اللهم ارجع خفافيش الظلام إلى جحورهم، أولئك الذين يريدون أن يحكموا الوطن بمعتقداتهم الفاسدة.. أو يحرقوه. ويدعون حرصهم على الإسلام وهم أشد عداوة له من ألد أعدائه. إنهم خوارج العصر الحالي مثل سابقيهم من الخوارج الذين ظهروا في عصر الخلافة الذي يتشدقون به، والواقع المرير أن عصر الخلافة لم يدم إلا لرجلين فقط هما أبو بكر وعمر رضوان الله عليهما. أما الثالث ذو النورين عثمان فقد تسّور الخوارج داره وقتلوه، وهو يقرأ القرآن الذي اجتهد وجمعه من أفواه الصحابة الحافظين قبل أن يموتوا فيضيع.. رغم أن الله حافظه.. قتلوه وهو الشيخ الورع ولم يراعوا ذلك ولم يشفع لديهم أنه زوج ابنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وأنه من السابقين للإسلام وطالما سخّر ماله الوفير لنصرة دين الله.. ثم قتلوا الخليفة الراشد الرابع علي بن أبي طالب رضوان الله عليه.. وانتهت بذلك فترة الخلافة الحقيقية لرسول الله.. واستولى معاوية بن أبي سفيان الذي دخل وأبوه الإسلام خوفاً وطمعاً يوم فتح مكة.. استولى على الحكم وأقام نفسه في الشام أميرا على المؤمنين وورَّثها لابنه الفاسد يزيد بالقهر وحد السيف حتى إن أحد الصحابة الأجلاء قالها في وجهه.. أهرقليه يا بن ابي سفيان؟ أي يموت هرقل فيأتي هرقل آخر حاكم للبلاد.. أم أنهم يريدون الخلافة العثمانية التي استعمرت البلاد، واستولت على خيراتها حتى تحررت مصر منهم بعد طول هوان. ولقد شهد التاريخ الإسلامي نماذج أخرى للخوارج كان جل همهم الحكم والسلطة والسيطرة على البلاد والعباد نذكر منهم القرامطة وفئة الحشاشين الإسماعيلية. وغيرهم ممن يزج بهم التاريخ في وجه الحياة والناس.. حتى وصلنا إلى خوارج عصرنا ممن يطلقون على أنفسهم «الإخوان المسلمين» والذين أسسوا جماعتهم منذ نيف وثمانين عاماً على يد ساعاتي يدعى حسن البنا مدَّ يده للاستعمار الإنجليزي في مصر ليكوَّن بأموالهم جماعته التي سماها إسلامية ودعوية ولم يكن ذلك إلا في الشكل العام فقط.. أما المضمون فاتضح ونضج على يد منظرهم سيد قطب وتحولوا إلى قتلة وسفاحين ومخربين ومحِّرقين للوطن وهمهم الحكم والسيطرة أيضا وإلا عاثوا في الأرض الفساد. هذه مقدمة كان لابد منها.. أما من أحببت الكتابة عنه فهو إعجابي الشديد بالشيخ الجليل أستاذ الشريعة في جامعة الأزهر الدكتور أحمد كريمه، الفقيه المستنير العارف بالشريعة الإسلامية على حق. والمتفائل بالعام الجديد الحالي وبأنه سيحمل الخير لمصر وسينزاح فيه الكابوس الذي ختم على قلبها وابتليت به منذ ثورتها الأولى.. كما أسعدني قوله الأثير والذي اتخذته عنوانا لمقالي بأن «مصر بلد الله».. واستدل على ذلك بأن الله عز وجل لم يتجل على أرض في الكون كله إلا في أرض مصر في سيناء، حين طلب منه موسى عليه السلام أن يراه.. وهذا التجلي من المولى عز وجل على أرض الكنانة يعطي لمصر العزة والفخر ويطمئنها أنها في أمن وفي خير إلى يوم الدين مهما حاول المفسدون الضالون. كما ذكَّرنا الشيخ الجليل بما ربما نسيناه كمصريين وعرب من أن المصريين هم أخوال العرب.. وأنه إذا كانت بعض الدول العربية الأصيلة الشقيقة كالسعودية والكويت والإمارات تقف مادياً ومعنوياً بجانب مصر بعد ثورتها الثانية في 30 يونيو فإنما هي بذلك تصل رحمها ممثلاً في أخوالها شعب مصر.. حيث إن العرب العاربة التي تنتشر الآن في الجزيرة العربية وفي الخليج وجدهم جميعاً الأكبر هو إسماعيل عليه السلام ابن هاجر المصرية.. كما أشار فضيلته إلى مدى رحابة الإسلام ومدى سماحته حين يتزوج الرسول الكريم من مارية القبطية التي أهداها له عظيم مصر المقوقس ومازال المسلمون إلى يومنا هذا يصفونها وهي زوجة رسولهم وأم ولده إبراهيم بالقبطية.. بل إنه صلوات الله وسلامه عليه يتزوج أيضا بنت كبير يهود بني قريظة حيي بن أخطب.. وتكون المسيحية واليهودية زوجتين لرسول الإسلام، وفي بيت النبوة ومن أمهات المسلمين، أي عظمة وسماحة وسمو أكبر من ذلك لكي يتعلم الضالون المفسدون باسم الإسلام العظيم الذي يحترم كل الديانات السماوية السابقة عليه ويؤمن بها بنص القرآن الكريم.. «آمن الرسول.....» إلى آخر الآية الكريمة.. إن الأفكار الهدامة والتي أسس ونظر لها زعيم الإرهابيين الروحي سيد قطب ليست في واقع الأمر من الدين ولا من التدين في شيء.. وإنما الهدف من ورائها السيطرة على البلاد والعباد.. ليس إلا. لكني أدعو كل المصريين أن يتكاتفوا من أجل مصر وأن يحبوا بعضهم بعضاً من أجل مصر وأن يراعوا ظروف بعضهم البعض من أجل مصر.. فلا يجوز أبداً أن يستغل بعضنا بعضاً.. لا يعقل ونحن جميعا في هذه الظروف الصعبة أن يغالي التجار والصناع والباعة من كل لون في أسعارهم.. هذا غير مقبول ولا معقول. لن نسترد بلدنا مصر ولن تعود إلينا حلوة كما كانت إلا بأن نتكاتف ونعمل لها في محبة صادقة فيما بيننا وأن نصبر عليها حتى نخرج بها وبأنفسنا إلى ما نحب ونرضاه ونتمناه في العيش الكريم والحرية الحقيقية والعدالة الاجتماعية.. فالحب هو طريق الأمل لعودة مصر لنا حرة أبية عصية على أعدائها الذين للأسف يعيثون على أرضها فساداً ويخربون ويتعاونون مع أعدائها في الخارج لكسرها وضياعها فلا تساعدوهم بالنظرة القصيرة والتصرفات غير الواعية من إضرابات للعمال وخلافه للوصول إلى أهدافهم لا سمح الله.