«استمرار هبوط المعدن الأصفر».. أسعار الذهب في مصر بنهاية التعاملات    اندلاع حريق هائل جراء غارات عنيفة للاحتلال على الضاحية الجنوبية لبيروت    عاجل.. بيان جديد من الزمالك: نحترم دولة الإمارات.. ولن نتهاون في تأديب كل من تسبب بالأزمة    محافظ الدقهلية يقرر احالة 210 محضرا بمخالفات الرقابة على الأسواق والتموين للنيابة العامة    مهرجان الجونة السينمائي يعلن أسماء أعضاء لجان التحكيم لمسابقة 2024    عقب انتهاء برغم القانون.. إيمان العاصي توجه رسالة لفريق العمل ماذا قالت ؟    علي الحجار يفتتح حفله بمهرجان الموسيقى العربية بأغنية «المال والبنون»    اليوم الثالث لمؤتمر الصحة والسكان والتنمية البشرية يناقش ملفات الدواء وتنظيم الأسرة والرقمنة    ضبط عامل شرع في قتل صديقه بسبب خلافات بينهما بالعجوزة    كلية القادة والأركان تنظم فعاليات اليوم الوطني للدارسين الوافدين بدورات الكلية    البيت الأبيض: كوريا الشمالية أرسلت 3 آلاف جندي إلى روسيا للقتال ضد أوكرانيا    يونج بويز ضد الإنتر.. طارمى وأرناوتوفيتش فى هجوم العملاق الإيطالى    المصريين الأحرار: يجب على كل حزب توضيح الأيديولوجيا الخاصة به    «لارز للتطوير العمراني» تُطلق مركز أعمال بالعاصمة الإدارية الجديدة    وزير الدفاع الأمريكي: تقاعس إسرائيل عن حماية المدنيين في غزة قد يؤدي إلى رد فعل عنيف يمتد لأجيال    الأزهر الشريف يعقد ندوة تحت عنوان «أمانة الفتوى وأثرها في الاستقرار المجتمعي»    أمين الفتوى: هذه من أفضل الصدقات الجارية عن الميت    تيارات مائية شديدة وتوقف للصيد بشاطئ محافظة بورسعيد.. فيديو    يوسف الشريف يشارك في ندوة نقاشية بمهرجان الجونة السينمائي    إعلام عبرى يكشف تفاضيل زيارة بلينكن لتل أبيب    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تركيب الإنترلوك بسيدي سالم    بث مباشر.. مؤتمر صحفي لرئيس الوزراء عقب الاجتماع الأسبوعي للحكومة    مهرجان القاهرة السينمائي ينظم ورشة للتمثيل مع مروة جبريل    لتغيبه عن العمل.. محافظ البحيرة تقرر إقالة مدير الوحدة الصحية بقرية ديبونو    «تمريض القاهرة» تنظم ندوة حول انتصارات أكتوبر وبناء المستقبل    وزيرة التضامن تشارك في جلسة رفيعة المستوى حول برنامج «نورة»    السجن عام مع إيقاف التنفيذ لسائق بتهمة التعدي على أرض آثار بقنا    مصرع مسن في حادث سير بطريق مطار الغردقة    تحرير 1372 مخالفة للممتنعين عن تركيب الملصق الإلكتروني    «زيارة مفاجئة».. وزير التعليم يتفقد مدارس المطرية | تفاصيل    الشكاوى الحكومية: نتلقى 13 ألف مكالمة يوميًا    رئيس جنوب أفريقيا يطالب بتنفيذ وقف فورى وعاجل لإطلاق النار فى قطاع غزة    هاريس وترامب .. صراع البيت الأبيض في الأيام السوداء    الضرائب تكشف تفاصيل حزم التيسيرات الجديدة    هاني عادل ضيف «واحد من الناس» على قناة «الحياة»    صلاح السعدني.. صدفة منحته لقب «عمدة الدراما»    منها برج العقرب والحوت والسرطان.. الأبراج الأكثر حظًا في شهر نوفمبر 2024    الغنيمى يدعم سلة سموحة قبل بدء الدورى الممتاز    كوكو حارس سيراميكا: مباراة بيراميدز ليست سهلة وسنلعب للفوز ببرونزية السوبر    «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا».. موضوع خطبة الجمعة القادمة    عامر حسين: نفكر في إقامة كأس مصر بنظام الذهاب والعودة    ضمن مبادرة بداية.. مياه الغربية تواصل تقديم الأنشطة الخدمية    محافظ المنيا: تقديم خدمات طبية ل 1168 مواطناً خلال قافلة بسمالوط    وزير الصحة يشهد جلسة حوارية حول التعاون لضمان حصول الجميع على الدواء بأسعار عادلة    المنيا: رئيس مركز سمالوط يشهد لقاء المشاركة المجتمعية بالقرى لمناقشة مشروعات الخطة الاستثمارية    لماذا العمل والعبادة طالما أن دخول الجنة برحمة الله؟.. هكذا رد أمين الفتوى    بحث استخدام العملات المحلية.. جارديان: قمة "بريكس" تعكس فشل الغرب فى عزل موسكو    إعادة تأهيل 60 منزلا في قريتي الروضة 45 والوفاء والأمل بالإسكندرية    التعليم تعلن تفاصيل امتحان العلوم لشهر أكتوبر.. 11 سؤالًا في 50 دقيقة    إصابة 18 شخصا فى حادث أتوبيس بالشرقية    الصحة العالمية: القصف المكثف تسبب فى تأجيل حملة تطعيم شلل الأطفال فى غزة    اليوم.. النادي المصري يلتقي شباب المحمدية بالمغرب    محافظ الغربية يكرم بسملة أبو النني الفائزة بذهبية بطولة العالم في الكاراتيه    «العمل» تُحذر المواطنين من التعامل مع الشركات والصفحات وأرقام الهواتف الوهمية    ارتفاع أرباح بيكر هيوز للخدمات النفطية خلال الربع الثالث    ترحيل ثلاثي الزمالك شلبي ودونجا وعبدالواحد السيد اليوم .. تفاصيل    بركات يوم الجمعة وكيفية استغلالها بالدعاء والعبادات    حسام المندوه يكشف سبب تأخر بيان الزمالك بشأن أزمة الثلاثي |تفاصيل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القرية المصرية تتنازل عن أخلاق "المدينة الفاضلة" وتتحول إلى "شيكاغو"
نشر في الوفد يوم 01 - 07 - 2011

قبل عدة عقود من الآن كانت القرية المصرية مضرب المثل في الأخلاق والتلاحم والأمان ، لكنها لم تنج من حملة التشويه التي قادها نظام مبارك تجاه كل ما هو جميل. وإذا تابعت صفحات الحوادث ستجد حضوراً مؤثراً للقرية فيها، فما من يوم يمر دون حادث كبير بإحدي القري يزيل كل ما عرف عنها من أخلاق وتمسك بالقيم، وتجعلها تتفوق أحياناً علي المدن في الإجرام والخشونة وقلة الضمير.
طالب يشعل النار في والده ثم يذهب لمشاهدة السينما، وشاب يقتل أمه من أجل الحصول علي ذهبها وأموالها، وثالث يقتل والده ويؤكد أنه تلقي أمراً بذلك من السماء، ومدرس موسيقي يتحرش بطالبات في المرحلة الابتدائية، ومجموعة ذئاب يختطفون فتاة في توك توك ويغتصبونها في الزراعات. هذه عينة من الجرائم التي باتت القرية المصرية تشهدها في المرحلة الأخيرة وتحذر بفقدانها لأعز ما تملك من قيم وأخلاق.
الأمر يحتاج إلي تشخيص سريع وعلاج أسرع لذلك ذهبنا إلي الدكتور محمد المهدي أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر الذي أكد أن الصورة النمطية والمثالية للقرية تغيرت كثيراً في الفترة الأخيرة مرجعاً ذلك لعدة عوامل أهمها انتشار الفضائيات ووجود الدش في كل منزل ريفي مما غير المفاهيم لدي الأجيال الجديدة، وجعل الحديث عن الترابط الاجتماعي واحترام الكبير والحياء بلا معني ولا قيمة ولا يحرك لأحد ساكناً، كما عزز هذا الأمر سفر الكثيرين من أبناء القري إلي الخارج بحثاً عن فرصة عمل ثم عودتهم إلي بلادهم يحملون قيماً جديدة وعادات لم تألفها القري في السابق، وتمردهم علي القيم والعادات السائدة في مجتمعاتهم، حتي أنهم باتوا يتهكمون علي القيم الأصيلة التي كانوا جزءاً منها قبل السفر.
المهدي يشير أيضاً إلي هجرة أعداد كبيرة من القري إلي المدن مما أدي لتغيير التركيبة الاجتماعية للقرية، بصورة أدت بالتبعية إلي تغيير التركيبة النفسية والاجتماعية والأخلاقية في القرية فضلاً عن تغير الأنماط السلوكية لأبنائها مثل تعاطي المخدرات بأنواعها وارتكاب الجرائم الجنسية والسطو وكل أشكال العنف التي كانت حتي وقت قريب بعيدة عن قاموس المجتمع القروي.
ويضيف أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر ضعف السلطة الأبوية، وضياع الاحترام الأزلي لكبير الأسرة وكبير العائلة وكبير القرية الذين كانوا يسيطرون علي كل شيء في السابق وكانت كلمتهم سيفاً علي رقاب الجميع، وعلي العكس باتت هذه الرموز تنال قدراً كبيراً من السخرية والاستهزاء في انهيار واضح للنظام الأبوي الذي حكم القري المصرية لقرون.
العامل الاقتصادي أيضاً لا يمكن تجاهله - بحسب المهدي - ففي الماضي كانت الثروة تتركز في يد الكبير، فالأب يملك الأرض الزراعية وما عليها من خيرات فكانت تؤول له بالتبعية سلطة التوجيه واتخاذ القرار، أما الآن ومع تفتت الرقعة الزراعية وإصرار الأبناء علي البحث عن مصدر رزق مستقل عن الأسرة، قلص من سلطة الأب وجعلها شكلية.
ويكتب المهدي روشتة العلاج لهذه المشاكل وتتمثل في الإدراك الكامل لما وصلنا له دون مواربة أو خداع، ثم الرغبة الكاملة والصادقة في العلاج، مؤكداً أن الحل دوماً يبدأ من عند المثقفين والمفكرين وقادة الرأي وكذلك القيادات الدينية والسياسية القادرة علي التأثير في المجتمع والتعامل مع أمراضه، فضلاً عن توجيهه للاتجاه الصحيح.
ويشدد علي ضرورة إعادة الاعتبار للرموز الدينية والثقافية والسياسية، إضافة إلي تشجيع العمل الحزبي المنضبط الذي يربي الكوادر علي قيم وأخلاقيات إيجابية، والأكيد أنه بعد ثورة 25 يناير العظيمة سيكون هناك تغيير شامل في جميع نواحي الحياة، لأن من قاموا بهذه الثورة البيضاء قادرون علي فعل أي شيء.
أما الدكتور حمدي شلبي أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر فيري أن انتشار الجريمة في القرية له العديد من الأسباب أهمها: ضعف الوازع الديني حيث أصبح الاختلاط سائداً داخل العائلة دون مراعاة الضوابط والآداب الشرعية، ثم ارتفاع معدلات الأمية داخل القري لأن الجهل بعواقب الفعل يشجع علي الإقدام عليه، وكذلك مشاهدة الأفلام البوليسية والإباحية والتي تحرك غرائز الشباب وتدفعهم إلي التقليد، والفقر وتدني الحالة الاقتصادية، وغلاء المعيشة بما يجعل الأسر غير قادرة علي توفير متطلبات أفرادها، وأصدقاء السوء وعدم العدل بين الأبناء وكثرة عدد المقاهي التي تجمع العاطلين وتجعلهم يتفقون علي الشر.
أما محمد خضر، أحد أبناء قرية طنيح، فيحكي قصة إحدي الجرائم الغريبة بالقري قائلاً: استيقظت القرية في أحد الأيام علي جريمة بشعة وهي قيام محمد محمد هلال بقتل والده الذي يبلغ من العمر 80 عاماً، والغريب أن الشاب اعترف في النيابة أنه أقدم علي الجريمة بعد تلقيه أمراً من السماء بذلك ولم يستطع أن يخالفه.
فيما يعزي الشيخ سعد الفقي، وكيل مديرية أوقاف الدقهلية، انتشار الجريمة في القرية إلي انصراف الناس عن دينهم وغياب دور أئمة المساجد بحيث باتوا يتحرجون من الحديث عن مشاكل الأسرة في القرية خوفاً من الحساسيات والمشاكل، وكذلك اهتمام النظام البائد بالأمن السياسي دون توفير الأمن الكافي داخل القري لأن الشاب يفكر ألف مرة في ارتكاب الجريمة لو لمس الانتشار الأمني داخل قريته، موضحاً أن المخرج الوحيد من هذه الأزمة غرس الوازع الديني في نفوس الشباب لأنه كفيل بحمايتهم من الجنوح والشطط.
ويؤكد اللواء حسام الصيرفي، الخبير الأمني، أن القرية المصرية حدثت لها تغيرات كبيرة، وباتت لا تختلف كثيراً عن المدن، ففي حين كانت القرية كلها تعلن الحداد لوفاة أحد أبنائها، وتحظر قيام الأفراح لعدة أسابيع، بات حفل الزفاف الذي يضم الراقصات يقام بجوار المأتم دون أدني اعتبار لمشاعر أسرة المتوفي. ويشدد الصيرفي علي ضرورة تشديد التواجد الأمني داخل القري وتغيير استراتيجيات الأمن السابقة في التعامل معها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.