علي الرغم من التفاؤل الذي ساد جميع الأوساط والقطاعات بتولى عبدالفتاح السيسي رئاسة مصر خاصة القطاعات الاقتصادية، والتي اعتبرت هذا الحدث بشرة خير إلا أن القائمين علي هذه القطاعات مازال لديهم مخاوف من إمكانية إنقاذ الاقتصاد وعودة الاستثمارات وجذب المزيد منها، بالإضافة لمخاوفهم من صدور قرارات جديدة من شأنها تقليص طموحهم أو الحد من مكتسباتهم، خاصة قطاع المستوردين. وكان لنا هذا اللقاء مع رئيس شعبة المستوردين أحمد شيحة الذي حاورناه وطرحنا معه جميع المحاور حول هذا القطاع ومشاكله ومتطلباته وواجباته خلال المرحلة القادمة. ما أهمية الانتهاء من مرحلة الاستحقاق الرئاسى؟ - بداية العودة للدولة بوجود رئيس منتخب بالنسبة لرجال الأعمال تكون أولى مهامه إعادة دولة القانون والتي تعني لي كمستثمر الاستقرار السياسي والأمنى، وذلك له أصداؤه الجيدة سواء للداخل أو الخارج، فهو رسالة طمأنة للجميع وتوليه الرئاسة بشرة خير للمستثمرين. مسألة عدم وجود برنامج للرئيس هل تجاوزه في الواقع بعد توليه الرئاسة؟ - بالفعل وهو بدأ بخطوات جادة وأهمها خطوات راعي فيها البعد الاجتماعى والاقتصادى في آن واحد مثل تفعيل قرار الحدين الأدنى والأقصى للأجور وحملات إزالة الباعة الجائلين، فهي تصب في صالح التجارة، بالإضافة إلى نقطة مهمة وهي الدعم الخارجى من الدول الخليجية لإدراكهم البعد العربى في ضمان استقرار مصر علي جميع الأصعدة تريد أن تسيطر علي السوق. ما أهم التحديات التي تواجه المستثمرين في الفترة الحالية؟ - الانفلات الأمني والتجارة العشوائية ولكن بالنسبة للأول فبدأت تظهر في الأفق سيطرة أمنية واضحة، أما الأخيرة فهي مستمرة وبقوة لدرجة أن التعامل خارج الإطار التجارى الرسمي أصبح نهجاً وسمة التعاملات في السوق التجاري وذلك شيء خطير يهدد المجتمع التجارى الصناعي علي السواء، فالموضوع لا ينظر إليه من منظور باعة جائلين يهددون حرم الطريق فقط من خلال إشغالهم وعرض بضائعهم علي الرصيف. ولكن الحكومة بدأت أولي خطواتها في محاربة الظاهرة؟ - هي خطوة مهمة ولكن ضروري أن تتبعها خطوات أخري مكملة أبرزها تقنين التجارة العشوائية حتي تتمكن الحكومة من محاسبتهم ضريبيًا وإحكام الرقابة عليهم، بالإضافة إلى نقطة مهمة بجانب الحملات، فلابد للدولة أن تكون مستعدة بالبدائل بإنشاء أسواق بديلة لهؤلاء الباعة الجائلين ومن الضروري مراعاة البعد المكاني بأن يراعي أن تكون قريبة من الكتلة السكنية حتي لا تصبح هذه الأسواق طاردة للجميع سواء الباعة أو المواطنين، مما يؤدى إلي تفاقم المشكلة بدلاً من حلها. ما رأيك في الأصوات التي تعترض علي مؤتمر المانحين الذي يستهدف مساعدة مصر اقتصاديًا؟ - أولاً اسمه تغير لشركاء مصر وهو نظام معروف وهو علي غرار نظام مارشال بعد الحرب العالمية، وفي الفترة الحالية حزمة المساعدات التي قدمتها دول الاتحاد الأوروبى لليونان التي أعلنت إفلاسها بعد أزمة اقتصادية ورغم أنها لم تمر بظروف ثورات مثلنا فدعوة الملك عبدالله لعقد هذا المؤتمر لإدراكه أن وقوف مصر علي رجليها أمن قومي للمنطقة، ورغم أن هذه الأصوات اعتادت الاعتراض علي أي شىء، إلا أنني أري ضرورة أن تقتصر عمليات الضخ في جزء كبير منها علي الشراكة من خلال المساهمة في إقامة مشروعات سواء حكومية أو قطاع خاص، وهنا تصبح استثماراً حقيقياً وأتوقع أن تزيد نسبة المساهمات على 40 مليار دولار، ولكن من المهم أن تبادر مصر بعمل العديد من الإصلاحات التشريعية وإزالة المعوقات الإدارية ولكن لا نملك أمام مواقف دول الخليج وفي مقدمتها السعودية، إلا أن نتمني الدعوة المخلصة لإدراك أصحابها لخطورة الوضع الاقتصادى واستمرار ترديه قد يهدد الدولة وهو ما يراهن عليه أعداء مصر المتربصين بها سواء من الجماعة الإرهابية أو من أمريكا والاتحاد الأوروبى وقرار خفض المعونات ليس ببعيد. هناك مخاوف من استغلال رجال الأعمال المناخ الاقتصادى والعودة لممارستهم الاحتكارية ومازالت أمامهم تجربة الشركات الأجنبية؟ - لا نستطيع أن نغلق الباب أمام أحد مادام تنطبق علي مقدمى المشروعات جميع الشروط وأهمها أن أصحابها لم يتورطوا في فساد وملتزمين بالقوانين، أما مسألة الشركات الأجنبية فمن الضروري إفساح المجال لدخول العديد من المستثمرين وإقامة مشروعات متعددة حتي تضمن عدم سيطرة أقلية محتكرة علي الصناعة وهذا معروف في ظل سياسة السوق المفتوح. كيف تري دعوة السيسي لرجال الأعمال لضخ مليار جنيه مساهمة في خروج الاقتصاد من عثرته؟ - هذا جزء بسيط للغاية ممن حصلوا عليه من امتيازات وإعفاءات وأراض حصلوا عليها بمبالغ رمزية وحققوا من ورائها مكاسب طائلة فهو واجب وطني، وبحسب معلوماتي أن الدعوة لم تجد حماسة لدي البعض ولذلك في إطار التغير وبناء مصر الحديثة، فنحن نحتاج إحلال وتوسيع قاعدة رجال الأعمال فسيطرة حوالى 20 رجل أعمال علي الاقتصاد الفترة الماضية لا يمثلون جميع رجال الأعمال بمصر ولا يجب أن نغفل أن هؤلاء الأقلية كانوا السبب المباشر في قيام الثورة لأن أسبابها من الأساس اجتماعية والتي تدهورت مستوي المعيشة للفرد بسبب الأوضاع الاقتصادية، وأعتقد أنه لا عودة لنظام الابتزاز أو ما يعرف بالإرهاب الاقتصادى. هناك رصد لمحاولات من شخصيات مقربة ل«السيسي» تلتف حوله وخاصة من رجال الأعمال تأمل في العودة؟ - هذه المجموعة لا وزن لها وهي تحاول العودة تحت ستار مساندة الدولة والسيسي يدرك أفعالهم ولكن لا مانع من مساهمتهم في إقامة مشروعات مادامت ستفيد البلد وستلتزم بالقانون بمعني الحكومة تأخذ حقها أولاً. ما رأيك في فرض 5٪ ضريبة من الأغنياء؟ - تأتي في إطار المسئولية المجتمعية ولو أنا كرجل أعمال وطني وأحقق أرباحاً مرتفعة ماذا يضيرني أن أدفع هذه النسبة الضئيلة وعلي العكس فهي لا تلبي طموحات الدولة التي نرغب في إعادتها. كيف تنظر لأحكام بطلان بيع الأراضى وبعض المشروعات وخاصة أن معظمها بيع لرجال أعمال خليجيين؟ - أنا لا أعلق علي أحكام القضاء ولكن المفروض أن تجد الحكومة حلاً لهذه المسألة، فالمستثمر العربى لا ذنب له فيما حدث من مسئولين أضروا بقيمة البيع مادام تعامل مع جهات شرعية رسمية وكان البيع سليماً وفقاً لقوانينها، فالاستثمار سمعة ورغم النوايا الطيبة من المستثمرين الخليجيين إلا أن رأس المال جبان ولا يعترف بالعواطف، ولذلك فلابد أن تصدر تشريعات تضمن استقرار المشروعات مادامت تمت وفقاً لإرادة سليمة وإجراءات قانونية لا يشوبها تلاعب من المستثمر فهذه حقوق تمحورت ونتجت عن عقود سليمة وموثقة. ما رأيك في دعوة السيسي لوقف تصدير المواد الخام لمدة أربع سنوات؟ - لا أوافق علي الدعوة في مجملها، فهناك خامات موجودة منذ آلاف السنين لم تستغل وموجودة بمصر بكميات ضخمة، ولذلك فمن مصلحتنا تصدير جزء منها للخارج، خاصة أن مصر تواجه نقصًا حادًا في العملة الصعبة والسعودية خير مثال علي ذلك فهي تقوم بتصدير جزء من خاماتها وتستغل الجزء الآخر في الإنتاج. هناك قرارات صدرت كمنع استيراد سلع لها بديل بالقطاعات الحكومية ووضع المركزي قوائم للسلع التي يقوم البنك بتدبير الدولار لها؟ - هذه القرارات مادامت في صالح الاقتصاد فلا اعتراضات عليها والمفترض الفترة القادمة أن تغير مفهوم التجارة بمعناها الضيق وهو قصر معناها علي الاستيراد والتجارة الداخلية وننتقل لمفهوم أوسع في ظل مفاهيم ومتغيرات تسعي إليها الدولة وهي تجارة الخدمات والترانزيت التي سترتبط بمحور قناة السويس.