لن ينسي شعب مصر الموقف البطولي والوطني العربي الجزائري علي يد الرئيس هواري بومدين «أبورحومة» عندما حضر إلي مصر في أعقاب هزيمة يونية 67 لدعم قدرات الجيش المصري في مرحلة الصمود «عندما كانت القوات الرئيسية للجيش المصري بدولة اليمن» ومعه قوات مسلحة جزائرية «من القوات الخاصة والمشاة والمدرعات والمدفعية والقوات الجوية.. إلخ»، وذهب بعدها إلي قادة الاتحاد السوفيتي وطلب إرسال كافة الأسلحة والمعدات «البرية والبحرية والجوية والدفاع الجوي» لتعويض المعدات التي تم تدميرها بسيناء وكل ما تطلبه القيادة العسكرية المصرية لرفع الكفاءة القتالية للجيش المصري، وقام بتحرير شيك بقيمة الصفقة بضمان البترول والغاز الجزائري. وقد استمرت القوات الجزائرية بمصر لتأمين عمق الجيوش الميدانية من 1967 - 1937 وحتي تحقيق نصر أكتوبر 73 المجيد «وكانت الدبابات الجزائرية ضمن خطة الصد للقوة المعادية في ثغرة الدفرسوار». ولا ننسي أيضاً بكل الفخر والاعتزاز موقف الأمة العربية من المشرق للمغرب العربي الدعم لمصر عقب هزيمة يونية 67 وحتي انتصار أكتوبر 1973 «سوريا والأردن رفاق المعركة، ليبيا (الميراج 3-5)، السعودية، الكويت، الإمارات العربية، العراق وكافة الدول العربية». وعلي ذلك وفي الذكري ال 59 لإعلان ثورة أول نوفمبر المجيدة نوجه تحية إعزاز وتقدير وتهنئة واجبة من الشقيقة مصر لشعب الجزائر الأبي الشجاع، بلد ملايين الشهداء، وليس المليون شهيد فقط. تهنئة خالصة للأبطال المجاهدين الثوار من الأجداد والآباء والأبناء الذين وضعوا شعار «الجهاد» دستوراً لهم وأنه لابد من «النصر والاستقلال أو الموت والاستشهاد» وأن يستكمل المسيرة الأحفاد بشرف وأمانة ومسئولية. تحية تقدير لمن أعطوا المثل في فن قيادة الرجال، وقاموا بجمع الشمل ووحدوا الصفوف، ونظموا الكفاح المسلح، وأتقنوا فن البقاء في وجه العواصف، فقادوا المقاومة الشرسة العنيدة، وأعدوا الكوادر والقيادات الشابة لتستمر مسيرة القتال والكفاح المسلح «دون توقف». وأما عن دور مصر فلن ننسي ما قامت به ودورها كشقيقة كبري، أوجزها في الآتي: قيام مصر بدعم زعماء المقاومة بالمغرب العربي «تونس - الجزائر والمغرب». قيام الملك فاروق عام 1947 بمنح حق اللجوء السياسي للمجاهد المغربي الأمير عبدالكريم الخطابي، وهو الذي أنشأ مكتب المغرب العربي بالقاهرة، الذي كان مقراً لقادة المقاومة والكفاح المسلح المبعدين. قيام الرئيس جمال عبدالناصر بتشكيل مجموعة لدراسة الموقف وإعطاء التوصيات العملية لإنشاء جيوش التحرير لكل بلد بالمغرب العربي. حضور المجاهدين لمصر وتدريبهم علي استخدام السلاح والمفرقعات والأجهزة اللاسلكية والتدريب التخصصي بكافة الكليات العسكرية «البحرية - الجوية - الشرطة» ومدارس الجيش المختلفة التخصصية من الصاعقة والمشاة والمدفعية.. إلخ. وفي معرض ذكر مواقف الجزائر نشير إلي أن الرئيس الجزائري هواري بومدين طلب من الاتحاد السوفيتي عقب هزيمة 1967 تزويد مصر بكافة الأسلحة البرية والبحرية والجوية والدفاع الجوي والمعدات الحربية التي فقدت في سيناء فوراً بضمان البترول الجزائري، كما أرسلت الجزائر قوات مسلحة لدعم القوات المصرية بعد هزيمة يونية 1967، واستمرت في الدعم طوال مدة إعادة التنظيم وحرب الاستنزاف واشتراكه في حرب أكتوبر 1973 «رمضان المجيدة» وكانت بحق وقفة الأخ والصديق حتي النصر. في ختام كلمتي الموجزة أتوجه إلي قادة الأمة العربية والإسلامية ومؤسساتها السياسية والاقتصادية والعسكرية بأن تأخذ الدروس المستفادة من هذا التاريخ المجيد والحدث الجلل، وتقوم بجمع شمل الأمة العربية والأمة الإسلامية، وتوحيد الصفوف وتنظيم الكفاح المسلح ودعم الشعوب التي مازالت تحت الاحتلال بكل إمكانياتها «كما تم مع دول المغرب العربي» دبلوماسياً وإعلامياً وعسكرياً، في تعاون وثيق.