في هذا الوقت، تتوارد أنباء عديدة عن العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، وبين الحين والآخر نسمع عن عمليات مضادة تقوم بها كتائب عز الدين القسام ، الجناح العسكري لحركة حماس ولكن من هو عز الدين القسام. عز الدين القسام ينتقل إلي الجهاد في فلسطين ولى الشيخ عز الدين القسّام وجهه شطر فلسطين بعد أن سقطت في قبضة الاستعمار البريطاني، وذلك عقب أن ترك سوريا حيث كان يخوض هناك معارك ضارية ضد المستعمر الفرنسي، لدرجة أنه باع أملاكه وطالب من المقربين له أن يتبرعوا بأموالهم لصالح المقاومة في سوريا. وفي فلسطين نزل في مدينة حيفا الساحلية، وأفاد هو وأمثاله من التنافس الذي كان قائما بين الفرنسيين والإنجليز على التركة العثمانية وفي مقدمتها سوريا وما كاد يستقر هناك حتى أخذ يمارس مهمته الأساسية وهي إلقاء خطب الجمعة من فوق المنابر، ويعقد الدروس والمواعظ في المساجد. القسام يتقرب إلي الكادحين والفلاحين ذاع سيط الشيخ القسام في ربوع فلسطين، حتي انجذبت إليه جماهير الناس وتعلقت به وقد اهتم اهتمامًا خاصًا بالعمال الجاد والكادحين والفلاحين الذين طردهم اليهود من الأرض التي كانوا يعملون فيها، وذلك بعد أن اشتروها من أصحابها بثمن بخس. حرص القسام علي توثيق علاقته بهم إذ كانوا يزورهم في مساكنهم النائية، ويبحث لمريضهم عن طبيب يداويه، ولمضطرهم عن معونة تكفيه، ولعاطلهم عن عمل يقوم، ولما تعمقت صلاته بهم أخذ يحضهم علي القتال. تدريبات قاسية لرفاق العز الدين القسام ولقد قسم طلابه إلى مجموعات صغيرة لا يعرف بعضها بعضا فكان كلما اطمئن إلى عدد منهم لا يزيد عن العشرة ووثق بصدق ثباتهم وتوافر خبرتهم ولى عليهم نقيبًا منهم يجمع إلى قوة الإيمان عمق الخبرة في فنون القتال. وكان كل نقيب يدرب أفراد فرقته تدريبا صارما فيفرض عليهم أن يسيروا ساعات طويلة في شعاب الجبال وهم حفاة و أن يناموا في البرد القارس بلا غطاء و أن يتحملوا الجوع والعطش و أن يعيدوا بناء أنفسهم من جديد ولو طال عليهم الأمد. تقلد بعد ذلك رئاسة جمعية الشبان المسلمين كبرى الجمعيات الإسلامية في فلسطين فتوثقت صلاته بعلية القوم من أعضائها وقويت أواصره مع نخبة المثقفين من أبنائهم وقد دفع ذلك عنه كثيرا من الشر وعاد على حركته بوفير من الخير. وظيفة المأذون الشرعي تفتح له أفاف جديدة ثم عهدت إليه المحكمة الشرعية بوظيفة المأذون الشرعي المتجول فانفسح المجال أمامه للتنقل في القرى وعقد الاجتماعات السرية مع سكانها ودعوتهم إلى الانضمام إلى حركته ومؤازرته بالأموال والأنفس ولقد وقف خلال تجواله على قطعة خصبة من الأرض في منطقة بيسان فابتاعها وعهد بها إلى رجل مهيب نشط من كبار أعوانه هو “محمد الحنفي” فاخذ يزرعها كل عام مرتين ويستغل مواردها في شراء الأسلحة للمجاهدين وإعانة من يحتاج منهم إلى المعونة. وعلى الرغم مما أحيطت به حركة القسّام من التكتم الشديد واليقظة المبالغة فقد استدعته سلطات الأمن اكثر من مرة وحققت معه أدق التحقيق وأعمقه ثم كانت تطلق سراحه لعجزها عن إثبات ما ينسب إليه. استشهاد العز الدين في1935 نال الشهيد عز الدين القسام الشهادة سنة 1935 م مع اثنين من المقاتلين في معركة يعبد حيث قامت القوات الإنجليزية بحصار عز الدين القسام ومجموعة المقاومين التي كان يقودها وقد استخدم الإنجليز الانتداب البريطاني قوات كبيرة معها الطائرات والمدافع للإيقاع بالقسام. أحاطت القوات بالمنطقة منذ الفجر ووضعت الشرطة العربية في الخطوط الهجومية الثلاث الأولى من ثم القوات البريطانية، وقبل بدء المعركة نادى أحد أفراد الشرطة العربية الثائرين طالبًا منهم الاستسلام فرد عليه القسام صائحا “إننا لن نستسلم، إننا في موقف الجهاد في سبيل الله ثم التفت إلى رفاقه وقال موتوا شهداء في سبيل الله خير لنا من الاستسلام للكفرة الفجرة”. دامت المعركة القصيرة ساعتين كان خلالها الرصاص يصم الآذان والطائرات المحلقة على ارتفاع قليل تكشف للمهاجمين موقع الثوار وقوتهم وفي نهاية الساعتين أسفرت المجابهة عن استشهاد القسام ورفاقه يوسف عبد الله الزيباري وسعيد عطيه المصري ومحمد أبو قاسم خلف وألقى الأمن القبض على الباقين من الجرحى والمصابين. .