كتب المفكر الفرنسي الشهير تيري ميسان صاحب الكتاب الذي أحدث ضجة عالمية إذ بين فيه بالوثائق الدامغة أن مؤامرة 11 سبتمبر سنة 2011 بالهجوم علي برجي التجارة في نيويورك ومبني البنتاجون في واشنطن كانت أمريكية الصنع تماما كما أثبت في كتابه «الأكذوبة الكبري». وقد كتب ميسان علي موقع فولتير في 8 يوليو المقال التالي المتناهي الخطورة والذي يفضح فيه ما هو علي وشك الحدوث من تدبير الاستعمار الأمريكي. يقول ميسان إنه عند سقوط مدينة الموصل أعلن أن الحرب الدائرة في العراق لا يجب تفسيرها علي أنها من عمل دولة الإسلام المزعومة للعراق والشام. ولكنها تخطيط مشترك بين جهاديين وبين حكومة كردستان الإقليمية للقيام بهجوم مشترك لتنفيذ الخريطة الأمريكية لإعادة صياغة المنطقة. وأن رأيه كان وحيدا ضد التيار السائد. ولكن بعد ثلاثة أسابيع أصبح واضحاً أن رأيه كان الحقيقة بعينها. ففي 20 يونية اشترت إسرائيل النفط الذي سرقته الحكومة الكردية من كركوك رغم الرأي السائد في القانون الدولي بأنه نفط الحكومة الفدرالية العراقية. وقد سهلت عصابة داعش التي تسيطر علي المنطقة نقل النفط لإسرائيل عبر خط الأنابيب المنتهي في تركيا التي سمحت بدورها بنقل النفط في شاحنات إلي ميناء سيحان التركي ومنه إلي إسرائيل.. وفي 25 يونية تنحت الأحزاب الكردية بالعراق خلافاتها جانبا وشكلت حكومة محلية متحدة. وحتي ذلك الحين كانت الأحزاب الكردية منقسمة لمجموعتين إحداهما مؤيدة لتركيا وإسرائيل والأخري مؤيدة لإيرانوسوريا. ولم يكن ممكنا أن تتوحد المجموعتان دون اتفاق مسبق بين تل أبيب وواشنطن وطهران. وقد نقل السياسي الدرزي مهدي صفدي الذي يقوم بدور الوسيط بين إسرائيل وثوار سوريا خطابا من الحزب اليساري الكردي في سوريا إلي رويفن ريفلين الإسرائيلي يهنئه علي اختيار الكنيست له لتأييد إقامة دولة كردية مستقلة تشمل المناطق الكردية في العراقوسوريا. ويومي 26 و27 يونية زار وزير الخارجية البريطاني بغداد وأربيل. وكالاتفاق طلب من نوري المالكي تشكيل حكومة جديدة تضم كل الأطراف. مع علمه بأن المالكي لن يفعل ذلك. وابتسمت لندن لنجاح ترتيبها. ثم بحث وزير الخارجية البريطاني مع مسعود البرزاني في أربيل موضوع استقلال كردستان. وفي 29 يونية فضح رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو المستور وأعلن أن إسرائيل تؤيد قيام دولة كردية مستقلة. ولم يحدد في حديثه حدود هذه الدولة، وفي 3 يوليو جمع مسعود برزاني رئيس حكومة كردستان المحلية البرلمان المحلي ودعاه لإجراء استفتاء علي تقرير مصير إقليم كردستان العراقي ولم يكن غريبا أن يكون رد فعل واشنطن أنها تؤيد قيام عراق ديمقراطي متعدد الأطراف وموحد في نفس الوقت. بينما اجتمع نائب الرئيس الأمريكي بايدن سرا مع فؤاد حسن رئيس وزراء إقليم كردستان العراقي للاتفاق علي خطوات إجراء استفتاء تقرير مصير الإقليم. ولا يبدو أن الحزب الكردستاني الذي توجد أغلبيته في العراق وأقليته في سوريا سيستطيع إجراء استفتاء الاستقلال في نفس الوقت في البلدين. وسيسر واشنطن وجود عراق حديث منفصل منه إقليم كردستان علي أن يترك لتاريخ مستقبل تقسيم كل من سورياوتركيا بفصل الأقاليم الكردية منها. وقد أرسلت أمريكا رسائل تهدئة لكل من سورياوتركيا. وكلاهما طبعا لا يصدق كلمة واحدة من الوعود الأمريكية. وفي هذه الأثناء فإن دولة الإسلام في العراق والشام أعادت تسمية نفسها بدولة الخلافة الإسلامية. وفي وثيقة شاعرية مطولة تحتوي علي مقتطفات عديدة من القرآن الكريم أعلنت أنها بقدرتها علي تطبيق الشريعة في المساحة الشاسعة التي تسيطر عليها من العراقوسوريا فإن ساعة قيام الخلافة قد وصلت. وأعلنت أن رئيسها أبوبكر البغدادي قد بويع خليفة. وأن علي كل مؤمن أيا كان مقر إقامته عليه واجب الطاعة للخليفة. ولم تنشر أي صورة للخليفة المزعم. ولا إذا كان موجودا فعلا أم أن الأمر لا يعدو أن يكون إرهابا للمسلمين بمن يسمي الخليفة إبراهيم. ومع أن استيلاء داعش علي شمال العراق قد لقي ترحيبا في بعض أنحاء العالم الإسلامي. فإننا نشك في أن زعم الخليفة المزعوم بالعمل علي حكم العالم الإسلامي كله مجرد طبل أجوف. وقد أيد تنظيم القاعدة في المغرب العربي من سماهم «أبطال الإمارة الإسلامية». بينما أرسل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية أطيب أمانيه لنجاح وانتصار الخلافة. أما بعض التنظيمات المتعاونة مع القاعدة مثل بوكو حرام في نيجيريا وحركة الشباب في الصومال فستعلن مبايعتها قريبا. وبذلك فسنري تنظيم القاعدة المعتبر منظمة إرهابية دولية يساند دولة لا يعترف بها أحد. علي كل حال فدولة الخلافة هذه تتحرك بحذر شديد. فهي تعلم كيف تحارب في إطار معين وتتجنب تماما أي تهديد لمصالح أمريكا وحلفائها وكذا هؤلاء من ذوي الأنياب الحادة. ولذلك فقد تجنبت مثلا في سامراء وبحرص شديد المساس بأضرحة أئمة الشيعة حتي لا تستفز إيران. وفي واشنطن تتصاعد أصوات كثيرة مؤيدة لإعادة تشكيل العراق. فمثلا يقول مايكل هايدن رئيس جهاز الأمن القومي ورئيس المخابرات الأمريكية الأسبق في تصريح له علي فوكس نيوز ما يلي: «بغزو المتمردين للجزء الأكبر من المنطقة السيئة فإن العراق قد انتهي وجودها عمليا وبذلك فلا مفر من تقسيمها». ويصاحب تصريحاته مطالبات بالتدخل. فمستشار جورج بوش السابق وسفير أوباما بعدها للعراق جيمس جفري يقول: «إن الجهاديين لم يهدأوا أبدا حتي وأنا في العراق سنتي 2010 و2011 فقد كانوا قد هزموا تماماوفقدوا أتباعهم. وكنا في أثرهم حتي لا يقوموا ثانية. فليست هناك أي وسيلة للتفاهم معهم أو احتوائهم. الشيء الوحيد هو قتلهم». وتفسر صحافة دول الأطلنطي هذه التصريحات المتعارضة علي أنها خلاف بين مؤيدي تقسيم العراق وبين مؤيدي حفظ وحدتها بالقوة وسط ساسة واشنطن. والواقع أن برنامج واشنطن واضح كالشمس. فهي تدفع الجهاديين لتقسيم العراق وربما السعودية أيضا. ثم تقوم بسحقهم بعد أن يؤدوا لها المهمة. وفي هذه الأثناء يسوق الرئيس أوباما ويضيع الوقت في استشارات بالمخالفة لاتفاق الدفاع المشترك بين أمريكاوالعراق. فلا يرسل إلا 800 جندي بينهم 300 فقط لتدريب الجيش العراقي. والباقي لحماية السفارة الأمريكية في بغداد. وإلي هنا ينتهي مقال ماسون الفاضح تماما للعدو الأمريكي ومخططاته.. لم يعد سرا أن أمريكا هي العدو الأول للعرب ولكل من يقف في طريق أطماعها الشريرة. وقد سبق لنا يوم 15 يونية فور اجتياح عصابة داعش لشمال العراق وسقوط مدينة الموصل في يدها أن نشرنا في جريدة «الوفد» مقالا بعنوان: «داعش البديل الأمريكي لعصابة الإخوان». والعنوان في حد ذاته يكفي لإيضاح المحتوي، وقد سبق لنا كذلك في سبتمبر سنة 2006 أن نشرنا في الوفد تفاصيل خطة أمريكا لتدمير دول الشرق الأوسط وإعادة بنائها في صورة دويلات صغيرة متعادية يشرف الشرطي الإسرائيلي كلب حراسة أمريكا في المنطقة علي طاعة هذه الدويلات لأوامر رئيس عصابة الشر في واشنطن. ولم نكن نتجني علي العدو الأمريكي أو ننسب له مؤامرات من خيالنا. فقد كانت تفاصيل خطة الشرق الأوسط الجديد والخريطة التفصيلية لها منشورة في مجلة الجيش الأمريكي عدد يونية 2006 لمن يريد الرجوع لها. وتكرر في نشرات عدة ذكر ان هذه الخريطة تدرس لطلبة المدرسة العسكرية في وست بوينت. الصورة واضحة والخطر أوضح. فماذا أنتم فاعلون يا عرب؟ التكتل ومقاومة العدو وسحق عملائه وسطنا أم السير في ذلة وخنوع إلي مزبلة التاريخ؟ نائب رئيس حزب الوفد