كشفت مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية أمس أن هناك حالة من التردد داخل مؤسسة الرئاسة بشان إقرار قانون «الحق في التظاهر» بسبب المعارضة القوية للقانون من جانب معظم القوي الثورية والحزبية والمدنية والإسلامية. أضافت المصادر أن مؤسسة الرئاسة أصبحت بين نارين، أولهما تصديق الرئيس عدلي منصور علي القانون المثير للجدل، وبالتالي تزايد احتمالات حدوث صدام مبكر بين مؤسسة الرئاسة والقوي الثورية التي تري ان القانون ضد مبادئ ثورتي 25 يناير و30 يونية، ويعد انتكاسة كبيرة علي طريق الديمقراطية وحقوق الإنسان، وثانيهما تراجع الرئيس عن اقرار القانون رسميا وتأجيله لما بعد المرحلة الانتقالية كما حدث خلال حكومتي الدكتور كمال الجنزوري إبان الحكم العسكري، وحكومة الدكتور هشام قنديل في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي. وأوضحت المصادر أن الخيار الثاني سيحرم الدولة من حق تقنين عملية التظاهر وسيغل يدها في منع خروجها عن السلمية أو التصدي لأي خروج علي القانون من جانب المتظاهرين، واعطاء الفرصة للمتظاهرين غير السلميين لمهاجمة المواطنين الأبرياء والمنشآت العامة والخاصة، وذلك علي خلفية خروج العديد من التظاهرات فى الفترة الأخيرة عن سلميتها باقتحام وإحراق عدد من أقسام الشرطة، ومهاجمة مؤسسات الدولة فى مختلف محافظات الجمهورية، خاصة بعد فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة. وأشارت المصادر إلي أن رئاسة الجمهورية تضع في اعتبارها اتساع نطاق الاطراف المعارضة للقانون والتي شملت حركة تمرد ومعظم ائتلافات الثورة والقوي الحزبية والمدنية والتيارات الإسلامية ،التي تشكل خريطة العملية السياسية حاليا، وذلك رغبة من الرئاسة في عدم اتساع حالة الانقسام السياسي والمجتمعي في الشارع المصري، وعدم ظهور أي طارئ يعرقل خارطة طريق المستقبل أو يؤدي الي تطويل فترة المرحلة الانتقالية. وأكدت المصادر أن رئاسة الجمهورية تريد التأني في اتخاذ القرار الصعب بالتصديق علي القانون، وذلك حتي لا تكون النتائج السلبية المترتبة علي ذلك علي المدي البعيد أكبر بكثير من الايجابيات التي يمكن ان يحققها القانون في مكافحة المظاهرات غير السلمية علي المدي القصير. وتوقعت المصادر ان يكون احد البدائل التي يمكن ان تلجأ إليها مؤسسة الرئاسة للخروج من هذا المأزق، هو طرح القانون للنقاش المجتمعي من أجل التوصل الي صيغة توافقية ترضي القوي المعارضة للقانون وفي نفس الوقت تحقق أهداف الدولة في تقنين عملية التظاهر، وحتى لا تخرج التظاهرات عن السيطرة وتتحول إلى عنف وشغب، وفي نفس الوقت التأكيد علي أن المظاهرات حق مشروع للجميع بشرط عدم الخروج عن السلمية. وكانت حركة تمرد قد أكدت أن أي قانون يحد من حق التظاهر السلمي، الذي اكتسبه المصريون في ثورتي 25 يناير و30 يونية، هو قانون جائر. كما أعلن تكتل القوى الثورية رفضه قانون التظاهر الذي ينتقص من مكتسبات الثورة، محذرًا من وقوع صدام بين الدولة والثورة، ورافضًا عودة الدولة البوليسية، وداعيا الي مواجهة جماعات العنف بالقانون. كما اكدت التيارات الاسلامية، وعلي رأسها الجماعة الإسلامية والجبهة السلفية، رفضها لقانون التظاهر ايضا، مطالبة الرئيس منصور بعدم التصديق عليه لانه يمثل عودة الي عصر «ترزية القوانين». كما وصفت جماعات حقوق الانسان والمجتمع المدني قانون حق التظاهر بأنه ردة إلي قوانين دولة الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك المستبدة. وتجدر الاشارة إلي أن مشروع قانون الحق فى التظاهر كان على جدول أعمال الحكومات السابقة، برئاسة الدكتور كمال الجنزورى ومن بعده حكومة الدكتور هشام قنديل، إلا أن الحكومة الحالية برئاسة حازم الببلاوى وضعت تعديلات عليه، بعد ثورة 30 يونية، عن طريق اللجنة التشريعية، التى شكلتها وزارة العدل.