حتي أنت يا بروتس!! فليمت قيصر.. كثيراً ما استوقفتني هذه الجملة عند قراءة مسرحية »يوليوس قيصر« للعظيم »شكسبير« تري هل مات يوليوس قيصر من جرح السيف؟.. أم أن طعنة معرفته أن بروتس هو من قام بقتله هي من أردته قتيلا؟! في رأيي أنه عندما قال كلمته الخالدة »ليموت قيصر« أراد أن يخبر قائد جيشه الذي يوليه ثقته المطلقة.. درع أمانه الأخير.. إذا كان يري أنه يستحق القتل، فسيموت عن قناعة. اليوم تذكرت مقولة يوليوس قيصر مرتين.. مرة عندما أخبرتني صديقتي المقربة وهي علي وشك الانهيار تأكدها أن الرجل الذي تحبه بجنون.. تثق فيه ثقة مطلقة يكذب عليها، كانت من قبل تشتكي من مفارقات غريبة.. مثلاً يخبرها أنه في مهمة خارج البلاد وإذا بأحد معارفه يخبرها في صدفة غير مرتبة أنه شاهده في إحدي الإشارات القريبة من بيته.. مرة أخري يخبرها أنه في مهمة وتكتشف من رئيسه أنه في إجازة، الغريب في الأمر أنه هو نفسه لامها عندما أخبرته أنها تثق في أحد أصدقائها ثقة مطلقة، أخبرها أنه لا توجد ثقة مطلقة، الأغرب أنها كانت صدفة، تقتنع بالمبررات غير المنطقية التي كان يبديها.. تخبرني معترضة عندما أطلب منها التأكد إذا كنا نشك بمن نحب فبمن نثق؟ المرة الأخري عندما قرأت في جريدة الأخبار أن شهادة عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية ورئيس المخابرات الأسبق تدين مبارك تؤكد أنه كان علي علم بقتل المتظاهرين وأنه كان ينقل إليه ما يتلقاه من حبيب العادلي كل ساعة، بما في ذلك عمليات إطلاق الرصاص الحي والمطاطي علي المتظاهرين وأنه لم يعترض مطلقاً علي إطلاق الرصاص الحي. لم أصدق هذا الخبر فمن يعرف تاريخ عمر سليمان سيعرف أنه مستعد للتضحية بنفسه من أجل مبارك والدليل علي ذلك قبوله منصب نائب الرئيس وهو يعرف جيداً أن مبارك يحرقه علي المستوي السياسي، تري هل اعترف بذلك لينقذ نفسه؟.. استخدم المثل القائل: »إن جالك الطوفان حط حسني تحت........« أم أنه قرر الانحياز لجانب الحقيقة؟ تري ما هو شعور مبارك عندما قرأ الأخبار.. هل تنهد بحسرة وقال: حتي أنت يا عمر.. أم لم يصدق مثلي؟ التحقيقات مع مبارك أثبتت أنه لم يصدق مثلي.. نفي علمه بمقتل المتظاهرين واستشهد بعمر سليمان وزكريا عزمي، كما ذكرت جريدة أخري أن عمر سليمان ألقي بتهمة قتل المتظاهرين علي حبيب العادلي، ولن ننتهج منهج الجرائد الصفراء ونقول إن هذا الاتهام جاء بناء علي ضغائن مسبقة.. سنقول إنه إخلاص مبالغ فيه منه للرئيس، الذي نحن علي يقين منه وأكده مبارك أن من يعرف الحقيقة كاملة اثنان »زكريا عزمي وعمر سليمان«. ولأننا نعرف أن يدنا من زكريا عزمي والقبر لن نطلب منه قول الحقيقة، كما أننا لن ندين عمر سليمان علي علمه بقتل المتظاهرين، فجهازه جهاز معلوماتي، وقد أدي هذا الدور علي أكمل وجه، سنهمس في أذنيه بكلمات محبة لأننا بالفعل نجد بداخله الكثير من الصفات الجميلة. الوفاء صفة جميلة، لكن الوفاء يا سيد عمر يجب أن يكون للوطن، وليس لأشخاص، يجب أن يكون للشعب الذي أقسمت علي العمل لمصلحته، الشعب الذي مازال يدفع راتبك، يمكنك من العيش أنت وأسرتك في عيشة رغدة، وأن بروتس عندما قتل يوليوس قيصر لم يقتله بدافع الخيانة، فالرجل أبعد من أن يوصف بالخيانة، قتله عندما تأكد أن مصلحة شعبه في قتله.. يا رب تكون الرسالة وصلت.