بعد فشل موجة تنظيم المسيرات والمظاهرات للمطالبة بعودة الرئيس المعزول محمد مرسى عقب فض اعتصامى رابعة العدوية وميدان النهضة، وعقب إبطال مفعول العديد من القبائل اليدوية التي تم اكتشافها في بعض المناطق مثل مسجد الاستقامة وبجوار قسم المنصورة وفي الإسماعيلية والسويس، لجأ الإخوان والتنظيمات التكفيرية وعلي رأسها تنظيم القاعدة إلي الخيار الثالث وهو خيار شمشون أي هدم المعبد علي رأس الجميع كما ورد في الأسطورة اليهودية، وهو ما تجلى واضحاً في استهداف موكب وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم بسيارة مفخخة جرى تفجيرها بالريموت كنترول، علي غرار تفجيرات القاعدة في بغداد وهو ما يعيد الدولة إلي أجواء إرهاب التسعينيات من القرن الماضى، مع الفارق في الشكل والنوع. تفجير السيارات المفخخة نمط متقدم من الإرهاب تم استخدامه بحرفية عالية في لبنان أيام الحرب الأهلية وكان أشهر ضحاياها الشهيد سعد الحريرى رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق والذي لم يتم تقديم الجناة في حادث اغتياله إلي المحاكمة حتى الآن، كما رأينا التفجيرات المفخخة في بغداد ينفذها تنظيم القاعدة ضد القواعد العسكرية الأمريكية والأقباط والشيعة العراقيين وتقسيم الدولة العراقية إلي ثلاث دول، للأكراد والسنة والشيعة. خطورة الإرهاب الأسود في مصر الآن أو خيار شمشون أنه يستهدف اقتلاع جذور الدولة المصرية الراسخة منذ 7 آلاف عام، يساعد علي ذلك تدفق الأسلحة الليبية بكميات هائلة علي مصر عقب سقوط القذافى وحدوث انقلاب أمنى غير مسبوق في مصر بعد ثورة 25 يناير 2011 وحتي الآن، والإفراج عن مئات الإرهابيين والمسجلين خطر بعفو رئاسى في عهد الرئيس المعزول مرسى وتحالف الإخوان مع التنظيمات التكفيرية الإرهابية في سيناء والذين ارتكبوا العديد من حوادث العنف والإرهاب ضد الشرطة والجيش، يؤكد ذلك إعلان القيادى محمد البلتاجى من علي منصة رابعة قبل القبض عليه وفض الاعتصام «إن الإرهاب في سيناء يتوقف في نفس اللحظة التي يتم فيها الإفراج عن الرئيس المعزول محمد مرسى». في تقديرى أن الإرهاب الأسود الآن يتطلب حلولاً جذرية مختلفة تماماً عن مواجهة الإرهاب في تسعينات القرن الماضى، أبرزها ضرورة وجود مسار سياسي يمشي جنباً إلي جنب مع المسار الأمنى، بمعني عدم تخوين أو مواجهة كل الإخوان والتنظيمات الإسلامية الأخرى، فلا شك أن هناك الكثيرين منهم يرفضون الإرهاب جملة وتفصيلا ولا يعترضون علي ثورة يونية 2013 أو علي الأقل لا يطالبون بعودة مرسى، وكل ما يطلبه هؤلاء هو عدم استبعادهم من الخريطة السياسية في المجتمع. كما تتطلب مواجهة الإرهاب الأسود ضرورة مراجعة كل الخطط والتدابير الأمنية السابقة علي محاولة اغتيال وزير الداخلية، لصالح خطط أخري أكثر حداثة ومرونة في التعامل مع تلك الحوادث واكتشاف المفرقعات وتمشيط الشوارع ووسائل المواصلات أولاً بأول، وهذا يتطلب بالتبعية الاستعانة بتركيب الكاميرات في الشوارع والميادين، كما تفعل العديد من الدول المتقدمة لرصد الحالة الأمنية في الشوارع واكتشاف الجريمة قبل وقوعها، أيضاً يجب تكثيف الحملات الإعلامية في الداخل والخارج عبر وسائل الإعلام ومكاتب البعثات الدبلوماسية والدعاة في المساجد والدروس والمحاضرات في المدارس والجامعات. أيضاً يجب أن تصدر الدولة قراراً باعتبار الإخوان جماعة إرهابية ومصادرة أموال وممتلكات قيادات الإخوان خصوصاً المتورطين في أحداث العنف والإرهاب، والعمل علي تضييق الخناق وحصار أعضاء التنظيم الدولى للإخوان المسلمين، خصوصاً في أوروبا، بل ومطالبة الإنتربول بالقبض عليهم وتسليمهم إلي القاهرة لتحريضهم علي الانقلاب علي السلطة في مصر علناً عقب عزل مرسى. في ذات الوقت يجب أن تتوافق لجنة الخمسين لإعداد دستور يعبر عن كل المصريين ولا يقصى أحداً، وإذا كان نظام الرئيس المعزول محمد مرسى أعد دستورًا يعبر عن التيار الإسلامي في معظمه، فإننا يجب ألا نكرر ذات الخطأ، لأن مصر تتسع للجميع.