رحلت الحكومة وبقيت الدولة ومؤسساتها، بعد حالة العبث الإخوانى لإسقاطها، نقول شكراً للدكتور حازم الببلاوى الذى تولى الأمانة فى وقت بالغ الدقة والصعوبة بعد ثورة 30 يونية، وعمل بإخلاص النية ونقاء العزيمة، لكن أداء حكومته لم يكن على قدر طموح الشعب المصرى عندما انفصلت عن الشارع، وأصبح التغيير ضرورياً لضخ دماء جديدة تتولى المسئولية وتلتحم بالجماهير. لن تنتهى المشاكل باستقالة حكومة الببلاوى، فقد خلفت وراءها تركة ثقيلة تجعل مهمة الحكومة الجديدة أصعب فى التعامل مع الفوضى والتسيب، والمطلوب أن تستهل الحكومة الجديدة عملها بخطاب إلى الجماهير فى شكل بيان حالة لشرح حقيقة الوضع السياسى والاقتصادى بدقة، ووضع تعريف واضح للعدالة الاجتماعية لتسهيل عملية دفاعها عن نفسها ومحاسبتها وتحديد خططها بدقة، وإعلان أسلوب مبتكر للتعامل مع أزمة السياحة والبطالة واستغلال طاقات الشباب، وتنشيط الاستثمار وفض مشاكل المستثمرين. الحكومة الجديدة يجب أن تكون محايدة لأنها ستتولى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وقد تستمر مع رئيس الجمهورية الجديد فى حالة تمسكه بها وطرح رئيس الوزراء على مجلس النواب، المهندس إبراهيم محلب المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة نجح فى التعامل مع الشارع، ومشهود له بالحماس والإخلاص فى العمل، يحب الإنجاز، ينزل الى الشارع ويتواصل مع الناس، ويناقشهم حتى وهو وزير للإسكان، شرب من ثقافة «المقاولون العرب» ورفع شعار العمل ثم العمل ولا يؤجل عمل اليوم الى الغد. البلد كان فى حاجة الى بناء ماهر مثل المهندس إبراهيم محلب صاحب قرار يبدأ بوقف حالة الفوضى فى الشارع وأخصها مهرجان الإضرابات، استناداً الى القبول الذى يتمتع به عند الجميع، ثقة فى صراحته، ومن عاداته أنه لا يقول شيئاً ويعلم أنه لا يفى به. المطلوب ألا تطول فترة المشاورات فى تشكيل الحكومة الجديدة، لانملك رفاهية الوقت، البلد يواجه إرهاباً أسود لا يتوقف من الجماعة الظلامية، كما أن هناك انفلاتاً فى الشارع وراءه أصحاب المطالب الفئوية، وأزمة بدء الفصل الدراسى الثانى بالمدارس والجامعات، التى عجزت الحكومة المستقيلة أمامها، وفشلت فى اتخاذ قرار بشأنها، واتجهت الى التأجيل حتى اقتربنا من نهاية العام، كما أن هناك أكبر حدثين سياسيين أمام الحكومة الجديدة، وهما إجراء الاستحقاقين الرئاسى والبرلمانى. ويتطلبان تركيزاً شديداً من الحكومة لتنفيذ قانون الانتخابات الرئاسية فى الانتخابات القادمة. والمشاركة فى إصدار قانون الانتخابات النيابية وإجراء الانتخابات فى حياد تام. ليس كل الوزراء الحاليين سوف يخرجون فى الحكومة الجديدة، هناك وزراء أعطوا وقادرون على العطاء مطلوب استمرارهم فى المرحلة الجديدة وهؤلاء معروفون، كما أن هناك وزراء أخفقوا، وتغييرهم ضرورة، وللأسف هم من الوزراء السياسيين، وربما يرجع فشلهم الى نقص الخبرة أو العمل تحت ضغط من الشارع أو الانحياز لتوجه سياسى. من مصلحة مصر استمرار المشير عبدالفتاح السيسى وزيراً للدفاع، ويحلف اليمين مع الحكومة الجديدة، ولا يقدم استقالته للترشح للرئاسة إلا بعد صدور قانون الانتخابات الرئاسية الذى يتعثر ولا يعلم أحد متى يصدره الرئيس المؤقت عدلى منصور، هناك حالة تربص بالجيش المصرى تقتضى استمرار السيسى فى منصب وزير الدفاع حالياً، كان المطروح إجراء تعديل وزارى محدود يخرج فيه السيسى للترشح للرئاسة، وعدد قليل من الوزراء، ويستمر الببلاوى، ولكن استقالت الحكومة بالكامل، واستقالتها كانت مطلباً شعبياً، لكن كان من الأفضل أن تكون الاستقالة بعد صدور قانون الانتخابات الرئاسية، حتى يكون الوقت مناسباً لخروج السيسى للترشح للرئاسة وعدم وضع المؤسسة العسكرية فى المأذق الحالى، لكن فاض الكيل بالببلاوى وخرج وفى حلقه غصة من الإعلام المصرى الذى يعتقد أنه لم يوفه حقه.