أكد المستشار حسنى محمد السلامونى، نائب رئيس مجلس الدولة، رئيس محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية، رئيس نادى قضاة مجلس الدولة، أن الأزمة بين مجلس الدولة والنيابة الإدارية مفتعلة، ومفجرها لا يدرك جيداً حساسية الوضع فى هذه المرحلة الخطيرة من عمر الأمة المصرية، وأن هذه الأزمة تكرار لما حدث وقت وضع دستور 2012 المعطل واستناداً إلى الأسباب التى تم الرد عليها تفصيلا آنذاك والتى أثبتت الأيام أنها لم تكن السبب الحقيقى لما يثيره السادة أعضاء هيئتى قضايا الدولة والنيابة الإدارية. وقال «السلامونى» فى حواره مع «الوفد»: إنه سبق لهيئة النيابة الإدارية أن طالبت بأن تختص بالتحقيق والتصرف فى جرائم المال العام التى هى من صميم اختصاص الأموال العامة. كما طالبت بأن يتم إسناد القضاء التأديبى لها لذات الأسباب التى تثيرها هذه الأيام. وأضاف أن أعضاء هيئة قضايا الدولة سبق لهم أن طالبوا بإنشاء نيابة مدنية يتولون القيام بمهامها، وقد تم الرد على كل هذه المطالبات وقت إعداد دستور 2012 وانتهى المطاف إلى الاكتفاء فقط على هاتين الهيئتين فى الدستور ومنحهما المميزات والحصانات المقررة للقضاة، ولذلك لم يكن من المناسب إثارة هذا الموضوع هذه الأيام لذات الأسباب التى سبق الرد عليها. وأضاف «السلامونى» أن الرد على تلك المطالبات هو أن الادعاء بأن المحاكمات التأديبية كانت فى الأصل من اختصاص النيابة الإدارية لورودها فى القانون رقم 117 لسنة 58 بتنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية، وهذا مردود عليه بأن هذا القانون ينقسم إلى قسمين هو تنظيم هيئة النيابة الإدارية من حيث تشكيلها وتحديد اختصاصاتها، وهذا القسم يخص النيابة الإدارية وحدها دون غيرها. أما القسم الثانى من هذا القانون فهو يخص تنظيم المحاكمات التأديبية، وهو ينص على تشكيل هذه المحاكم من قضاة مجلس الدولة بجانب عنصر غير قضائى وكل علاقة النيابة الإدارية لهذه المحاكم هو تمثيل الادعاء أمامها، كما تمثل النيابة العامة الادعاء فى المحاكم الجنائية، ومن ثم فإن مجرد النص على المحاكم التأديبية فى القانون لا يعنى أن هذه المحاكم كانت فى أى يوم من الأيام جزءاً من النيابة الإدارية، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإنه اعتباراً من صدور القانون رقم 46 لسنة 72 بشان مجلس الدولة فإن هذه المحاكم أصبحت تابعة كلياً لمجلس الدولة، وأصبح تشكيلها كاملاً من قضاة مجلس الدولة ومنذ ذلك التاريخ، والأمور مستقرة على أن القضاء التأديبى جزء لا يتجزأ من مجلس الدولة. وأكد المطالبة بإنشاء قضاء تأديبى كجهة قضائية مستقلة يأتى عكس كل ما استقرت عليه الأنظمة القضائية فى العالم من أن النظام القضائى إما أن يكون موحدا، كما فى أمريكا وإما أن يكون مزدوجاً كما هو الحال فى مصر وفرنسا، حيث يكون هناك فرعان فقط للقضاء والقضاء العادى والإدارى «مجلس الدولة» أما إنشاء جهة قضائية ثالثة فلا يوجد فى العالم. وأضاف أن ما يقال عن تأخير الفصل فى الدعاوى التأديبية هو قول غير صحيح تماما لأن التحقيق الذى يستغرق سنوات فى النيابة الإدارية يتم الفصل فيه خلال شهور معدودة فى مجلس الدولة، ولا يجوز أن يتحمل مجلس الدولة التأخير والمعاناة التى يلقاها الموظف حال التحقيق معه عن طريق النيابة الإدارية. يبدو أن السبب الحقيقى فيما تطالب به النيابة الإدارية هو أن بعض أعضائها لا يحبون عملهم وغير مقتنعين به وأنه لا يرضى طموحاتهم وهو ما دفع بعضهم إلى تصرف عجيب، وهو محاولة إقناع الناس بأن عملهم ليس على الدرجة المطلوبة من الأهمية حتى إنه يستطيع أن يقوم به أى موظف شئون قانونية فى مصلحة حكومية ونظرة هذا البعض إلى وظيفته هى نظرة غير صحيحة لأنه لولا أن المشرع قد رأى أن عمل النيابة الإدارية على قدر من الأهمية لما تم إنشاؤها من الأصل. أما بالنسبة لهيئة قضايا الدولة فإن عملها ينحصر فى الدفاع عن الحكومة فى القضايا المرفوعة عليها فى جميع المحاكم وهذه مهمة جليلة لا تقل عن الجلوس على منصة القضاء وهى المهمة التى تم إنشاء الهيئة من أجلها وليس صحيحا ما يردده أعضاء هذه الهيئة من أن عملهم يستطيع أن يقوم به أى محام فى الشئون القانونية وهذا أيضا غير صحيح، لأنه لو كان الأمر كذلك لما كان هناك داعٍ لإنشاء هيئة قضايا الدولة مع العلم أنها أقدم الهيئات القضائية فى مصر وقت أن كان اسمها لجنة قضايا الحكومة ثم قلم قضايا الحكومة ثم هيئة قضايا الدولة، ورداً على ما يقال من أن هيئة قضايا الدولة هى الأساس فى انشاء مجلس الدولة، فإن ذلك -حتى على فرض صحته- فإنه يثبت أن مجلس الدولة كيان متميز لا يستطيع أن يقوم بمهمته أحد آخر إلا قضاة، ومن العبث القول إن هناك جهة قضائية تعد فرعاً من جهة أو هيئة أخرى ولكن لكل هيئة قضائية خصائصها التى أنشئت من أجلها، ورداً على ما تطالب به هيئة قضايا الدولة من إسناد الفتوى والتشريع لها فإن ذلك مردود عليه أنه مخطئ من يتخيل أن الفتوى هى أسهل أو أقل شأناً من القضاء لأن حكم القاضى هناك فرصة للطعن عليه بالاستئناف ثم النقض، ولكن الفتوى لا استئناف لها، ومن يتصد للفتوى يجب أن يكون مؤهلاً لذلك علميا وعمليا فى ضوء الخبرات المتراكمة منذ إنشاء مجلس الدولة عام 1946 حتى الآن، ولا يستطيع أن يقوم بهذه المهمة إلا مجلس الدولة. أين وصلت الأزمة بين الهيئات القضائية؟ - ليست هناك ازمة بل كانت محاولة استغلال الظرف الراهن وعدم وجود قضاة فى لجنة الخمسين للحصول على أكبر قدر ممكن من المميزات لصالح الهيئتين المذكورتين، ولكن أعتقد أن الأمر اتضح حاليا واستمرت هذه الزوبعة دون تحقيق أى انتقاص من اختصاصات مجلس الدولة وهو ما كان يعرفه الجميع مسبقا لأن مجلس الدولة هو مكسب شعبى يجب على الجميع مساندته وتدعيمه وليس الانتقاص منه أو إضعافه ويكفى شهادة الجميع بأن مجلس الدولة بأحكامه الرائعة كان هو المفجر لثورة 25 يناير، وتم إصدار 3 آلاف حكم بإبطال الانتخابات فى جميع دوائر الجمهورية فى 2010 وهو الحكم الذى أشعل شرارة الثورة فى كل قرى ومحافظات الجمهورية، وقد صدرت كل هذه الأحكام خلال مدة لا تجاوز شهراً واحداً قبل إجراء الانتخابات، وهذا أبلغ رد ويكفى الأحكام التى صدرت بعد الثورة بحل الحزب الوطنى والمحليات والسماح للمصريين بالخارج للتصويت وإعادة شركات القطاع العام التى تم بيعها وغير ذلك من الأحكام. كيف ترى مسلك لجنة الخمسين فى مسألة القضاء التأديبى؟ - حتى الآن لا يوجد هناك دليل قاطع على اتجاه لجنة الخمسين ولكنى فقط اعترض على محاولة استغلال خلو اللجنة من العنصر القضائي لتمرير مشاريع وأفكار يرفضها الفكر القانونى السليم مثل موضوع إسناد القضاء التأديبى إلى النيابة الإدارية الذى يناقض ما استقر عليه الفكر القانونى فى العالم كله من عدم الجمع بين سلطة الاتهام وسلطة الفصل فى نفس الاتهام. ماذا عن موقف رئاسة الجمهورية من تلك الأزمة؟ - رئيس الجمهورية ليس طرفاً فى الأزمة لأن عمل لجنة الخمسين مستقل تماما عن أى سلطة من سلطات الدولة. ما الإجراءات التى من الممكن أن نتخذها حال إقرار هذا النص فى الدستور؟ - كل الخيارات مفتوحة بالنسبة لمجلس الدولة لا أعتقد أن هناك من يستطيع تحمل تبعية المساس باختصاصات مجلس الدولة له منذ إنشائه حتى الآن والتى تم ترسيخها من جميع الأنظمة والحكومات السابقة منذ عام 46 حتى دستور 2012 المعطل. هل ترى أن صلاحيات ومميزات النيابة الإدارية حصلت عليها من خلال صفقة مع الإخوان؟ - لا أرى ذلك.. النيابة الإدارية تضم زملاء على درجة عالية من الكفاءة وهم يستحقون أن تتم الاستفادة منهم ومن قدراتهم على أعلى مستوى بشرط ألا يكون ذلك على حساب أى جهة أو هيئة قضائية أخرى. لكن هيئة قضايا الدولة خرجت من الإشكالية بناء على تفاهم حول اختصاص إعداد مشروعات العقود منها فلماذا حدث تراجع فى الموقف؟ - مجلس الدولة ليس له علاقة بإعداد العقود لأن جهات الإدارة هى التى تعدها واختصاص مجلس الدولة يبدأ بعد ذلك بمراجعة العقود. بيانات الجمعية العمومية لنادى مجلس الدولة تثير حفيظة هيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية واعتبروها تجريحاً وإهانة لهم.. لماذا حدث التراشق بين القضاة؟ - مجلس الدولة لم يتعد على اختصاصات أحداً ولم يطالب بالانتقاص من سلطات أحد ولكننا فوجئنا بأن هناك تربصاً من الهيئتين المذكورتين بمجلس الدولة، فقد طالبت النيابة الإدارية بالمحاكم التأديبية. كما طالبت هيئة قضايا الدولة بالفتوى والتشريع، وقاموا بعقد الاجتماعات والاتصالات حتى تمكنوا من تمرير هذا الاقتراح المشبوه بفصل القضاء التأديبى عن مجلس الدولة وإسناده للنيابة الإدارية. ما سبب رفض تعيين المرأة فى مجلس الدولة؟ - الوقت الحالى غير ملائم لتولى المرأة القضاء. دستور 2012 منح النيابة الإدارية تلك الاختصاصات فلماذا لم تعترضوا عليها فى وقتها؟ - لم يمنح النيابة الإدارية سلطة الفصل فى القضاء التأديبى وكل ما يتردد هو أكاذيب ليس لها صحة، والنص موجود يمكن العودة إليه فلماذا يعترض مجلس الدولة. هيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية لم يمثل أعضاء منهما بلجنة العشرة مثل مجلس الدولة ويقال إنكم من خلال مشاركتكم فى اللجنة جعلتم كل الاختصاصات للمجلس وتم إلغاؤها عن الهيئتين.. فما ردك على ذلك؟ - لم تضف اختصاصاً جديداً لمجلس الدولة كما أنها لم تنتقص من اختصاصات كل من هيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية ولو تم الأخذ باقتراحات لجنة الخبراء العشرة لما أثيرت أى مشكلة ولكن سبب المشكلة هو عدم احترام لجنة الخمسين لرأى لجنة الخبراء العشرة وظهور اقتراح مفاجئ بإنشاء جهة قضائية جديدة فى واقعة غريبة على مستوى العالم، والعجيب أن هذا الاقتراح قدمه عضو احتياطى فى لجنة الخمسين إلى لجنة نظام الحكم، ولم يكن له الحق فى تقديمه أصلا طالما أنه مازال احتياطياً فلجنة العشرة لم تمس اختصاص أحد ويجب احترام ملاحظاتها فيما يخص باب السلطة القضائية لأن ذلك كان هو السبب فى عدم وجود أى قضاة داخل لجنة الخمسين لا من مجلس الدولة ولا القضاء العادى ولا المحكمة الدستورية اكتفاءً بوجودهم فى لجنة العشرة وهم يمثلون قمة الجهات القضائية فى مصر. ما الضرر فى منح النيابة الإدارية اختصاص القضاء التأديبى؟ - هذا ضد المبادئ القانونية فى العالم كله، حيث لا يجوز الجمع بين سلطة التخصيص والادعاء وسلطة الفصل فى نفس الاتهام فهل يقبل أحد أن تتولى النيابة العامة محاكمة المتهمين الذين تقوم هى بالتحقيق معهم وتوجيه التهم إليهم, كما أن المحاكم التأديبية جزء أصيل من محاكم مجلس الدولة وقد تراكمت خبرات قضاة مجلس الدولة فى هذا الشأن ومن الصعب تعويض هذه الخبرات. ولا يوجد فى العالم إلا نظامان فى القضاء موحد ومزدوج وإنشاء القضاء التأديبى يؤدى إلى وضع شاذ غير موجود فى العالم كله. لماذا لا يسعى أعضاء مجلس الدولة للتنسيق مع الهيئتين للوصول لحل يرضى كل الأطراف؟ - الحلول الودية تكون مطروحة عندما يكون الأمر قابلاً للمناقشة أو الحلول الوسط، أما الموضوع المثار حالياً فلا يقبل منافسة ولا مداولة ولا حلولاً وسطاً. ما رؤيتك للخروج من هذا المأزق وتلك الأزمة؟ - الالتزام بما انتهت إليه لجنة العشرة فى شأن باب السلطة القضائية. ما رأيك فى وصف بعض أعضاء نادى مجلس الدولة للدستور بأنه كئيب وأن الشعب سيرفضه؟ - هذا ليس من شأننا، والأمر فى الأول والآخر يرجع إلى الشعب ونحن مجرد جزء من هذا الشعب. هناك انتقاد يوجه لمجلس الدولة هو انتداب أعضاء منه لأكثر من جهة مما يجعل منهم خصماً وحكماً فى نفس الوقت.. فما ردك؟ - أنا ضد الانتداب تماما سواء كان كلياً أو جزئياً، وقد سبق أن وجهت خطاب إلى المستشار الغريانى أثناء إعداد دستور 2012 بصفتى رئيس نادى قضاة مجلس الدولة بالإسكندرية أطلب فيه حظر انتداب القضاة كمستشارين بالجهات الحكومية تحت أى ظرف من الظروف لأن ذلك يخل باستقلال القضاء وحياديته ونزاهته، مع ملاحظة أن ما يتردد عن أن القضاة المنتدبين أو أعضاء قسم الفتوى والتشريع بمجلس الدولة يعتبرون خصماً وحكماً فى بعض الحالات هو قول لا يصدر إلا عن إنسان جاهل وطبقاً لقانون المرافعات المدنية والتجارية فإنه يتم إلزام القاضى بعدم التصدى لأى قضية يكون قد سبق له أن أفتى فيها أو إبداء رأيه فى موضوعها بأى شكل من الأشكال وأتحدى أن تكون هناك حالة واحدة فى مجلس الدولة جلس فيها قاضٍ يفصل فى موضوع سبق أن أفتى فيه أو يخص الجهة المنتدب اليها كمستشار قانونى ولكن ما جرى عليه العمل هو أن القاضى فى مجلس الدولة تنحى عن نظر القضية فى مثل هذه الحالات. أما من يردد غير ذلك فهم إما جاهلين أم كاذبين. أين يتدرب عضو مجلس الدولة على القضاء التأديبى؟ - القضاء خبرات متراكمة يقوم فيها كل جيل بتدريب الجيل التالى له ومبادئ التأديب بداية من فتح التحقيق إلى توجيه الاتهام إلى الفصل فيه كلها مبادئ أرستها المحاكم التأديبية لمجلس الدولة والمحكمة الإدارية العليا لمجلس الدولة وكل من يقوم بإجراء أى تحقيق فى النيابة الإدارية فلابد له من الرجوع إلى المبادئ التى أرستها محاكم مجلس الدولة فى هذا الشأن، إذن فمجلس الدولة هو من يعطى خبرته للآخرين ويعلمهم كيفية العمل فى مجال التأديب. إذا كانت الدعوى التأديبية منازعة إدارية فلماذا نص دستور 71 على اختصاص مجلس الدولة بها بالإضافة إلى المنازعة الإدارية؟ - مجلس الدولة طبقا لقانون إنشائه وما نصت عليه الدساتير المتعاقبة حتى دستور 2012 المعطل لم تدمج القضاء التأديبى مع المنازعات الإدارية ولكنها اعتبرت المنازعات الإدارية فرعاً مستقلاً والمنازعات التأديبية فرعاً مستقلاً واحتفظت لمجلس الدولة بالاختصاص فى الفرعين وليس معنى أن المنازعة التأديبية كما يقول البعض ليست منازعة إدارية أن تم فصلها عن اختصاص مجلس الدولة الذى يختص طول عمره بالفرعين معا. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى، فإن الراجح فى الفقه والقضاء الإدارى منذ زمن بعيد أن المنازعة التأديبية جزء لا يتجزأ من المنازعات الإدارية لانها فى النهاية عبارة عن نزاع بين الحكومة والموظف فإذا لم تكن هذه منازعة إدارية فما هى المنازعة الإدارية إذن. إذا كان أعضاء النيابة الإدارية لا يصلحون للفصل فى الدعاوى التأديبية فكيف يتم تعيين القضاة فى المجال الجنائى من بين أعضاء النيابة العامة؟ - النيابة العامة المصرية لها قانون يحكمها وقانون السلطة القضائية والدساتير المتعاقبة حتى دستور 2012 اعتبرت النيابة العامة جزءاً لا يتجزأ من القضاء العادى، وهذا عكس الحال بالنسبة للنيابة الإدارية التى لا تعتبر جزءاً من مجلس الدولة. هل يصلح قضاة مجلس الدولة للفصل فى الجرائم الجنائية؟ - العالم كله الآن يتجه إلى التخصيص، ولذلك فإن المستقبل فى مصر للقضاء المتخصص وسنجد قضاة متخصصين فى القضاء الجنائى وقضاة متخصصين فى القضاء المدنى وقضاة متخصصين فى القضايا الاقتصادية وقضايا الأسرة وهكذا فلا مجال فى المستقبل للقاضى الشامل وإن كان القاضى الوحيد المختص الآن فى مصر ويتم إعداده علمياً إلى ذلك هو قاضى مجلس الدولة. هل هناك ما يمنع أن يكون لمصر نظام قضائى يتناسب مع طبيعة مشكلاتها الاجتماعية والتى على رأسها الفساد؟ - لا يوجد فى العالم كله قضاء تأديبى مستقل وهو اقتراح شاذ وغريب مصيره إلى زوال لا محالة وحتى النيابة الإدارية ذاتها لا يوجد لها مثيل فى معظم دول العالم، والنظام القضائي فى مصر كاف لمواجهة قضايا الفساد المالى والإدارى بل إن من مشكلات مصر الحالية هى كثرة الجهات التى ترفع لافتة مكافحة الفساد حتى إنه يتم الاعتراض مؤخراً على انشاء مفوضى لمكافحة الفساد تلافيا لازدواج الاختصاصات بينها وبين الجهات العديدة فى مصر التى تعمل فى مجال مكافحة الفساد, ويبدو أن الطريقة الوحيدة التى لم نجربها فى مصر لمكافحة الفساد هى مكافحة من يدعمون مكافحة الفساد، ففى جميع دول العالم يقل الفساد بزيادة عدد جهات مكافحة الفساد, أما فى مصر فكلما زادت جهات مكافحة الفساد زاد الفساد.