أثار د.ناجح إبراهيم مساء أول أمس الجمعة مع الإعلامي أسامة كمال ببرنامج 360 يوم قضية على قدر كبير من الأهمية، وهى اعتقاد بعض المتأسلمين أنهم يفعلون ما يفعلون لأجل الله، حيث ينسبون إلى الله عز وجل كل ما يقومون به من تخريب ومن تفكير شاذ ومتطرف. د.ناجح بعلمه وسماحته استنكر هذا بشدة، وضرب مثالا رائعا لكى يوضح وجهة نظره، فذكر واقعة تحطيم أحد أقسام الشرطة وإشعال النيران فيه، وقال إن قائدهم كان يهتف ويقول: هى لله..هى لله» خلال عملية الاقتحام والتحطيم وإشعال النيران، واستنكر الشيخ الدكتور ناجح قيام هؤلاء بنسب ما قاموا به من تدمير إلى الله أو من أجل الله، وتذكر واقعة مقتل سيدنا عثمان بن عفان فى داره، وقيام أحدهم بطعنه تسع طعنات، حكى بعد أن فرغ منها أنه طعن عثمان ست منها لله وثلاث من أجلى (يقصد من اجل نفسه)، وأشار د. ناجح إلى مقال له ذكر فيها الواقعة، وعدت إلى المقال(جريدة الوطن الأحد 8/9/2013) واتضح أن د. ناجح كتب ما قاله بالحرف. ولأهمية القضية التى أثارها د. ناجح، وهى أن الذين يتبنون الفكر الدينى المنحرف يعتقدون بأن فكرهم هذا من أجل لله، كذلك كما يترتب عليه من أفعال تغضب الله عز وجل، من ضرب وسحل واقتحام وتحطيم واشعال نيران جميعها فى اعتقادهم من أجل الله، والله غنى عن كل تخريب وخراب، لأهمية هذه القضية أسجل للشيخ الكريم العالم ملاحظتين. الأولى وهو شكلية وليست جوهرية مرتبطة بالذاكرة، فقد خانت الذاكرة الرجل الطيب فى واقعة التسع طعنات التى تلقاها الصحابي الجليل عثمان بن عفان، فالواقعة كما وصلتنا رويت على عكس ما حكي الشيخ ناجح، فعمرو بن الحمق الذى وجه التسع طعنات لعثمان بن عفان، حكى أنه قال ثلاث طعنات(وليس ست طعنات) من أجل الله، وست طعنات(وليس ثلاث طعنات كما تذكر الشيخ ناجح) كانت من اجل ما يحمله فى نفسه ضد عثمان، والرواية ذكرت فى طبقات بن سعد عن أبن أبى عون وأخذها ابن سعد عن عبدالرحمن بن عبد العزيز، وقد ذكرت كذلك فى تاريخ الطبرى برواية عبدالرحمن بن الحارث. الملاحظة الثانية: إن الشيخ الطيب ناجح إبراهيم ذكر قيام عمرو بن الحمق بنسب ما قام به لله ولم يذكر نفس الشىء لعثمان بن عفان، حيث رفض تماما أن يتنازل عن الإمارة او السلطة تحت دعوى ان الله سبحانه وتعالى هو الذى اعطاه اياها، فحكى أنهم حاصروه فى بيته لمدة أربعين يوما وقد منعوا عنه الماء والطعام والصلاة فى المسجد، ونصحه البعض بالنزول عن السلطة ورفض تماما متعللا بأنها منحة من الله كيف يتركها وفضل الموت عن التنازل عن السلطة، فذكر ابن سعد فى طبقاته برواية لأم يوسف بن ماهك عن أمها قالت: كانوا يدخلون على عثمان وهو محصور فيقولون: انزع لنا فيقول: لا أنزع سربالا(قميصا) سربلنيه الله ولكن انزع عما تكرهون». وقيل إن عبدالله بن عمر نصحه بذلك:» لا تخلع قميصا قمصكه الله»، وقد جاءت نصيحة عبدالله بن عمر هذه لكى لا تصبح سنة ويخلع الامراء بسبب غضب الرعية عليهم، حيث قال لعثمان: فلا أرى أن تسن هذه السنة فى الإسلام كلما سخط قوم على أميرهم خلعوه، ونصيحة عبدالله بن عمر هنا تأتى بعيدا عن الفقه والشرع بل تدخل فى باب الاجتهاد السياسى. حيث إن الإمام حسن بن على بن أبى طالب قد تنازل عن الحكم لكى يجنب المسلمين الفتنة وإراقة الدماء، وموقف الامام حسن هذا جاء بعد سنوات بسيطة من قتل والده وقتل عثمان بن عفان الذى تمسك بقميص ألبسه الله اياه، والطريف أن الشيخ الدكتور ناجح إبراهيم قد استشهد بتنازل حسن بن على بن أبى طالب، وثمن وأثنى على تنازله وعدم تمسكه بالسلطة خوفا على الانقسام والفتنة، وأكد انه كان يتمنى أن يقوم الدكتور محمد مرسى بنفس الشىء تجنبا لإراقة الدماء وانقسام المسلمين المدهش فى حادثة مقتل الصحابى الجليل عثمان بن عفان رضى الله عليه، أنه حاول ان يميز للثائرين ضده بين ما ينسب لله وما ينسب للإنسان، فقد روى الطبرى فى تاريخه، أن الثائرين خلال حصاره داخل منزله كانوا يرمون البيت بالحجارة، فقال لهم رحمة الله عليه:» ألا تتقوا الله، ألا تعلمون أن فى الدار غيرى؟ قالوا: لا والله ما رميناك قال: فمن رمانا؟ قالوا: الله قال: كذبتم، إن الله عز وجل لو رمانا لما كان يخطئنا وأنتم تخطئوننا.