تحت هذا العنوان نشرت مجلة «كومنتاري مجازين» في 7 فبراير سنة 2014 بقلم الكاتب مايكل روبين مقالا يكشف التضارب وازدواج المعايير الذي يعاني منه الامبراطور الذي وضعته عصابة المجمع العسكري الصناعي على عرش واشنطن لتنفيذ أهدافها الإجرامية في حق الشعوب الصغيرة. يقول روبين: يجري النقاش داخل امريكا عن طبيعة الاخوان المسلمين وعن السياسة الصحيحة التي يجب على أمريكا اتباعها حيالهم، فقد كان محمد مرسي أول رئيس مصري منتخب ديمقراطياً، وكان الانقلاب ضده قد فجر تعاطفاً في بعض الدوائر السياسية، وخلق خيبة أمل لهؤلاء الذين يرجون مزيداً من الديمقراطية في المنطقة. وباستثناء قطر لم تكن هناك أي شكوك بين قادة دول مجلس التعاون الخليجي عن مباركة عزل مرسي، ووصف المسئولين بهذه الدول للاخوان بأنهم تنظيم ارهابي غير قابل للتوبة، فسياسة الاخوان تتعارض تماما مع سياسة ممالك الخليج، ولكن الذي أدهشني جداً هو مرارة العداء الذي اظهره معظم الليبراليين في المنطقة للاخوان المسلمين، وعداء من كانوا يدافعون عن الديمقراطية ويعتبرون الاخوان حركة سياسية، والآن يدمغونها بالإرهاب ويعادونها تماماً، وبينما تكلم الاخوان المسلمون كلاما جميلاً عن الديمقراطية، وأثاروا اعجاب الدبلوماسيين الأجانب والمراسلين الصحفيين، بل وإعجاب المصريين الذين طفح بهم الكيل من الفساد خلال عهد مبارك، ظهر الاخوان سريعاً على حقيقتهم بأنهم لم يتطوروا، لا في أيديولوجيتهم ولا في هيكلهم التنظيمي، ونظراً للتنظيم الحديدي لجماعة الاخوان المسلمين، فقد نجحت في اخفاء الديكتاتورية التنظيمية بداخلها والتسلسل القيادي الجامد بداخلها، فشباب اعضاء الجمعية ربما كانوا يأملون سماع مسئوليهم لما يقلقهم، ولكن ما صادفوه هو أنهم كان مفروضاً عليهم سماع وطاعة أوامر رؤسائهم دون مناقشة. فالذي يناقش أو يعترض مصيره العقاب او الطرد من الجماعة وربما ما هو أسوأ، وقد سأل الكثير من الليبراليين بالمنطقة زملاءهم من الليبراليين المصريين عن سبب امتناعهم عن الاتصال بالاخوان وإدخالهم في العملية السياسية بعد الانقلاب الذي وقع ضدهم، وسبب تأييدهم المطلق للجنرال عبد الفتاح السيسي. وقد كان العامل الحاسم في موقف الليبراليين المصريين في معظمهم هو أنهم عندما سألوا اعضاء الاخوان المسلمين عما يريدون، كان رد الاخوان هو التمسك الكامل وعدم التراجع نهائياً عن المطالبة بعودة مرسي للرئاسة والاصرار على شعاراتهم الشهيرة: «الله غايتنا والرسول زعيمنا والقرآن دستورنا والجهاد سبيلنا والموت في سبيل الله أسمى أمانينا»، ولا تنظر جماعة الاخوان للإرهاب كشىء خاطئ بل تنظر اليه كما تنظر للديمقراطية، فكلتاهما وسيلة تكتيكية للوصول الى سلطة الحكم التي هى هدفهم النهائى. ولا يعني ذلك أن السيسي هو المنقذ، فالواقع أنه قد يكون خطراً جداً فليس من الواضح أنه يدرك أن سبب الغضب الشعبي العميق ضد الرئيس الأسبق حسني مبارك ان الفساد الشديد الذي لم يقتصر على مبارك بل شمل الكثير من كبار ضباطه، فإذا عاد السيسي لممارسات الماضي على اساس أن الشعب قد اكتشف الحقيقة البشعة للاخوان المسلمين، فإنه يمهد بذلك الطريق للإخوان للعودة للحكم ربما بقيادة جديدة أكثر كفاءة من مرسي أو بما يمهد الطريق لثورة أكثر عنفاً ودماراً لو أعاد أساليب نظام مبارك. ومن الأمور المثيرة للغضب الشديد بين الليبراليين العرب أن يروا هذا الغزل المستمر بين أوباما وبين الإخوان المسلمين رغم أن هذه الجماعة ترفض الحديث عن التسامح وتعيد اعتناق الإرهاب كوسيلة تكتيكية لتنفيذ خطتها في العودة للحكم. وفي جريدة «واشنطن فري بيكون» أفشى آدم كريدو قصة أن الرئيس أوباما قد استقبل في مكتبه أنس التكريتي العضو المهم في تنظيم الاخوان المسلمين في العراق، وأن أوباما قد سأل أنس عما يريده هو والاخوان المسلمين بالضبط، فإن كان قد فعل فلابد أنه قد صدم من الرد، فلدينا فيديو مدته حوالي 15 دقيقة يتفوه فيه أنسي بأبذأ لغة طائفية لاعنا الجيش العراقي لأنه يضم في صفوفه جنوداً من الشيعة، وكان حديث أنس في اجتماع للاخوان المسلمين في لندن، وقد صرح الناطق بلسان البيت الأبيض لكريدو بأن التكريتي قد أحضر الى البيت الأبيض ليقوم بالترجمة للنجيفي، وهذا التصريح يمثل نصف الحقيقة فقط، فقد كان التكريتي مترجماً ومستشاراً لرئيس البرلمان العراقي السيد أسامة النجيفي، ولم يكن التكريتي موظفاً، بل المستشار الرئيسي للنجيفي، وكما توقف أوباما خلال جنازة نيلسون مانديلا لحظة للحديث مع زعيم ارهابي، إذا به يكرر نفس الشىء مع التكريتي، ويبدو أن مجلس الأمن القومي لدى أوباما وكبار معاونيه يهملون مرة أخرى مراعاة أبسط قواعد السلوك، فالطائفية سم زعاف، وبدلاً من التهاون مع مروجها سواء كان سنياً أو شيعياً، كان الواجب على أوباما رفض السماح لأبشع مروجي الطائفية باستخدام البيت الأبيض كمكان لترويج أفكارهم المسمومة، ولكن يبدو أنه لا يريد التقارب مع هؤلاء الذين ينبذون الطائفية وينادون بمستقبل أكثر تقدمية يقوم فيه كل العاملين بالسياسة بالمناداة بالتسامح والتمسك بالمحاسبة السياسية للمسئولين بدل التقارب مع من يرفضون هذه المبادئ والمشاعر، وفي الختام فعلى امريكا مساندة الدستور المصري الجديد. وإلى هنا ينتهي مقال مايكل روبين، نقلناه بأمانة كاملة قبل أن نعلق عليه، فالمقال في عمومه انتقاد لسياسة أوباما بالنسبة لعزل مرسي، وتأييده المتعصب للإخوان المسلمين ضد مشاعر شعوب المنطقة وعرب الخليج بالذات الذين كانوا دائماً أخلص حلفاء أمريكا بالمنطقة، ويذكر الكاتب أن تصرف أوباما كان ضد مشاعر كل هؤلاء الأصدقاء باستثناء قطر، ورغم صحة عرض الكاتب لطبيعة الفاشية والدكتاتورية المطلقة لتنظيم الاخوان المسلمين، فإنه يحاول التشكيك في دوافع المشير عبدالفتاح السيسي في قيامه بتأييد الثورة الشعبية في 30 يونية التي أطاحت بمرسي وحكم العصابة الارهابية التي ينتمي لها ونكتفي هنا في حدود المساحة المتاحة بملحوظتين هامتين: الأولى أن الكاتب أغفل تماما الحديث عن دوافع أوباما في تعصبه للاخوان المسلمين، ولا نتصور أن الكاتب لم يسمع بمخطط الشر الأمريكي لانشاء شرق أوسط جديد مبني على تفكيك الدول القائمة الى دويلات متعادية على أساس عرقي أو طائفي أو ديني، أي ترسيخ العداء العنصري والطائفي في المنطقة، وأن عصابة الاخوان المسلمين الارهابية كانت الاداة التي قدمت نفسها لخدمة تنفيذ الخطط الامريكي الشرير، وانها كانت أول طائفة من العملاء تقبل التنازل عن اجزاء من أرض مصر التي تعتبرها العصابة الارهابية سكناً وليس وطناً. والملحوظة الثانية أن شعب مصر الآن ليس هو شعبها الذي ظهر فيه عبد الناصر سنة 1952 فقد كسر حاجز الخوف والخوف والجهل تماماً وأن جيش مصر ليس هو نفس جيشها الذي قاده عبد الناصر في الانقلاب العسكري سنة 1952 ومستحيل تماما أن المشير السيسي الذي تصدى في شجاعة نادرة لكل قوى الشر التي تحيط بمصر وساند الثورة الشعبية التي أنقذت مصر من الضياع في 30 يونية لا يدرك أنه لا مكان لناصرية أخرى الآن، وأن حاكم مصر لابد أن يكون حاكماً ديمقراطياً وتدل كل تصرفات السيسي أنه يدرك هذه الحقيقة جيداً. نائب رئيس حزب الوفد