تطورت الأحداث في اليمن مساء أمس، بشكل سريع بعد سيطرة الحوثيين على مجلس الوزراء والبنك المركزى ومقر التليفزيون اليمنى ومقار عسكرية ووزارات مهمة، وتزامنا مع تقدم الحوثيين الميداني في العاصمة اليمنية، قدم رئيس الوزراء محمد سالم باسندوة، استقالته للرئيس عبد ربه منصور هادي، فيما دعا وزير الداخلية أجهزة الأمن إلى التعاون مع الحوثيين، وعدم مواجهتهم عسكريا. ووردت أنباء فى الدولة اليمنية عن تكوين تنظيم "داعش اليمن" لمحاربة انتصارات جماعة أنصار الله الموالية للحوثي الشيعى، لحماية الدولة الإسلامية -على حد تعبيرهم-. وفى هذا الصدد رصدت بوابة الوفد آراء عدد من خبراء الدراسات الاستراتيجية والشئون اليمنية، وقال الدكتور حسن أبو طالب الخبير في الشئون اليمنية والباحث في مركز الأهرام الاستراتيجي،إن الوضع فى اليمن مربك ، لافتا إلى أن الاتفاقية التى وقعت أمس بين الحوثيين وباقي الأطراف السياسية اليمنية بحضور رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، تمكن الحوثيون من السيطرة على اليمن والتأثير على أركان الدولة. وأشار أبو طالب فى تصريحات خاصة ل"بوابة الوفد"، اليوم، إلى أن الاتفاقية نصت على أن يجري الرئيس مشاورات تفضي إلى تشكيل حكومة كفاءات في غضون شهر، وتعيين مستشارين سياسيين للرئيس من الحوثيين والحراك الجنوبي، مؤكداً أن ما يحدث فى صنعاء هو بداية صياغة جديدة للدولة، بمعنى أن الدولة تتخلص من عهد الرئيس السابق على عبد الله صالح وكل الأطراف التى كانت مؤيدة له. وأوضح الخبير في الشئون اليمنية، أن حزب التجمع اليمني للإصلاح والأطراف المؤيدة للرئيس اليمنى السابق انسحبت دون مواجهة مع الحوثيين واستسلموا بسهولة، موضحاً أن الرئيس اليمنى الحالى عبد ربه منصور يعقد علاقة جديدة مع الحوثيين لتأمين الدولة من الإخوان المتمثلين فى حزب التجمع اليمنى للإصلاح وليكونوا حماة له أيضا. وأكد أبو طالب أن المشهد فى اليمن مازال غير واضح، لافتا إلى أنه يمكن حدوث تسويات بين الحوثيين وأطراف الدولة، ويمكن أيضا أن تفشل الاتفاقية التى وقعوا عليها أمس بين الحوثيين والدولة اليمنية. وأضاف الدكتور سعيد اللاوندى خبير العلاقات الخارجية بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أن داعش صناعة أمريكية لذلك لم تظهر فى إسرائيل وأمريكا والدول الأوربية، لافتا إلى أن أمريكا تريد تحويل المنطقة العربية إلى مستودع للإرهاب. وأشار اللاوندى إلى أن أمريكا تقدم الدعم المادى والتخطيط الإقليمى لداعش، لذلك لن تتقدم داعش إلى اليمن لمحاربة الحوثيون أو السيطرة على الدولة إلا بإذن من أمريكا، موضحا أن مايحدث فى صنعاء جزء مماحدث فى سوريا من تدبير أمريكيا لتفتيت العالم العربى. وقال الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن هناك أطرافًا إقليمية تحاول استغلال الإشكاليات المترتبة على تبعات الثورة اليمينة في خدمة أجندتها السياسية. وأوضح نافعة، أن اليمن تعانى من مشكلات تتمثل فى وجود الحوثيين كجماعة قوية تفرض سيطرتها على الدولة بقوة السلاح، والحراك الجنوبى الذى يريد الانفصال عن اليمن والعودة إلى ماقبل الوحدة، فضلا عن تبعات الثورة والمشكلات التي نجمت عنها من عدم القدرة على تحقيق الانتقال السلمي للسلطة والتحول الديمقراطي واكتمال بناء الدولة وعودة الأمن والاستقرار. وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن هناك تحالف بين قوات الحوثيين ورجال على عبد الله صالح الرئيس السابق كنوع من الثورة المضادة، وهو ما أدى إلى حدوث التغير السريع لصالح جماعة الحوثي المدعومة من إيران التي تتطلع لتوسيع دائرة نفوذها الإقليمي بتمكين الحوثيين من السيطرة على الدولة اليمنية. ولفت نافعة إلى أن هذا يحقق لإيران موقفا تفاوضيا أكبر مع الغرب في إطار برنامجها النووي، كما أنها ستستخدم الحوثيين كورقة ضغط على دول الجوار وخاصة السعودية، كما أنه بإمكانها أن تحقق نفوذا أكبر في المنطقة في ظل الترتيبات الإقليمية التي تشهدها المنطقة حاليا. وحذر نافعة من إمكانية تحول اليمن إلى دولة عربية فاشلة جديدة في ظل التحولات الداخلية التي تشهدها بعض الدول العربية ودخول اليمن في حرب أهلية طويلة الأمد. وقال الدكتور هانى رسلان رئيس وحدة دراسات السودان بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية والسياسية، إن دولة اليمن بها صراعات طائفية وسياسية شديدة، ولكن هذا لا يمنع من تمكن الحوثيين على أكبر طائفة من الدولة والسيطرة على أهم المنشآت الحكومية اليمنية, لافتا إلى سيطرتها على البرلمان والتليفزيون والبنك المركزى مساء أمس. واستنكر رسلان تدخل تنظيم داعش الإرهابى فى اليمن لمحاربة الحوثيين للحفاظ على الدولة الإسلامية كما يدّعون, لأن داعش بعيدة جغرافيا عن اليمن، موضحا أن هناك الطوائف الأخرى الذين يستطيعون محاربة الشيعة المتمثلة فى الحوثيين. واستبعد رئيس وحدة دراسات السودان بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية, فكرة سعى داعش لمحاربة الشيعة, لأن الحوثيين مقربون من تنظيم القاعدة الذى يبعد عن سياسات داعش وأهدافها ويمكن التصدى لها.