذي يقرره الطبيب، إلا أن الإهمال بسبب الحالات المزمنة التي تكون أقرب طريق إلي تأخر نمو اللغة والإعاقة السمعية، وتنبه الدكتورة هالة إلي أن كثيرا من الأمهات لا يعلمن الأوضاع السليمة للطفل في أثناء الرضاعة ويتسبب خفض رأس الطفل إلي تسرب اللبن وانسداد قناة «إستاكيوس» التي تدخل الهواء للأذن الوسطي وتفريغ الإفرازات المخاطية منها، فضلاً عن أن التلوث يؤدي أيضاً إلي التهاب الأذن الوسطي الصديدي وبتكرار التعرض للأتربة والدخان يزيد من الارتشاح خلف طبلة الأذن، وهنا يجب أن نؤكد ضرورة استمرار تناول الدواء وعدم التوقف بمجرد اختفاء أعراض الالتهابات من ارتفاع درجات الحرارة لأن التحسن الظاهري مؤقت ويستتبع وقف الجرعات انتكاسة للطفل, وبتكرار الالتهابات يتحول المرض إلي حالة مزمنة تحتاج لتدخل جراحي وتسبب نسبة عجز، خاصة في سنوات الطفولة الأولي. هناك 500 طفل ينضمون سنوياً لقائمة فاقدي السمع بسبب الإهمال والتلوث والأصوات المرتفعة والضجيج ويتأثر العاملون في المصانع أيضاً بالضجيج، لذا لابد من سد الأذن بالقطن أو وضع واقيات شخصية للأذن لحمايتها من أصوات الماكينات إذا كانت فوق المسموح بها, لأن تكرار التعرض للأصوات فوق المستوي الآمن قد يصيب الإنسان بفقد السمع.