تمسك ممثلو حزب النور بالمادة 219 بادعاء الحفاظ على الشريعة والهوية هو تمسك كاذب ومتخلف ومضلل والهدف منه سياسي وليس دينيا، فحزب النور يدغدغ مشاعر مريديه وقواعده من البسطاء والجاهزين للسير خلف فتاوى القرون الوسطي التي تركز في عمومها على احتياجات النصف الأسفل من الجسد.. ومن المضحكات المبكيات ماحكاه لي اثنان من كبار أعضاء لجنة الخمسين قبل أيام قليلة واحدهما استاذ بارز بالأزهر والثاني مفكر إسلامي. قال المفكر الإسلامي إنه حاول بكل الطرق إقناع قيادات كثيرة بحزب النور بأن المادة 219 توقع اكبر الضرر بالشريعة وأن التمسك بها أمر شكلي لا يمت بصلة لجوهر الموضوع إذا كان الموضوع هو الاصرار على تفسير لكلمة «مبادئ الشريعة». وهنا تدخل الأستاذ الأزهري البارز وقال لي إنه سأل الداعية السلفي عبدالمنعم الشحات المتحدث الرسمي باسم الدعوة السلفية بالاسكندرية ومرشح حزب النور بالانتخابات البرلمانية 2011 – 2012 والذي خسر أمام المرشح حسني دويدار.. أعطني مثالا لقضية عليها اجماع من العلماء والفقهاء.. وكان رد الداعية الذي وصف ادب نجيب محفوظ من قبل بأنه ادب دعارة – نعم هناك قضية عليها إجماع وهي حرمة تاجير الفروج (الفروج جمع فرج أي رحم المرأة). وهنا مأساة ومصيبة حزب النور وسلفييه أنهم اختزلوا العقيدة الإسلامية في المسافة بين السرة والركبة ولم يكلفوا أنفسهم عناء تأمل رحابة الحياة وما يمكن للعقيدة الإسلامية أن تغطيه من شئون كبرى تقوم على التعاون بين الناس والارتقاء بأحوالهم – ولكنها المصيبة والكارثة التي تجعل أناس كهؤلاء يعيشون في القرن الحادي والعشرين وعقولهم مدفونة في طين القرون الوسطي ولا يشغل كبارهم وصغارهم إلا فقه الفروج والأرحام، وقد سألت استاذنا الأزهري الجليل عن عقلية هؤلاء الناس وكيف يفكرون، وكان تفسيره الراقي أن الشيخ الشحات أتي بمثال لقضية لو سئل فلاح أمي بسيط عنها سيقول إن تأجير الأرحام محرم وغير مقبول – أما وقد ضاقت الدنيا الواسعة بعيني وقلب شيخنا السلفي الذي لايرى الحياة إلا من خلال فقه الأرحام فإنه أمر إن دل على شيء فإنما يدل على ان ممثلي النور في لجنة الخمسين لا يمثلون حزبا سياسيا وإنما يمثلون فصيلا دينيا منغلقا يوظف تدينه الخادع لخدمة أهداف دنيوية بحتة لا صلة لها لا بالشريعة ولا بالإسلام لأن ياسر برهامي أو عبدالمنعم الشحات او نادر بكار أو البلكيمي وونيس ليسوا رسلا يبشرون بدعوة أو دين جديد وليسوا مصلحين لهم نصيب هائل من العلم كالإمام محمد عبده أو الشيخ المراغي أو الدكتور الفاضل أحمد الطيب ، وإن كانوا يتفوقون على ما عداهم في شيء فربما في جهلهم بفقه الواقع والضرورة وجهلهم برحابة وسعة الدين في تعاطيه مع شئون الدنيا المتجددة دوما في حين يصرون هم على تعطيل العقل وتجميد الفكر عند إمام بعينه أو جماعة بعينها رغم أنه لا يوجد سبب واحد لاعتبار حتى فقه الأئمة الاربعة هو الفقه الوحيد الذي ترد إليه مسائل الدين، ولا يمكن لعقل راجح أن يقبل حصر الفتوى وأمور الفقه والعقيدة في عصر أو جماعة وهذا ما دعا لجنة العشرة أو لجنة الخبراء إلى رفع صيغة الدستور المعدل إلى لجنة الخمسين بدون المادة 219 ولكن لأن الدين تحول إلى سلعة لدى أهل النور والسلف فقد ارتعدت فرائصهم وصرخوا في وجه العصر والعقل .. أين المادة 219 التي ستحمي ديار الإسلام من أهل الشرك والضلال وأعداء الشريعة .. والحقيقة أنني مندهش من رضوخ رئيس لجنة الخمسين ونوابه وأعضاء اللجنة لهذا الخبل الذي يؤكد للعالم أن ثورتين في مصر قد أسقطتا نظامين أحدهما مستبد والثاني ديني فاشي بغيض ولكنهما فشلتا في إسقاط الجمود والتحجر من عقول جماعة من المصريين أسيرة ثقافة الفروج.