بدأت الحكومة الليبية منذ فترة ليست بالقصيرة، السعى لدى الدول التى يقيم بها المسئولون بالنظام الليبى السابق من أجل استلامهم ومحاكمتهم على ما أرتكبوه خلال ثورة 17 فبراير وما قبلها، من جرائم فساد واختلاسات وقتل للثوار. وفى هذا السياق، تسلمت السلطات الليبية من النيجر فى ساعة مبكرة من صباح اليوم الخميس الساعدى القذافي، نجل العقيد معمر القذافي. وتعهدت الحكومة وفقا لما نشرته على موقعها الإلكترونى ب"التزامها معاملة المتهم وفق أسس العدالة والمعايير الدولية فى التعامل مع السجناء". وكان الساعدى قد فر فى سبتمبر 2011 إلى النيجر التى منحته سطاتها حق اللجوء "لأسباب إنسانية"، قبل شهر من مقتل والده وسقوط نظامه. وقال عتمان الفلالى المسئول الإعلامى بسجن الهضبة الليبى -فى تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط- إن مؤسسة الإصلاح والتأهيل "الهضية" التابعة لجهاز الشرطة القضائية بوزارة العدل تسلمت الساعدى القذافى أبرز المطلوبين للعدالة. وأضاف أن الساعدى خضع فور تسلمه للكشف الشامل من قبل اللجنة الطبية المختصة لينضم إلى بقية الموقوفين داخل المؤسسة بأمر النائب العام، وأنه تم اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير اللازمة التى تمكن النيابة العامة من مباشرة التحقيق معه. من جانبها، وجهت الحكومة الليبية المؤقتة -فى بيان- الشكر لرئيس جمهورية النيجر محمد يوسفو والحكومة والشعب النيجيرى على تعاونهم فى تسليم الساعدى القذافى الى السلطات الليبية، مؤكدة استمرار جهودها فى المطالبة بتسليم كافة من أجرم فى حق الشعب الليبي، وأن المتهم سيلقى المعاملة والضمانات القانونية التى تكفل محاكمة عادلة وفقا للقانون. فيما هنأت رئاسة المؤتمر الوطنى العام الشعب الليبي، وأسر الشهداء والمفقودين باستلام المتهم الساعدى القذافى من قبل النائب العام وإيداعه أحد سجون الدولة الليبية تحت حراسة الشرطة القضائية. وأكد مكتب النائب العام، اتخاذ الإجراءات الأولية كافة فيما يتعلق بفتح ملف التحقيق مع المتهم الساعدى القذافي، أبرز المطلوبين للعدالة، والمتهم بالدعم والتورط فى قمع ثورة السابع عشر من فبراير، فور تسلمه من قبل النيجر، وفق المعايير الدولية المعمول بها. وقال رئيس قسم التحقيقات بمكتب النائب العام الصديق الصور إن الساعدى القذافى متهم بعدة قضايا جنائية، لارتباطه بالقضية رقم (630/2012) ذات الصلة بمتهمين آخرين صدرت بحقهم بطاقات حمراء من قبل الشرطة الدولية "الإنتربول" بعد حرب التحرير عام 2011. وأضاف أن عددا من أبرز المتهمين فى القضية المشار إليها، تم جلبهم واستعادتهم من الخارج خلال السنوات الماضية، وبدأت جلسات محاكمتهم، ومنهم: البغدادى المحمودى من تونس، وعبد الله السنوسى من موريتانيا، وعبد الله منصور من النيجر، وآخرون هم الآن تحت حماية جهاز الشرطة القضائية التابع لوزارة العدل بأمر من النائب العام. بدوره، أكد عضو المؤتمر الوطنى الليبى العام عبدالرحمن السويحلى أن تسليم الساعدى القذافى للسلطات الليبية سيساعد كثيرا على استقرار وتوفير الأمن فى ليبيا، معربا عن شكره وتقديره للنيجر حكومة وشعبا على هذه الخطوة التى اتخذتها لصالح الشعب الليبى والتى ستساعد على تحقيق العدالة والقصاص ممن كان سببا فى الاستبداد وقتل الأبرياء. وتتهم السلطات الليبية الساعدى -الابن الثالث للعقيد الراحل معمر القذافي- بالاستيلاء على أملاك بالقوة حين كان يدير جامعة كرة القدم الليبية، وأصدرت الشرطة الدولية "إنتربول" بحقه "مذكرة حمراء" لتطلب من أعضائها ال188 توقيفه. وفى منتصف فبراير الماضي، تسلمت ليبيا من النيجر مسؤول ملف الإعلام فى النظام السابق، عبدالله منصور، بعد أيام قليلة من القبض عليه، بحسب ما أعلن رئيس الوزراء الليبى على زيدان، الذى أوضح أن منصور "وضع تحت إمرة النائب العام، وسيتم التعامل معه وفق مقتضيات القوانين المحلية والدولية". وكانت الحكومة الليبية قد أرسلت وفدا إلى النيجر لحثها على تسليم الساعدى وعدد من المسؤولين العسكريين التابعين للنظام السابق.