ذكرت مجلة (فورين بوليسي) الأمريكية، في تحقيق، أن السعودية بذلت جهوداً ضخمة للقضاء على موجة الاحتجاجات الخفيفة، التي ظهرت بالتزامن مع إشراق الربيع العربي، ولكنها الآن تواجه مشكلة لا تقل خطورة، ربما تؤجج احتجاجاتها مرة أخرى، وهي انتشار البطالة وزيادة معدلاتها بين الشباب السعودي بشكل لا يوجد له نظير في العالم. وأكدت المجلة أن تفشي البطالة على هذا النحو بين الشباب السعودي، سار بالمملكة إلى ما لا يحمد عقباه، وربما يتحول الربيع العربي الدامي بالمنطقة إلى صيف سلمي حار جداً على السعودية، في حين تفخر المدارس الثانوية والكليات الجامعية بتخريج نصف مليون شاب سنوياً، لينضموا إلي طابور طويل من البطالة، في ظل انغلاق سوق العمل في وجوههم. وتحاورت المجلة مع ندى (26 عاماً) التي تقطن بمنزل والدتها في مدينة جدة الساحلية، فاقدة لحيويتها، بعد 4 سنوات من البحث عن عمل، بمجرد أن حصلت على البكالوريوس، أما الآن فهي لا تفعل سوي النوم والتثاؤب والإحباط. وأشارت المجلة إلى أن الزيادة الكبيرة في معدلات البطالة في السعودية، وصلت لمعدلات غير مسبوقة، حيث يتجاوز معدل البطالة بالمملكة نظيره في المنطقة العربية بنسبة 40% على الأقل، وخاصة بين النساء السعوديات في مختلف الأعمار، التي يعاني 30% منهن من البحث دون جدوى عن وظيفة، كما أن 78% من النساء اللاتي تبحثن عن عمل يحملن شهادات جامعية. ولا يعد الوضع أفضل حالاً بالنسبة للشباب، كما قد يتبادر إلى أذهان الكثيرين، فيعاني عبد الرحمن سعيد (21 عاماً) معاناة ندى، حيث إن شركات العمالة الوطنية بالسعودية غارقة فى استجلاب العمالة الأسيوية الرخيصة، ولذلك فإن عبد الرحمن يائس من الحصول على وظيفة براتب كاف حتى يستطيع أن يتزوج. وأكدت المجلة أن الأوضاع بالسعودية هادئة ولكن هذا لا يعني أن كل شيء على ما يرام، فالشباب السعودي محبط، في ظل التهافت والتكدس بسوق العمل، فضلاً عن توافد عشرات الملايين من العمال الأجانب على نحو لا يتوقع توقفه قبل عام 2050. كما أن الحكومات العربية بالمنطقة، تسعى باستمرار إلى إرسال مواطنيها إلى دول الخليج، لحفظ الاستقرار ببلادها، وتوفير فرص العمل لهم. وأوضحت المجلة أنه بالرغم من ذلك إلا أن الشباب الخليجي بشكل عام، كان محظوظاً إلى حد كبير حتى في ظل تفشي البطالة بالسعودية، وارتفاع أسعار الذهب العالمية- في الحصول على أموال لدفع المهور، وإتمام زيجاتهم، في إجازة المدارس وموسم الزواج. وأضافت المجلة أن البالغين من السعوديين وكبار السن، لديهم وظائفهم الحكومية المحترمة، ذات العوائد الضخمة، لما تتميز به الرواتب السعودية من الارتفاع، وهو ما يبشر بموسم صيفي سياحي كالمعتاد للأسر السعودية في أوربا وتركيا، وخاصة في ظل المكافآت التي صرفها العاهل السعودي لكل مواطن، والتي تساوي قيمة راتب شهرين، تلك الصفقة التي عقدها النظام والقطاع الخاص لإطفاء نيران الاحتجاج في صدور السعوديين.