ذكرت الإذاعة العامة لإسرائيل أن السفير الإسرائيلى الجديد لدى مصر "حاييم كورين" وصل إلى القاهرة مساء أمس ليتسلم مهام منصبه. وأشارت إلى أن كورين شغل فى الماضى منصب سفير إسرائيل لدى جوبا عاصمة جنوب السودان، حيث يأتى خلفًا للسفير السابق يعقوب أميتاى الذى أنهى مهام منصبه فى العاصمة المصرية. كانت لجنة التعيينات بوزارة الخارجية الإسرائيلية قد أقرت قائمة تعديلات للسفراء بالخارج قبل بضعة أشهر، من بينها تعيين حاييم كورين سفيرًا جديدًا لإسرائيل بالقاهرة، الأمر الذى يطرح الكثير من علامات الاستفهام لاسيما فيما يتعلق بتاريخ الرجل الذى ارتبط بعلاقات وثيقة مع أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية. وببحث سريع فى تاريخه كسفير لإسرائيل بجوبا يتضح أننا لسنا بصدد رجلًا عاديًا، وأن هناك ثمة خطورة مؤكدة على الأمن القومى المصرى تتعلق بتواجد تلك القامة الاستخبارية الخطيرة على الأراضى المصرية. شغل "كورين" العديد من المناصب فى قنصلية إسرائيل بشيكاغو ونيبال والإسكندرية، كما ترأس لجنة رئيس موظفى وزارة الخارجية وقاد صراعًا لإصلاح عملية تعيين السفراء الإسرائيليين بالخارج. يعد كورين من الشخصيات الإسرائيلية المختصة فى رسم علاقات إسرائيل فى القارة الإفريقية، كما تقلد مناصب مهمة فى وزارة الخارجية الإسرائيلية فى قسم التخطيط الإستراتيجي، حيث يعرف عن هذا القسم صلته الوثيقة بالأمن الإسرائيلي، وتنسيقه الكامل معه. تنقل كورين، بين نيبال، والإسكندرية، وشيكاغو، كقنصل هناك، ثم انتدب سفيرا لإسرائيل فى جنوب السودان. كورين متزوج وأب لثلاثة أبناء ويسكن فى مدينة القدسالمحتلة، ويتحدث عدة لغات من بينها العربية والانجليزية والتركية والمجرية وقليل من الفارسية. اتهمته الحكومة السودانية فى أكثر من مناسبة بمشاركته فى توتير العلاقة بين جوباوالخرطوم. لكن اللحظة الفارقة فى سيرة الرجل بدأت مع توليه منصب رئيس قسم التخطيط الاستراتيجى بوزارة الخارجية، وهو القسم الأكثر أهمية فى عملية رسم خريطة الأمن الإسرائيلى الخارجي. فى عام 2011 تم تعيينه سفيرًا لإسرائيل فى تركمانستان، لكن تم إلغاء تعيينه بعد أن رفضت عشق آباد استقباله معتبرة إياه عميلًا لجهاز الاستخبارات الإسرائيلية الموساد، يهدف وجوده إلى جمع المعلومات عن إيران الجارة الجنوبيةلتركمانستان. فى يناير 2012 تم تعيينه سفيرًا لإسرائيل بجنوب السودان، وهناك قاد الرجل مهمة تحويل الدولة الوليدة إلى مستعمرة إسرائيلية وهو ما يعترف به فى إحدى الحوارات النادرة التى أجراها معه الموقع الإلكترونى لقسم العلاقات الدولية فى الجامعة العبرية بتاريخ 26 مايو 2013. وكشف "كورين" النقاب عن الدور الذى لعبه فى هذه العملية فيقول: "بالنسبة لجنوب السودان كان الوضع جديدا، خاصا، حيث تولى كل دول العالم ونولى نحن أيضا أهمية جيو- استراتيجية كبيرة للغاية هناك". وأضاف: "عملنا بشكل مكثف هناك، كان العمل يقتضى طول الوقت تنسيقًا ولقاءات وجولات على الأرض، قمنا بإرسال الرجال إلى هنا (إسرائيل) لدورات، زيارات عمل، ولإكمال دراستهم إلخ- وفى المقابل أرسلنا خبرائنا فى المجالات المختلفة إلى هناك". كانت النتيجة كما يقول السفير الداهية أنه عند الاحتفال بعيد استقلال جنوب السودان كان العديد من المواطنين يرفعون أعلام إسرائيل فى سعادة، بينما ينظر هو بسعادة وفخر. ويمضى السفير الإسرائيلى فيعترف ضمنيًا بمساعدة المليشيات فى جنوب السودان على تنفيذ عمليات ضد جيش الخرطوم فى الشمال فيقول:"يعتبرون أنفسهم فى مثل وضعنا.. بكلمات أخرى هم أبناء ثقافة ودين معين محاطون بالأعداء المنتمين لدين وأصول إثنية مختلفة يسعون إلى تدميرهم. أشرف " كورين" على مشاريع زراعية فى منطقة East Equatoria التى تقع شمال شرق البلاد، كذلك بناء غرف الطوارئ فى عدد من المستشفيات، وإرسال وفود طبية وخبراء فى مجالات التطوير. وكشف السفير الإسرائيلى فى القاهرة عن إشرافه أيضًا على إرسال السودانيين من دولة الجنوب إلى دورات خاصة بهم فى إسرائيل لمدة شهرين برعاية وزارة الخارجية، فى مختلف المجالات، بالإضافة إلى تعليمهم اللغة العبرية، لافتًا إلى أن إسرائيل تحاول جاهدة السيطرة على جنوب السودان وإثيوبيا وكينيا وأوغندا، تلك الدول التى تشكل الممر فى القرن الأفريقى بين الصومال واليمن والبحر الأحمر، رافضًا الإسهاب فى الحديث عن التوغل الإسرائيلى فى تلك الدول. اعتبر "كورين" أن جنوب السودان تملك المقومات لتصبح دولة القرن ال21 نظرًا لاحتوائها على الذهب والنفط والمياه والأرض الخصبة والسماء التى تمطر ثمانية أشهر فى العام والنيل الثرى على حد وصفه. ويختم بقوله: "فكرتنا تدور حول تنظيم حكومة تبدأ بتقديم الخدمات للمواطنين، يكون لديها وعي؛ هكذا تحدث وزير العمل الجنوب سوداني، والذى طلب منى أن أساعدهم فى بناء إدارتهم العامة- ونحن قمنا بذلك أكثر من مرة فى أفريقيا- وبناء المؤسسات". ولد حاييم كورين فى 6 يونيو 1953، وعندما التحق بالخدمة فى الجيش الإسرائيلى عمل كضابط بلواء جولاني، وهو اللواء الذى احتل هضبة الجولان والضفة الغربية فى حرب 1967 كما حارب القوات السورية فى حرب 1973، وكاد أن يدخل دمشق لولا تدخل القوات العراقية. بدأ حياته الأكاديمية بالحصول على البكالوريوس فى دراسات الشرق الأوسط والإسلام بجامعة حيفا، ثم التحق بالعمل فيما يسمى بمكتب المستشار للشئون العربية فى الشمال، والذى يقوم بمهام استخبارية، وهناك أجاد اللغة العربية، وحصل على الماجستير من الجامعة العبرية ودرس لغات أخرى إلى جانب العربية كالتركية، بعد ذلك حصل على الدكتوراه فى معهد الدراسات الآسيوية والأفريقية التابع للجامعة العبرية.