الأحزاب السياسية فى أزمة حقيقية الخروج منها حاليًا صعب إلا فى حالة واحدة وهى أن تندمج فى حزبين أو ثلاثة كبيرة، وإذا كان الدستور قد جعل للمواطنين الحق فى تكوين الأحزاب بالإخطار، فإن البعض أساء استخدام الدستور، واكتظت الحياة الحزبية بأحزاب ورقية، مجرد يافطة وكرسيين وكنبة أقرب إلى مكتب الحانوتى، وبعض الأحزاب ليس لها مقرات، وهناك أحزاب تحت الانشاء، تم حذف كلمة تحت الانشاء مع مرور الوقت، وأطلق وكيل المؤسسين علي نفسه رئيس حزب، والذى لايريد أن يصدق فعليه أن يسأل عن أى حزب من أحزاب الهوجة الجديدة فلن يعرفها أحد، وإذا استطاع أى أحد أن يذكر رئيس الحزب أو عضوين فيها يستحق مكافأة أو لقب ناشط سياسى عن استحقاق. بعض رؤساء الأحزاب الجديدة أشهر من أحزابهم، إذا سألت متخصصًا فى السياسة عن حزب يقول لك لا أعرفه، ويتذكره إذا ذكرته باسم رئيسه. الأحزاب السياسية فى حاجة إلي قاطرة لإنقاذها من بئر التهميش التى انزلقت فيها بفعل فاعل طوال حكم مبارك، وحزب الوفد بتاريخه وزعامته هو المؤهل الوحيد حاليًا للقيام بدور القاطرة لانتشال الأحزاب السياسية المعتدلة ليخوض بها انتخابات مجلس النواب، وتشكيل أغلبية برلمانية تقود المجلس فى المرحلة القادمة، وتتحول إلى ظهير سياسى للدولة. مجلس النواب فى حاجة إلى أغلبية قوية من حزب أو ائتلاف حزبى لدعم الحكومة، والرئيس السيسى فى حاجة إلي حزب أغلبية يدعم سياسته، الاعتماد علي الشعبية الجماهيرية فقط لا يكفى، لابد أن تكون هناك أغلبية فى البرلمان تساند سياسات التعمير والبناء، الدستور يقوم على نظام حزبى، وجميع الحكام فى العالم يحكمون من خلال حزب الأغلبية، وإذا كانت لدينا تجربة فاشلة مع حزب الأغلبية التي كان يطبقها الحزب الوطنى المنحل فإننا نستطيع أن ننقى هذه التجربة من عوامل الفشل، لأن الحزب الوطنى لم يكن حزبًا سياسيًا بالمعنى المتعارف عليه، كان عبارة عن مجموعة من أصحاب المصالح التقت مصالحهم، وظنوا أن مصر عزبة لهم ورغم ما وصل إليه الحزب الوطنى من سيطرة حتى أصبح الحزب الوحيد وحول باقى الأحزاب إلى أحزاب ورقية هامشية إلا أنه لم يستطع الحصول علي الأغلبية البرلمانية فى أى انتخابات وكان يحصل عليها بالتزوير وضم المستقلين إليه، فكرة اندماج الأحزاب وخوض الانتخابات علي مبادئ واحدة ورؤى وليست توافق أشخاص فقط هى المنقذ الوحيد لمجلس النواب القادم، بهذا الاندماج يتم قطع الطريق أمام فلول الحزب الوطنى من رجال الأعمال الذين استعدوا لشراء المقاعد بأموالهم للدفاع عن مصالحهم، وأمام التيارات الدينية التي تحاول إعادة النظام الفاشل الإرهابى أو تعطيل سفينة الوطن من خلال استخدام آليات الرقابة البرلمانية، ومن سيطرة المستقلين الذين يبحثون عن مصالحهم فقط تحت قبة البرلمان. نظام الانتخابات بالقائمة المغلقة لن ينجح فيه الأحزاب إلا من خلال ائتلاف قوى واتفاق فى الرؤى حول القضايا السياسية والاجتماعية والتنموية، البحث عن ائتلاف يستمر بعد الانتخابات ويشكل الحكومة ويختار رئيس مجلس النواب ووكيليه هو انقاذ لمجلس النواب وخلاف ذلك فإن التفتيت هو مصير الأحزاب وفوز المستقلين، أو الأقلية المنظمة، فى مواجهة أغلبية مقننة. إن توافق الرؤى أهم من توافق الأشخاص. مجلس المستقلين سيكون خطرًا علي الدولة وسيعمل علي تعطيل المراكب السايرة، إن المهام المطلوبة من البرلمان القادم وفى مقدمتها تحويل الدستور إلى قوانين، وتنفيذ مبادئ ثورتى 25 يناير و30 يونية، يحتاج إلي حكومة حزبية أو ائتلافية قوية خلفها أغلبية برلمانية قوية تدعم توجهاتها وتنفذ مشروعاتها، بخلاف ذلك قد يسقط البرلمان فى قبضة عصابات تسعى إلى البرلمان للدفاع عن مصالحها أو البحث عن مكاسب جديدة.