عرفت الخواجة فولكهارد فينفور منذ سنوات طويلة علي مقهي ريش. ويحب الصحفيون المصريون أن ينادوه «وينفورد». هو عمدة أو رئيس جمعية المراسلين الأجانب في مصر، منذ ربع قرن، وهو أقدم مراسل لمجلة «دير شبيجل» الألمانية العريقة. واليوم تحديداً يكون الخواجة «فينفور» قد قضي في مصر 58 سنة جاء إليها طفلا مع أمه التي كانت تعمل مدرسة في المدرسة الألمانية في القاهرة، وعاش الصغير الألماني عيشة المصريين أولاد البلد، ترعرع في شوارع وحواري الفجالة والعباسية، كما عاش في حي الزمالك، وجد نفسه يتحدث لغة أولادها ويتقنها ويفهمها، بل ويحفظ الأشعار العربية، ويقرأ القران وتاريخ الإسلام، ويعشق أهل مصر وتاريخهم. ومع السنوات أحب «فينفور» مصر والمصريين، وهو يقول عن نفسه «أنا ألماني مصري»، وعمل مراسلا لمجلة دير شبيجل طوال الأربعين عاما الماضية، وقدم فيها صورا صحفية عالمية عن الحياة السياسية والاجتماعية، عما يحدث في مصر. وأصبح للخواجة «فينفور» مكانة صحفية كبيرة في مصر وألمانيا والعالم، ولا تزال علاقاته قوية، بمعظم الشخصيات السياسية والثقافية والاجتماعية في مصر وأغلب البلاد العربية، ذهبت للقاء ياسر عرفات ففوجئت به في صالون الانتظار، وقابلته في عواصم عربية مهمة، وكان أول صحفي يلتقي بمعمر القذافي بعد ثورته، وكان آخر صحفي يقابل القذافي قبل نهايته المأساوية! وبعد 30 يونية كان للخواجة «فينفور» موقف شجاع مع مصر، واعترض علنا علي أسلوب الصحافة الغربية في وصفها لما حدث بأنه انقلاب، وقال إن الإعلام الغربي، افتقد المصداقية، ورفض الاعتراف بأن أهم مفاتيح ما حدث في مصر، كان خروج أكثر من 33 مليون مصري ضد الإخوان وحكم الإخوان. وأدان الخواجة الألماني ممارسات الإخوان، واعترض علي وصف بعض المراسلين الأجانب لهم بأنهم نشطاء سياسيون، وقال لهم: «إذا قلنا علي من يقتل انه ناشط سياسي، فماذا إذن نقول علي الإرهابي»؟. ودفع فينفور ثمن شجاعته وقوبل بهجوم شرس من الإعلام الغربي، واتهمه بعض المراسلين الأجانب، بأنه يريد أن يقطع عيشهم، فهو يقول ثورة مصرية، وهم يقولون لصحفهم الغربية إنه انقلاب! هكذا ضرب الألماني المصري مثالا في الشجاعة والموضوعية، فشل في الاحتذاء به، مصريون اختاروا أن يتلونوا مع كل لون كالحرباء، والعزف علي كل الأغاني والألحان، وأن يأكلوا علي كل الموائد والطبالي. لك كل الحق يا خواجة أن تقول: أنا ألماني.. مصري!