عندما يخرج علينا رئيس الوزراء فى المؤتمر الصحفى لتدشين رفع أسعار الكهرباء والبنزين ويقول إن هذه الزيادات لن تؤدى إلى أرتفاع أسعار السلع والخدمات فإنه بالقطع لايحترم عقولنا لأن المكوجى سوف يرفع أسعاره ليس لارتفاع تكلفة الخدمة التى يقدمها ولكن لارتفاع تكاليف المعيشة التى يصعب عليه مواجهتها فيما لو استمر فى تقديم خدمته بنفس السعر. هذا هو ملخص نظرية المكوجى التى أوضحها المرحوم على نجم الخبير الاقتصادى ومحافظ البنك المركزى الأسبق لشرح العلاقة بين أسعار الطاقة والكهرباء وأسعار السلع والخدمات حيث لايمكن للحكومة أن تسيطر عليها بشكل كامل ومستمر. منذ فتره السبعينيات من القرن الماضى ظل الدعم وسيلة للتربح من جانب فئة من التجار نتيجة الفساد الادارى الذى حال دون استفادة محدودى الدخل والفقراء من الدعم العينى, كما ظل الدعم حجة الحكومات المتوالية لتبرير فشلها فى الاصلاح الاقتصادى. ومن ثم بات ضروريًا أن يتم إلغاء الدعم بالكامل ونفضها سيرة ولكن ليس على طريقة المهندس «محلب» لمجرد خفض عجز الموازنة وإنما ينبغى أن يتم إلغاء الدعم فى اطار منظومة أو حزمة متكاملة من السياسات. كان يجب أن تقدم خطة لترشيد الانفاق الحكومى وعناصره ومقدار الوفر المحقق وكذا قائمة بالاستثمارات والمشروعات القومية والمصانع التى تحتاج للاحلال والتجديد وإعادة تشغيل المتوقف منها لامتصاص البطالة وزيادة الانتاج، بالاضافة ضبط الأسواق والتحكم فى درجة وحجم التضخم والتدخل الحكومى فى السوق وقت اللزوم لا يعد خروجًا على سياسة الاقتصاد الحر. فضلاً عن زيادة المعاشات بقدر يؤهل أصحابها لاستيعاب الزيادات فى الأسعار.. للأسف كل الحكومات لا تقدم حلولاً جذرية لمشاكل الاقتصاد المصرى وإنما تستسهل زيادة الضرائب ورفع الأسعار مع ان الوفورات التى يمكن ان تتحقق من مكافحة الفساد والتهرب الضريبى والإنفاق الحكومى ووقف سرقة التيار الكهربى وتحصيل المتأخرات المستحقة بالمليارات لوزارة الكهرباء لدى القطاعين الخاص والأعمال العام وتحديد مواعيد غلق المحلات يمكن ان تغطى الايرادات المستهدفة من زياذة الأسعار الأخيرة.. الفقراء ومحدودى الدخل وحدهم يسددون فواتير الاصلاح الاقتصادى ويشدون الحزام منذ عهد السادات وحتى الآن. كان يمكن إلغاء دعم الطاقة بالكامل على قطاع الصناعة الذى يبيع منتجاته بالأسعار العالمية ويستفيد بأكثر من ثلثى قيمة الدعم وخاصة صناعات الحديد والأسمنت والسيراميك والالومنيوم, والعائد من إلزام التجار بفواتير البيع يحقق حصيلة هائلة تضيع على الدولة يوميًا بسبب الفساد الإدارى الضريبي. يا رئيس الوزراء لقد زادت معدلات الفقر فى نوفمبر من العام الماضى إلى 26.2% من اجمالى عدد السكان بزيادة 1% عن عام 2012 أى أن مليون شخص على الأقل دخلوا دائرة الفقر خلال عام واحد بسبب ارتفاع الأسعار وأخشى ان تؤدى قراراتك التى يؤيدها الرئيس السيسى إلى دخول ملايين جدد إلى زمرة الفقراء وفى مقدمتهم اصحاب المعاشات. كما اخشى تأثير ضعف القوى الشرائية على معدل الاستهلاك والذى سيؤثر بدوره على معدل النمو الاقتصادى وإصابة السوق بحالة من الركود. وفى رأيى ان هذه القرارات ستشجع على الفساد والرشوه وضعف معدلات الادخار وتراجع الاستثمار. كنا نتوقع حلولا تتسم بالشمول ولاتقتصر على حل مؤقت لعجز الموازنة.. موازنة مصر يادوب تساوى موازنة شركة من الشركات العالمية ومع ذلك فشلنا فى حل المشكلة الاقتصادية لأننا لا نفكر فى صيغ وحلول خارج صندوق لجنة السياسات وروشتات صندوق النقد.. مشكلة مصر الحقيقية ان الشبعان لا يصدق الجائع وان محدودى الدخل هم «الحيطة المايلة» لكل حكومة.