في دولة ميدان التحرير يتجمع المصريون ويمارسون الإبداع لعبتهم من آلاف السنين، وأنا لسه فاكر لما كان ميدان التحرير اسمه ميدان الاسماعيلية وكان مكان جامعة الدول العربية وفندق الهيلتون ووكر لقوات الاحتلال محاط بسور من الأسلاك الشائكة، يعني لما كانوا بيعملوا أي استعراض لله أو طابور كنا بنشوفهم ونتفرج عليهم في منتهي الهدوء من الطرفين - واحنا وهما - لكن لما كان بيجي وقت المظاهرات كانوا بيستخبوا جوه المباني خوفا من وابل الطوب والزلط اللي بينزل في قلب الحوش الكبير واحنا من بره عمالين نهتف «الجلاء بالدماء» أو «مصر والسودان لنا، وانجلترا إن امكنا» أو «لا استعمار بعد اليوم ولا سفير بين القوم». وكانا الأزهرية يشتركون معانا في المظاهرات واغلب الظن إن المسألة بالنسبة لهم مجرد تزويغ ورغبة في الانطلاق وده مرض بيصيب الشباب علي وجه الخصوص، وانا لما سمعت الكلام من الشيخ عبد الجواد اللي هو طالب في الأزهر الشريف زعلت منه وهاجمته واتهمته بالسخرية من الحركة الوطنية في مصر المحروسة لحد ذات يوم واحنا داخلين علي ميدان الاسماعيلية سمعت واحد بيهتف وكلنا بنهتف وياه «اليوم حرام منه العلم!» وعلي يميني الشيخ عبد الجواد باصص لي وبيضحك ويقول - صدقت بقي يا عم الحج وانفجرنا ضاحكين معا.. مش باقول لكم إن الشعب المصري ده هو «شيخ المبدعين» البت نوارة بنتي كانت كل يوم تقابل ولد من الثوار عشان يقول لها - أنا النهارة ح استشهد يا نوارة! كل يوم وذات يوم سألته - إنت ليه حريص علي الاستشهاد قال لها: - هو حد يطول قالت له: - طب ليه قالها: - لأ الشهادة فقط هي طريق المغفرة قالت له: - مغفرة بالنسبة لك.. بس انت مبدر كدة قال لها: - لا يا نوارة انتي ما تعرفنيش أنا شربت بانجو كتير وربنا بقي يسامحني هما دول الملائكة اللي فجروا ثورة 25 يناير العظيمة وهما دول اللي حيحموها وهما دول الورد اللي فتح في جناين مصر.