استمعت محكمة جنايات شمال القاهرة، المنعقدة بأكاديمية الشرطة إلى اللواء حبيب «العادلى» وزير الداخلية الأسبق فى أولى جلسات تعقيبه، فى القضية المعروفة إعلاميا ب«محاكمة القرن». عقدت المحكمة جلستها برئاسة المستشار محمود كامل الرشيدى وعضوية المستشارين إسماعيل عوض وجدى عبدالمنعم وسكرتارية محمد السنوسى وصبحى عبد الحميد. حيث لم يحضر الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك جلسة أمس، نظراً لحالته الصحية، وأكد رئيس المحكمة أنه تسلم تقريرًا من هيئة القضاء العسكرى بتوقيع اللواء مدحت رضوان غرة رئيس هيئة القضاء العسكرى خاصًا بحالة مبارك الصحية، وتبين أنه مرفق به تقرير طبى من المجمع الطبى للقوات المسلحة بالمعادى أفاد بتدهور حالة «مبارك» الصحية ومعاناته من جلطات بالمخ مع التوصية بعدم تعرضه للاجهاد، ونبهت المحكمة لدفاع المتهم بالتواجد فى القاعة خلال التعقيبات وإبلاغ «مبارك» بكل ما يحدث بالجلسة، لحين سماح حالته الصحية بالحضور. وسمحت المحكمة فى بداية الجلسة بخروج ««العادلى»» من قفص الاتهام للإستماع إلى أولى جلسات تعقيبه، على مرافعة النيابة، وقسم تعقيبة إلى جزءين الأول يتضمن عهد وزارته قبل أحداث 25 يناير، والآخر ما وقع فى ثورة يناير وما تلاها. مؤكدا أنه كان ينوى أن يقدم استقالته بعد الاحتفال بعيد الشرطة ليعيش بصورة طبيعية مع أسرته، إلا أن الثورة قد سبقته!! وفى بداية حديثه تلا آيات قرآنية، ثم أشاد «العادلى» بمرافعة الدفاع عن المتهمين، وقال ««العادلى»» إنه تولى مهام منصبه كوزير للداخلية فى 17 نوفمبر 1997 إثر حادث إرهابى جسيم، راح ضحيته جنسيات مختلفة بمدينة الأقصر، وأشار إلى أنه اعتمد خطة خاصة فى عهد وزارته تعتمد بالتعامل مع قوى التطرف داخل الجماعات الدينية على نبذ العنف وتصحيح الأفكار والمفاهيم الخاطئة المخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية، وأن وزارة الداخلية شهدت تطورا عظيما وأكاديمية الشرطة خير دليل على ذلك قائلا: «حققت الكثير من الإنجازات وانخفضت معدلات الجرائم، وتمت مواجهات حاسمة لجرائم الاتجار بالمخدرات.. استطعت القضاء على انتشار المخدرات فى مصر خلال مدة لا تتجاوز شهرًا ونصف». وقال إنه شعر بحزن شديد عندما وجه له اخطر اتهام، على حد وصفه بأنه «تلقى تكليفًا من مبارك بالقتل ونقل التكليف إلى المساعدين لتنفيذ هذه الأوامر»، موضحا أنه خدم البلد 50 عاما منذ عام 1961 حتى 29 يناير 2011، وعاصر ما بعد ثورة 1952 وعهد 3 رؤساء، مشيرا أنه تقلد عدة مناصب بالوزارة، حيث كان ضابطا بالأقسام ثم بالمباحث الجنائية ثم رشح لمباحث أمن الدولة «الأمن الوطنى حاليا»، واستمر حتى 1964 حتى عين نائبا للجهاز وعين مساعد أول وزير لسيناء ثم مساعد أول للقاهرة ثم المنطقة المركزية، واكتسب العديد من الخبرات حتى أصبحت وزيرا للداخلية فى 17 نوفمبر 1997 وبقيت فى هذا المنصب 14 عاما ولم يسبق لوزير داخلية آخر أن يتولى هذه الوزارة طوال هذه الفترة لأنها من أخطر الوزرات لكثرة أعبائها. وتابع الحديث عن انجازات وزارته، قائلا: إن الأمن العام حقق معادلات كبيرة فى جرائم الأمن العام اجتماعية واقتصادية وغيرها، مثل جرائم المخدرات والتعاطى الذى جعل الأسر تلجأ للوزارة لإنقاذ أبنائها. وقال «العادلى» إن ناكرى الجميل والمغيبين يقولون عنى سفاح على غير الحقيقة، مشيرا إلى أنه يتهم بتعذب المساجين ولا يحترم حقوق الإنسان، وأكد «العادلى» أنه لم يلجأ أبدا للعنف، حيث كان هناك 4 من قيادات الجماعة الإسلامية الصادر ضدهم أحكام بالإعدام من المحاكم العسكرية هرب أحدهم، وتم القبض عليه، لافتا أنه لكن بعد التفكير قال إن شقيق أحدهم قائد تنظيم القاعدة وإذا قتلوا لن يستفيد شيئا، واتصل بالرئيس وقاله له إنه لا يريد تنفيذ حكم الإعدام بحقهم، وتم تنفيذ طلبه، مضيفا أن عدد المعتقلين قبل توليه الوزارة كان 23 ألفا وبعدما غادر الوزارة كان عدد المعتقلين والمحكوم عليهم 800 متهم فقط، وأشار إلى أن الوزارة كانت تحاول دائما تغيير فكرهم وهم من أفرج عنهم فى عهد مرسى وهربوا إلى سيناء متخفين فى جبل الحلال وفى سنة 2002 خرج 13 ألفا نتائج المصالحة الفكرية. وقال «العادلى»: إن من أوئل قراراته تعديل المقرر الغذائى للمساجين، حيث زادت الميزانية للغذاء من 40 مليونا إلى 80 مليونا، بعدما كان طعامهم لا يصلح للحيوانات، وأضاف أن العقاب الإدارى للمساجين كان الجلد عن طريق العروسة، فألغيتها ويقولون عنى «سفاح». وأكد «العادلى» أنه يوم الأربعاء 18 يونيو الماضى عندما عرض الدفاع على الجمل فيديوهات ظهر فيها ما تعرضت له الشرطة ومنشآتهم وآلياتهم للتدمير وأظهرت حقائق تلك المؤامرة الخسيسة التى تعرضت لها البلاد ورجال الشرطة، وكان رد الفعل لجميع من شاهدوه أنهم كانوا فى غفلة. واستكمل «العادلى» قائلا: إنه فى المحاكمة السابقة قدم مذكرة بالتعليق عن الأحداث فى شهر فبراير 2012 عما حدث فى يناير من أحداث، وقال فيها إن ما حدث فى 25 يناير كان حلقة من حلقات مؤامرة خارجية مخطط له أهداف استراتيجية، كانت تستهدف مصر والوطن العربى فيما سمى بالربيع العربى الذى كان بداية الانهيار، وقال «إلا أن الله سبحانه أنقذ مصر، وأن المخطط كان يشمل عناصر أجنبية من تسللوا يوم 27 يناير من الأنفاق فى الحدود الشرقية، ونفذ المخطط فى 27 و28 يناير وشوهد الأجانب فى كافة مناطق الأحداث. وأكد أنه كان ينوى بعد احتفالات عيد الشرطة يوم 2011 أنه يترك الخدمة بعد 25 يناير، ويعتذر للرئيس ويعيش مع أسرته لأنه كان تحت ضغط شديد. ثم انتقل «العادلى» للحديث عن أحداث ثورة 25 يناير، وأكد أنه كان هناك تنسيق على أعلى مستوى بين الأجهزة المختلفة من أمن الدولة والمخابرات العامة والحربية حيث كان رؤساء الأجهزة ينسقون فيما بينهم حول خطة العمل، قائلا: «كنت أجلس أنا وعمر سليمان والمشير طنطاوى لبحث التعامل وكان ينقل كله للرئيس مبارك». وأضاف «العادلى» أن أمن الدولة كان ينسق مع القيادات من الأحزاب وغيرها، وأنه كان هناك تنسيق مع الإخوان. قائلا: «كنا نحضر الشاطر وبديع ونناقشهم فيما يفعلون ونهددهم بكسر الرقبة لو خالفوا القانون» وأشار «العادلى» إلى إن الولاياتالمتحدة نجحت فى تحريك الشباب من «كفاية و6 إبريل وبعض إلى شباب الأحزاب الشرعية والأحزاب غير الشرعية مثل الإخوان المسلمين، بعد أن تم تدريبهم فى قطر وبعض الدول العربية. مضيفا أنه قبل ثورة 25 يناير كانت تنوى أمريكا تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد من خلال تفريغ المنطقة ووضع مشروع برنامج سرى على محورين، الأول كان يتعرض لقيادات الدولة بتقديم نموذج للديمقراطية وإغراءات مادية، والنظام الذى يرفض يعتبر ديكتاتوريا لابد أن يتم تغييره. بينما النموذج الثانى هو تحريك الشباب وتدريبهم على كيفية المطالبة بحقوقهم والديمقراطية وتدريبهم كيف يصبحون ثائرين على نظام الحكم. وقال «العادلى» إن المظاهرات فى 25 يناير تم تأمينها بمعرفة رجال الشرطة ولم يحدث خسائر وقتها، وأن محافظة السويس كانت أول من بدأت بالتعامل مع رجال الشرطة فى مواقعها، وأن مظاهرات السويس كانت غطاء لتسلل العناصر الأجنبية عبر الأنفاق الى القاهرة، مشيرا أن الأنفاق كانت منذ الثماينيات بدأت بخيط يربط فيه بذور، انتهت إلى تمرير سيارات ضخمة والتى مر بها 4 سيارات شرطة الى غزة كما يتم تهريب أيضا البنزين اليها، رغم أن مصر لا تستحق هذا العداء من جميع الحركات التى لعبت ضد مصر من بينها حركة فتح حيث إنها تدربت فى مصر بهدف مواجهة العدو الصهيوينى، ولم نكن نعلم انه سوف ينقلب الى ضدنا. وأكد «العادلى» انه لم يكن هناك قصور أمنى من الأجهزة الأمنية الثلاثة العامة والحربية والمخابرات، مشيرا أن أمريكا دربت شباب 6 أبريل وكفاية والإخوان لتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد، وأنه كان هناك حملات إعلامية ضخمة ومدبرة لتعبئة الرأى العام ضد وزارة الداخلية ورجال الشرطة، على الرغم أن الفكر الأمنى الذى نهجته وزارة الداخلية للتعامل مع الفكر الإرهابى والتكفيرى لتصحيحه كان يعتمد على الفكر والصبر والاستيعاب وليس العنف والقتل وإراقة الدماء. أكد «العادلى» أن تعليماته كانت التحلى بالصبر وضبط النفس وعدم استخدام القوة والعنف مع المتظاهرين وعدم الاستجابة لأى استفزازات من جانب المتظاهرين. وأكد أن مظاهرات ميدان التحرير تم تأمينها من قبل قوات الشرطة ورغم الاحتكاكات لم تحدث خسائر بشرية، مشيرا أن الشرطة لم تستخدم أى نوع من الأنواع الأسلحة فى عملية تأمين التظاهرات حتى فى حالة عدم التزام المتظاهرين بضوابط التظاهر، وأضاف أن السفارة الامريكية والبريطانية والايطالية وغيرها كانت مستهدفة من جانب جماعات إرهابية. وأوضح أن يوم جمعة الغضب خرجت حشود ضخمة من المواطنين للمشاركة فى المظاهرة الكبرى التى دعى لها وزحفت الجماهير للانضمام إلى المتظاهرين المتواجدين بميدان التحرير، ولكن لم يخطر فى بال هؤلاء المواطنين أنهم سيهتفون بسقوط النظام، حيث تم استدراجهم إلى ذلك بواسطة العناصر الأجنبية التى تسربت الى الميادين، وهو ما أكده اللواء عمر سليمان فى شهادته بوجود عناصر أجنبية أثناء ثورة يناير، وتبين أنه قبل جمعة الغضب بيوم أنه اقتحموا أسطح المنازل واستأجروا المنازل والمخازن لتنفيذ مخططهم الإرهابى.