الوحدة الوطنية لم تمت في إمبابة.. حقيقة أكدتها أعمال الترميم في كنيسة العذراء التي وصلت إلي مراحلها النهائية قبل إعادة افتتاحها السبت المقبل.. فبعد مرور 26 يوما علي الأحداث المؤسفة التي شهدتها منطقة إمبابة تحول المكان إلي خلية النحل وقرر 247 عاملا مسلماً، الصلاة مرة أخري في الكنيسة في مشهد يعكس إلي درجة كبيرة صدق المشاعر الإنسانية التي تتحدث عن التعايش بين المسلم والمسيحي فوق أرض الكنانة. المشهد كله هنا يبدو مغايرا لما حدث أثناء اندلاع الفتنة، فالحياة عادت إلي طبيعتها مرة أخري والمتاريس وكمائن الجيش التي كانت منتشرة عند مدخل كل شارع لمنع التجول أصبحت لا تعوق الحركة وتسعي فقط إلي تأمين المنطقة بينما انشغل العمال في عمليات الترميم وقف عدد كبير من الأقباط أمام كنيسة العذراء يتابع ما يجري انتظارا لبدء الصلوات.. تجولنا بين العمال وداخل الكنيسة التي بدت كأنها بنيت من جديد فالرخام يكسو الحوائط وأعمال التجميل وصلت إلي مرحلة متقدمة ولا آثار داخل الكنيسة تدل علي حادثة الفتنة التي وقعت الشهر الماضي. وأكثر ما لفت الانتباه اثنان من المشرفين علي العمل في الكنيسة احدهما قبطي وهو مجدي عجايبي والآخر مسلم يناودنه بالشيخ محمد فؤاد وكلاهما يعمل بجوار الآخر ونشأت بينهما صداقة وطيدة بعد العمل وكلاهما يتمني اليوم الذي تعود فيه الكنيسة سريعا إلي ممارسة شعائرها الدينية.. اقتربت منهما بعد أن كانا منهمكين في العمل وتحدثت مع مجدي »مشرف فني«، وقال: إن خسائر الكنيسة كانت تصل إلي 80٪ بعد احتراقها في الأحداث ولكنها اليوم عادت بشكل أفضل مما كانت عليه قبل ذلك وتم التجديد والتطوير في ضوء رغبة الكاهن. وأضاف كما قمنا بفتح باب آخر للكنيسة علي الجانب المواجه لشارع الوحدة علي نفقة الشركة المنفذة وخارج ما تم الاتفاق عليه من مقايسات بناء علي طلب من محافظ الجيزة الدكتور علي عبدالرحمن. أما الشيخ محمد فؤاد فقال: إن ما نفعله اليوم في ترميم كنيسة العذراء أبلغ رد علي من يتهمون الإسلام بالعنف فنحن نعمل كأننا نبني جامعا ونشعر اننا نرد الجميل لاخواننا الأقباط. وأضاف أنجزنا الترميم خلال 3 أسابيع فقط ونفذنا كل ما طلبه اخواننا الأقباط الذين يتابعون العمل عن قرب. وحسب تأكيدات المهندس محمد عاطف- أحد المسئولين عن أعمال الترميم في شركة المقاولون قال اننا انتهينا من كافة الأعمال التي اتفقنا عليها في المقايسة مع محافظة الجيزة ونضع حاليا الرتوش الأخيرة قبل الافتتاح يوم السبت القادم كما اننا لا نقوم بعمل شيء الا ونأخذ رد المسئولين عن الكنيسة عليه وهم يتدخلون في جميع الأعمال بما يخدم الصالح العام لافتا إلي انه لم يتم تقدير المبلغ النهائي للمقايسة والأمر متروك لمحافظة الجيزة. ولم تكتف شركة المقاولون العرب بإزالة آثار العدوان علي كنيسة العذراء فقط ولكنها أرادت محو آثار الفتنة الطائفية في منطقة إمبابة فقامت بترميم مسجد التوحيد أحد معاقل السلفيين الذي شهد أعمال عنف طالته الشهر الماضي لتنهي حالة أخري من الفتنة كان يمكن أن تحدث إذا تم ترميم الكنيسة فقط دون المسجد خاصة ان هناك من يحاول النفخ في النيران المشتعلة.. وداخل المسجد يجري نحو 20 عاملا أعمال الترميم بشكل سريع تمهيدا لإعادة الافتتاح الأسبوع المقبل. وقال المهندس محمد علي السيد أحد المسئولين في شركة المقاولون العرب: بناء علي طلب محافظ الجيزة قامت الشركة بترميم المسجد بمساهمة عدد كبير من الأفراد، فالشركة تحملت رواتب العمال فقط والمعدات ولكن هناك من تبرع بمعدات البناء وهناك من تبرع ببعض الأدوات الكهربائية والدهانات. وأضاف أن العمل بدأ متأخرا عن الكنيسة بعدة أيام ولكن عملية الترميم سوف تنتهي نهاية الاسبوع القادم ونحاول بقدر الإمكان ان ننفذ ما يطلبه الشيوخ في حدود المتاح وهم يتعاونون بشكل كبير لانجاز مهام العمل والانتهاء من الترميم ولكن المسجد رغم ذلك يمارس جميع الشعائر الدينية وتقام فيه الصلاة بشكل منتظم وانتهينا من جزء كبير من الصيانة وهناك أجزاء من المسجد كانت منهارة بفعل الزمن قمنا بتطويرها أيضا بصرف النظر عن انها تضررت من الحادث الذي وقع أم لا. وقال محمد إبراهيم أحد المصلين في الجامع: اننا نعيش في منطقة امبابة منذ أكثر من خمسين عاما مع اخواننا المسيحيين منذ سنوات عديدة وما حدث غريب ولكن يتحمله بعض الشيوخ والقساوسة ولكن المهم انه تم تجديد المسجد مع الكنيسة حتي لا يستغل بعض دعاة الفتنة تلك النقطة وتفجر أزمة. وأشار علي بركات إلي أن المسجد كان أحد معاقل السلفية وقال نرجو بعد ترميمه أن يكون مسجدا لكل المسلمين. وقال مصطفي محمد: إن السلفيين كانوا يجمعون تبرعات لترميم المسجد تحسبا لعدم قيام المحافظة بترميمه ولكن بعد قيام شركة المقاولون بالترميم ساد الهدوء والارتياح جميع الأهالي ولكن المطلوب بعد ترميم الجامع والكنيسة هو ترميم أفكار المواطنين وسيادة الوحدة الوطنية علي الجميع. شاهد الفيديو
