أعيد فتح المسجد الأقصى في القدسالشرقية اليوم الجمعة بعد إغلاقه في قرار نادر اتخذته إسرائيل مع تصاعد التوتر، حيث تحولت مدينة القدس والبلدة القديمة الى ثكنة عسكرية، وانتشرت الشرطة في كافة أنحاء المدينة، عبر نصب سلسلة من الحواجز قبل الوصول إلى بوابة المسجد الأقصى. وذكرت صحفية من وكالة فرانس برس إن شوارع البلدة القديمة في القدس بدت هادئة وبدت السوق شبه خالية في اليوم الذي يتوجه فيه المسلمون إلى باحة الأقصى لصلاة الجمعة. ولم يسمح للرجال الذين تقل أعمارهم عن خمسين عاما بالمشاركة في الصلاة، أو دخول الحرم القدسي للحد من احتمال حدوث صدامات. كما لم تسمح الشرطة بدخول المدينة القديمة إلا للنساء والرجال فوق سن الخمسين ومن يسكن داخل المدينة والتجار الذين لهم محلات تجارية في القدس على أن يبرزوا وثائق تثبت ذلك. وقال أيمن الجعبري (48 عاما) وهو صاحب محل تحف لوكالة فرانس برس وهو يقف على حاجز في باب العامود "أعطتني الشرطة تصريحا يسمح لي بدخول المدينة عندما يقومون بتقييد أعمار المصلين". وقررت إسرائيل الخميس إعادة فتح المسجد الأقصى بعد أن أغلقته للمرة الأولى منذ احتلال القدسالشرقية في 1967 بعد تصاعد التوتر في المدينة. ووصف مدير الأوقاف الإسلامية بالقدس الشيخ عزام الخطيب يوم الخميس بأنه "يوم أسود على مدينة القدس ومصيبة". وقال لوكالة فرانس برس "صلى اليوم في المسجد نحو 5000 مصل". وزار الشيخ الخطيب في وقت لاحق رام الله ووصف إمام الرئيس الفلسطيني محمود عباس منع المصلين الخميس من دخول المسجد الأقصى بأنه "إعلان حرب على الفلسطينيين وأيضا على مجمل المسلمين في العالم". وفتحت الشرطة المسجد عند صلاة الفجر، لكن زهير دعنا (58 عاما(الذي يسكن على بعد نحو 50 مترا عن المسجد قال: "لم يسمحوا لي بدخول الحرم. قالوا : ممنوع أقل من ستين عاما، يتعاملون معنا حسب مزاج الشرطي". وقدرت الشرطة عدد الذين صلوا في الأقصى بنحو 4000. وقالت الناطقة باسم الشرطة الإسرائيلية لوبا السمري إن عدد الذين تعذر دخولهم للصلاة في الأقصى نتيجة للقيود التي فرضت على أعمار الرجال وأقاموا الصلاة بحي وادي الجوز بلغ نحو 7000 مصل، كما صلى حول الأسوار وفي حي رأس العامود وهنا وهناك نحو 3000 مصل. وعلى بعد كيلومترات قليلة من المسجد الأقصى حصلت صدامات بعيد صلاة الجمعة في قلنديا بين نحو 300 فلسطيني وعناصر الشرطة الإسرائيلية المتمركزين على الحاجز على الطريق بين القدسورام الله، حسب ما أفادت قوات الأمن الفلسطينية. وأفاد مصدر طبي فلسطيني أن نحو عشرين فلسطينيا أصيبوا في هذه المواجهات أحدهم بالرصاص الحي. كما أعلنت الشرطة الإسرائيلية أن فلسطينيين رشقوا بالحجارة حرس الحدود في حي وادي الجوز في القدس. ويطلق اليهود على باحة الأقصى اسم جبل الهيكل. ويعتبر اليهود حائط المبكى (البراق عند المسلمين) الذي يقع أسفل باحة الأقصى آخر بقايا المعبد اليهودي (الهيكل) الذي دمره الرومان في العام 70 وهو أقدس الأماكن لديهم. ويستغل يهود متطرفون سماح الشرطة الإسرائيلية بدخول السياح الأجانب لزيارة الأقصى عبر باب المغاربة الذي تسيطر عليه، للدخول إلى المسجد الأقصى لممارسة شعائر دينية والمجاهرة بأنهم ينوون بناء الهيكل مكانه. وتسمح السلطات الإسرائيلية لليهود بزيارة باحة الاقصى في أوقات محددة وتحت رقابة صارمة، لكن لا يحق لهم الصلاة فيها. وتعترف إسرائيل التي وقعت معاهدة سلام مع الأردن في 1994 باشراف المملكة الأردنية على المقدسات الإسلامية في مدينة القدس. ومنذ مساء الأربعاء شهدت القدسالشرقية محاولة لاغتيال قيادي يميني إسرائيلي متطرف ثم قتل الفلسطيني الذي اشتبه في ضلوعه في هذه المحاولة بأيدي شرطيين إسرائيليين كما شهدت عدة صدامات بين شبان فلسطينيين وشرطيين إسرائيليين. وساد هدوء نسبي ليل الخميس الجمعة. وقالت الشرطة الاسرائيلية إن حوادث متفرقة وخصوصا رشق قوات الأمن أو آليات إسرائيلية بالحجارة، وقعت ليلا. وأضافت أنه تم توقيف ثلاثة فلسطينيين. وتزايد التوتر مساء الأربعاء مع محاولة قتل يهودا غليك أحد قادة اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يسعى منذ سنوات للحصول على تصريح للصلاة في باحة الأقصى الذي طردته منها الشرطة الإسرائيلية عدة مرات. وغليك (48 عاما) استهدف بإطلاق النار من راكب دراجة نارية في القدسالغربية. وقد أصيب في البطن والصدر والعنق واليد بحسب والده وهو في المستشفى بحالة خطرة لكن مستقرة. وقال الناطق باسم الشرطة ميكي روزنفيلد لوكالة فرانس برس إن "الفلسطيني الذي كان المشتبه به الوحيد في هجوم مساء الأربعاء تم القضاء عليه في منزله في حي أبو طور في القدس من قبل وحدة للقوات الخاصة للشرطة في تبادل لإطلاق النار فجر الخميس". وذكرت مصادر فلسطينية ان الفلسطيني الذي قتلته الشرطة يدعى معتز حجازي (32 عاما) إلا أن العديد من سكان القدسالشرقية قالوا ان الشرطة الاسرائيلية نفذت "عملية اغتيال". وشيع حجازي مساء الخميس في القدسالشرقية. وتشهد القدسالشرقية منذ اشهر أعمال عنف تصاعدت في الأسابيع الماضية، مما يثير مخاوف من اندلاع انتفاضة ثالثة. وقال قائد الشرطة الاسرائيلية يوهانان دانينو لإذاعة الجيش الإسرائيلي "نسمع في كل مكان كلمة انتفاضة تتردد لكننا لسنا في هذه المرحلة فعليا". وأضاف: "تذكروا تسلسل الوقائع في الانتفاضة الأخيرة. لسنا في هذه المرحلة ومهمتنا هي منع الوصول اليها". في قطاع غزة، شارك آلاف الفلسطينيين الجمعة في مسيرتين منفصلتين دعت إليهما حركتا حماس والجهاد الإسلامي في مدينة غزة تضامنا مع القدس. وحمل المشاركون صور المقدسي معتز حجازي وأحرقوا في إحداهما علم اسرائيل. وفي واشنطن، دعا وزير الخارجية الأميركي جون كيري كل الأطراف إلى "ضبط النفس" في القدسالشرقية، مؤكدا أنه على اتصال مع الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني إضافة الى الأردن لإعادة الهدوء. وقال كيري: "أنا قلق للغاية من تصعيد التوتر في القدس ولا سيما حول باحة المسجد الاقصى/جبل الهيكل". وأضاف ":من المهم للغاية أن تتحلى كل الأطراف بضبط النفس وأن تمتنع عن أي عمل او تصريح استفزازي، وان تحافظ ، قولا وفعلا، على الوضع القائم التاريخي في باحة المسجد الاقصى/جبل الهيكل". وأدان كيري أيضا محاولة الاغتيال التي تعرض لها يهودا غليك الذي يحمل أيضا الجنسية الأميركية.