لاشك أننا نعيش هذه الأيام حالة من عدم الاتزان أو سميها المراهقة السياسية والتى دفعت بالكثيرين ممن لا خبرة لهم بالعمل السياسى من قريب أو من بعيد سواء كانوا من الشباب أو من الشيوخ الذين بلغوا سن التقاعد وأرادوا أن تمتد نهاية خدمتهم بعمل آخر أكثر ذيوعاً وانتشاراً ولن يرهقه كثيراً مجرد وجوده ساعة أوأكثر فى ميدان التحرير ------------------------------------------------------------------------ ينتقل فيها بين المنصات لإلقاء بعض الكلمات الحماسية تختطفها الفضائيات التى لاتفارق خياله ولا وجدانه لحظة منذ خروجه من منزله قاصداً مقر عمله الجديد فى التحرير! ليعود إلى منزله وقد خارت قواه من التنقل بين الاستديوهات واللف والدوران على الفضائيات ليصبح بعدها نجماً ثائراً وراعياً للثورة وأميناً على منجزاتها بصفته أحد أبطالها وأحد مفجريها ولولا الملامة لقال إنه أبوها الشرعى!! للأسف الشديد هذا ما نراه الآن على الساحة السياسية الكل يتسابق ليصبح ثائراً حتى هؤلاء الذين كانوا بالأمس القريب ممن يحتسبون على النظام البائد سواء كانوا من الساسة أو الإعلاميين يدخلون هذا الماراثون المجنون الذى سيجر البلاد والعباد إلى مالايحمد عقباه فحينما تصبح الثورة وظيفة ويصبح الثائر مهنة يصبح الوطن فى خطر، لقد وهبنا الله سبحانه وتعالى هذه الثورة المباركة عندما تخلينا عن سلبيتنا وأردنا أن نتخلص من النظام الفاسد المستبد وانتفضنا على قلب رجل واحد فأعاننا الله ونصرنا «وكان حقاً علينا نصر المؤمنين» أما الآن وقد تفرقنا شيعاً وأحزاباً فماذا سيكون مصيرنا؟! نعم الوطن فى خطر فكثرة الإئتلافات والحركات والمنظمات والأحزاب واختلاف الرؤى فيما بينها قد أحدثت تصدعأً وشرخاً فى المجتمع يزداد عمقه يوماً بعد آخر وإن لم نسارع لعلاجه فلسوف ندخل إلى نفق مظلم لا نعرف منتهاه، أنا لاأريد أن أصدر خوفى وقلقى إليك عزيزى القارئ ولكن من المؤكد أنك تتحسس ذلك وأنت تراقب المشهد السياسى وما آلت إليه ثورتك التى اشتركت فيها بشكل أو بآخر وحماها جيشك العظيم الذى لولاه لما كتب الله النجاح لها واليوم يجئ البعض ممن ذكرتهم فى صدر مقالى محاولاَ الوقيعة بين الجيش والشعب ضلعي الثورة والذى إذا سقط أحدهما سقطت الثورة تماما وغرقت البلاد فى مستنقع الفوضى والدمار لاقدر الله! ونرى البعض منهم يحاول أن يجمع حوله بعض الشباب المتحمس الذى لا خبرة له والمغرر به، ولن نقول أكثر من هذا، ليدفعه فى صدر المشهد ليطالب بما يتفق مع أجندته الخاصة وليهتف بهتافات معينة لخدمة هذه المطالب وأهمها تشكيل مجلس رئاسى على غرار ماحدث فى ليبيا وما تريد أن تنفذه الآن أمريكا فى اليمن وسوريا لتضع يدها على هذه الثورات وتوجهها كما تشاء فهل قمنا بثورتنا وتخلصنا من نطام عميل تابع للمحور الصهيوأمريكى لكى نسلم أمرنا لنظام مشابه بطبعة جديدة أو» بنيو لوك»بعد أن شاخ وأصبح كريهاً وعبئاً على صانعيه؟! هل يعُقل أن يسمح لهم هذا الشعب العظيم الذى وضع يده فى يد جيشه البطل الذى أدار فوهة مدفعه للخلف منذ أول لحظة فى إشارة لانحيازه الكامل له فى مشهد أسطورى يترجم ملحمة العلاقة الأبدية المقدسة بينهما والتى باركها الله، بتحقيق مخططهم الخبيث؟! مهما علت أصوات تلك القلة وتطاولت على رموز هذا الجيش العظيم وقولهم زوراً وبهتاناً «أننا نفرق بين الجيش والمجلس العسكرى» وهذه هى الوقيعة الكبرى التى يحاولون إيقاعها داخل صفوف جيشنا الوطنى المؤسسة الوحيدة الباقية لنا والتى نحتمى فى كنفها وهى الحصن الحصين لمصر فماذا يريد هؤلاء الثوار بالصدفة من هذه التفرقة علما بأن المجلس العسكرى يضم قيادات كل وحدات الجيش!! هؤلاء الذين ارتدوا ثوب البطولة فجأة بعد أن هبط عليهم دور الزعامة بالبراشوت والذين يدفعون البسطاء للهتاف ضد المجلس العسكرى وقائده الأعلى لا يساوون قطرة دماء واحدة من دم شهيد من شهداء الثورة الذين غابوا عنها فى الميدان مكتفين بالنضال من خلال الفضائيات!!!! وهم اليوم يتاجرون بدم الشهداء ويزايدون عن أولياء الدم أنفسهم الذين أحتسبوهم شهداء عند ربهم، لا أحد فى هذا الوطن لا يريد القصاص من القتلة وأخذ حق الشهداء لكن أن نُحمل هذه القضية النبيلة ما لم تتحمله وأن نجعلها كقميص عثمان للقصاص من الدولة ذاتها لتفكيك مؤسساتها وتدمير بنيانها! فهنا يجب أن نقف ونتساءل ما العلاقة بين قضية إنسانية كقضية الشهداء وقضية سياسية كالمجلس الرئاسى؟! وماالعلاقة بينها أيضا وبين المواد فوق الدستورية التى ينادون بها؟! بالمناسبة لماذا كل زعماء الصدفة الذين دفعوا الناس للاعتصام هم ممن تزعموا حملات الدستور أولاً؟! نحن للأسف الشديد نعيش زمن المزايدات والبطولات الزائفة والمراهقة السياسية التى غالباً ماتكون منفذاً إجبارياً وفرصة ثمينة للتدخلات الأجنبية، أمريكا وحليفتها إسرائيل التى تعيش الآن فى مأزق حقيقى بعد ضياع كنزها الاستراتيجى فى المنطقة بسقوط نظام مبارك ولن نسمح لها باستبداله بنظام عميل آخر، مصر دولة كبرى فى المنطقة لها دورها الإقليمى المتميز قرارها فى يدها ولن يكون فى يد أمريكا أو إسرائيل أوأى بلد آخر فى العالم، فيا دعاة المجلس الرئاسى روحوا العبوا بعيد الشعب المصرى ذكى وقد فهم أبعاد هذه اللعبة وبقى أن تفيقوا من غفلتكم وتفهموها أنتم أيضا!! وكفى الله المؤمنين شر القتال! [email protected]