يثير إصرار البعض علي وصف ما حدث في مصر بأنه انقلاب الكثير من الدهشة في ضوء خروج الشعب المصرى العظيم وبكل طوائفه وطبقاته وألوانه المختلفة في ذلك اليوم. لقد كانت البداية بتوقيع 23 مليون مصرى علي استمارة تمرد لسحب الثقة من رئيس الدولة ونظامه، هذا العدد يمثل نصف المصريين المقيدين فى جداول الانتخابات أى من يحمل بطاقة الرقم القومى وهم حوالى 47 مليون مواطن تقريبا، أى أن عدد الموقعين على استمارة تمرد نصف المقيدين بجداول الانتخابات وأيضا ضعف عدد المصريين الذين أعطوا صوتهم للرئيس مرسى فى انتخابات يونيو 2012 الرئاسية، هذا بالإضافة للمصريين العظماء الذين نزلوا للميادين فى كل من محافظات مصر لكى يعبروا بمظاهرات سلمية عن رفضهم للنظام مطالبين برحيل الرئيس. لقد بدأ هذا يوم 28 يونيو واستمر بعد 30 يونيو حتى 7 يوليو، وهذا يؤكد عظمة الشعب المصرى وعدم قبوله للاستبداد بعد اليوم وكانت الأعداد التى قد نزلت الميادين بأكثر من 32 مليون مواطن وهو رقم ليس له سابقة بالتاريخ بل إنه يستحق أن يسجل باسم الشعب المصرى العظيم فى موسوعة «جينس». وبعد نجاح الثورة المجيدة نجد للأسف التيار الإسلام السياسى بقيادة جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة وغيرهم ينكرون هذه الحقيقة الواضحة وضوح الشمس فى كبد السماء وهذه الملايين فى كل الميادين والتى شاهدناها بل والمصورة من الطائرات على مدى أسبوع، كما لم يعترفوا أيضا بعزل الرئيس المصرى بناء على ثورة شعبية والممثلة فى هذه الملايين من المصريين وكان التحريض على العنف يظهر من قيادات هذه الجماعات . وبدأت مظاهرات التيار الإسلام السياسى تطالب برجوع الرئيس المعزول وأرادت أن تشيع أن 30 يونيو انقلاب عسكرى ضد الرئيس مرسى وهذا مخالف تماما للحقيقة لأن الجيش المصرى برجاله البواسل بقيادة القائد العام الفريق أول عبدالفتاح السيسى لم ولن يقوم بانقلاب ولكن أراد أن يزيل الغضب الشعبى ضد النظام بسبب فشل الرئيس المعزول والذى أدى لانقسام البلاد، ولذلك أعطى فرصة مدة أسبوع للقضاء على الفجوة والانقسام بين الشعب والسلطة واحتواء غضب الشعب ولكن للأسف كانت ردود الفعل من الرئيس المعزول بمثابة وضع الزيت على النار وخاصة الخطبة الأخيرة التى أدت لزيادة غضب المصريين ونزول الملايين بالميادين لتصل إلى 28 مليون ثم زادت حتى وصل عدد المصريين المتواجدين بالميادين إلى 32 مليون مواطن مما دعا الفريق أول السيسى لإلقاء كلمة للشعب وأعطى فرصة أخرى لمدة 48 ساعة ولكن إرادة الشعوب دائما هى الأقوى من كل شىء مما اضطر القوات المسلحة وجهاز الشرطة من منطلق وطنية متأصلة فيهم أجبرتهم على أن يقفوا مع ملايين المصريين من هذا الشعب العظيم. والسؤال أمام الأصوات والأقاويل التى تنادى بمصالحة وطنية الآن هو: هل تجدى الآن هذه المصالحة الوطنية مع تيار الإسلام السياسى الذى ينادى برجوع الرئيس المعزول للسلطة؟ إن الأمر يحتاج لتفكير عميق قبل أن نتحدث عن مصالحة وطنية حيث إن تيارت الإسلام السياسى بمختلف اتجاهاته ليسوا أفرادا عاديين بل نشأوا فى جماعات لها فكر عقائدى وفكر مذهبى واجتماعى له خصوصيته وله آراء تختلف عن عامة الشعب المصرى الذى نشأ وتربى وتعلم الدين الإسلامى من الأزهر الشريف وتعلم القرآن الكريم من الشيخ متولى الشعراوى والشيخ شلتوت والشيخ عبد الحليم محمود هؤلاء علماء الدين الصحيح السمح دين الإسلام الوسطى. أما تيار الإسلام السياسى المعتصمون برابعة العدوية وميدان نهضة مصر فهم لا يمثلون إلا أنفسهم وكل ما سمعناه منهم يؤكد لجوءهم إلي العنف والإرهاب مما يؤكد عدم جدوى للمصالحة الوطنية إلا بعد أن يتم الآتى: أولا: مراجعات مكثفة مع الأعضاء البارزين بالجماعات الإسلامية المتشددة ومحاولة إشراك بعض علماء الأزهر وعلماء من هيئة كبار العلماء لكى تكون المراجعات ذات فائدة. ثانيا: معالجات نفسية قد نحتاج إليها أيضا قبل المصالحة الوطنية وتحتاج لأطباء. ثالثا: معالجات اجتماعية واقتصادية للبعض قبل المصالحة الوطنية. رابعا: الموافقة على عدم ربط الدين بالسياسة وعدم الارتباط بمبدأ السمع والطاعة فى الحياة العامة وممارسة السياسة حيث أن السياسة والديمقراطية لا تعرف مبدأ السمع والطاعة. من ثم تكون المصالحة الوطنية ذات جدوى ويأتى التفاهم بثماره وتلتئم الجروح ونستطيع إنهاء الفرقة والتعايش الطبيعى بين كل المواطنين ويعود الحب والوئام لكل أفراد هذا الشعب العظيم بمختلف تياراته وتوجهاته. ربان: رضا خطاب رئيس لجنة حزب الوفد بمدينة العبور wafdelobour@yahoo