تلقيت العديد من التعليقات على قضية رد الاعتبار، البعض أرسل تعليقاته عبر البريد الالكتروني، والبعض الآخر كان من الأصدقاء فتحدث معي عبر المحمول، أغلب التعليقات كانت استفهامية، فقد طرحوا بعض الأسئلة حول مفهوم رد الاعتبار، والبعض الآخر طالبنى بأن أذكر بعض النماذج لكى تتضح الصورة جيدا، وبالطبع اعتذرت عن ذكر اسماء بعض الشخصيات التى تقدمت بالفعل للترشح واستبعدت بسبب عدم حصولها على حكم قضائى برد اعتبارهم، واعتذرت كذلك عن ذكر اسماء من حصلوا على أحكام برد اعتبارهم تمهيدا لترشحهم لعضوية البرلمان أو رئاسة الجمهورية. وبعيدا عن أرقام القوانين وموادها نوضح القضية ببساطة، وهى أن أحد الأشخاص(شخصية وهمية كنموذج) كان يتاجر فى المخدرات لسنوات، يبيع مخدر الحشيش والبانجو والهيروين أو يبيع الحبوب المخدرة، فى أحد الأيام اكتشفت المباحث أمره، أعدت أكمنة وألقت القبض عليه وبحوزته كمية من المخدرات، أحيل للنيابة ومنها إلى المحكمة، بعد فترة تداول قضت المحكمة بسجنه لمدة سبع سنوات، تم ترحيله إلى السجن وقضى العقوبة ثم أفرج عنه وعاد إلى منزله، هذا الشخص هل يجوز له أن يباشر حقوقه السياسية؟، هل يمكن ترشحه لعضوية البرلمان أو لمنصب رئاسة الجمهورية؟. الإجابة نعم، كيف؟، القانون(قانون مباشرة الحقوق السياسية) سمح له بالتصويت وبالترشح بشرط أن يحصل على رد اعتبار، يعنى إيه رد اعتبار؟، رد الاعتبار هو ببساطة شديدة إسقاط السابقة أو الجريمة التى اقترفها فى حق المجتمع من سجله أو تاريخه أو مما يصطلح عليه من صحيفة الحالة الجنائية، وكيف يسقط جريمته؟، وما علاقة إسقاط السابقة من صحيفته وما سمى برد الاعتبار؟. إسقاط السابقة الأولى يسمى فى القانون: رد اعتبار، بمعنى أن القانون منح أصحاب السابقة الأولى فرصة للتكيف مرة أخرى والعودة لصفوف المجتمع، فالله غفور رحيم، فإذا تاب وعاد عن إجرامه يفتح المجتمع له بابه، لهذا سمح قانون الإجراءات الجنائية له بأن يرد اعتباره ويسقط جريمته التى تاب عنها، ورد الاعتبار حسب القانون يكون عن طريقين، الأول قضائى: فيتقدم للمحكمة بعد مرور ست سنوات من قضاء العقوبة، أى بعد خروجه من السجن بست سنوات، ويقدم للمحكمة ما يثبت أنه تاب وعدل عن طريق الإجرام، إذا تأكدت المحكمة من حسن سلوكه وأنه رجع بالفعل عن الإجرام توافق له على طلبه وتسقط جريمته من صحيفة حالته الجنائية. النوع الثاني لرد الاعتبار وهو قانونى: فقد نص القانون على إسقاط السابقة الأولى بعد مرور 12 سنة من قضاء العقوبة، أى تسقط من تلقاء نفسها بدون التقدم إلى المحكمة. ما دخل كل هذا بالترشح لمنصب رئيس الجمهورية وعضوية البرلمان؟، وهل يعقل أن يتقدم تاجر المخدرات سابقا إلى منصب الرئاسة أو عضوية البرلمان؟، نعم قانون مباشرة الحقوق السياسية سمح للمجرم السابق أن يتقدم لأرفع منصب فى البلاد، وافق له أن يكون رمزا للوطن وللمواطنين، وذلك بحصوله على رد الاعتبار القضائي أو القانوني، فيقدم ضمن المستندات المطلوبة للترشح حكماً قضائياً بأنه تاجر مخدرات سابق، أو قواد سابقا أو حرامى وتاب، أو قاتل وتوقف عن القتل، أو مزور ربنا هداه. نعود للسؤال الأم: هل يعقل أن يترشح القواد والمرتشى والارهابى وتاجر المخدرات والحرامى والمزور والقاتل والمدمن والمغتصب وقاطع الطريق لمنصب الرئاسة أو عضوية البرلمان؟، هل من اللائق أن يكون رئيس جمهورية مصر قواداً سابقاً أو تاجر مخدرات أو مزوراً وربنا تاب عليه؟، هل يعقل أن يمثل الحرامى والإرهابى والمرتشى الشعب المصرى فى برلمانه؟..